16-يوليو-2022
الفنانة حورية بابا (الصورة: يوتيوب)

الفنانة حورية بابا (الصورة: يوتيوب)

قد تبدو كلمات أغناني "زرزورة"، "وقاتلك لميما"، "راني مريضة وما نبراش" لمن لا يعرف قصتها، حوارًا بين أم وابنتها أو وصية أخيرة لها، ولكنها بعض أجمل الأغاني التي صدحت بها خريجة مدرسة عميدا الأغنية الوهرانية بلاوي الهواري وأحمد وهبي، وواحدة من الأصوات النسوية الأصيلة، البعيدة عن الأضواء وضوضاء الساحة الفنّية وصخب منصات التواصل، رغم تجربتها التلفزيونية في مسلسل "بابور اللوح".

حورية بابا: الشاب حسني كان  يزورني في المنزل وكنا نحكي وندردش، كان إنسانًا سخيًا وطيّب القلب 

الفنانة حورية بابا أو "سمراء وهران" كما يلقبها البعض، تتحدث في مقابلة مع "الترا جزائر" عن واقع موسيقى الراي والأغنية الوهرانية وتكشف رأيها في الأصوات الجديدة التي تؤدي هذا اللون الفنّي، كما تعود حورية بابا التي تنحدر أصولها من أدرار في هذا الحوار إلى تجربتها الأولى في مجال التمثيل وهل ستواصل فيها أم تتوقف؟، وإلى ذكرياتها مع الراحل الشاب حسني .

  • شاركت في مهرجان الأغنية الوهرانية في طبعتها الـ 13،.. كيف كان لقاء الجمهور بعد غياب عامين بسبب وباء كورونا؟

أحاول ألا أغيب عن جمهوري، عندما شاهدت الجمهور حاضرًا بمسرح عبد القادر علولة، ضمن سهرات مهرجان الأغنية الوهرانية الذي أسدل ستاره مؤخرًا، وهو يردد كلمات الأغاني التي قدمتها ويرقص فرحًا متفاعلًا معها، أسعدني ذلك كثيرًا وأعتبره دائمًا حافزًا لي، خاصة وأنّ اللقاء جاء بعد غياب استمر عامين بسبب كورونا، وجدنا جمهورًا متعطشًا، كما كنّا نحن متعطشين للقائه، وبعودة الحفلات الفنية والموسيقية نسعى لإمتاع الجمهور في كل البلاد، ولا نبخل عليه، الفنان عليه إسعاد الجمهور، والأخير يسعدنا بحضوره.

  • الأغنية الوهرانية فقدت أعلام كبيرة مثل الراحل أحمد وهبي، بلاوي الهواري.. وغيرهم، ومقابل ذلك هناك توجه كبير للأصوات الشبابية نحو أغنية الراي دون البقاء في حضن الأغنية الوهرانية الأصيلة.. ما رأيك؟

صحيح قولك، لكن هناك أصوات جديدة وجب دعمها وتشجيعها والاهتمام بها من قبل السلطات والمسؤولين على الثقافة للحد من هذا النزيف أو هذه الموجة وعدم تركهم يغرقون في بحر الراي، وهذا لا يعني خلو الساحة الفنّية أو خلو هذا الطابع الفني الوهراني من الفنانين الكبار الذين لا يزالوا يخدمون الأغنية الوهرانية الأصيلة، وهم موجودون في الساحة ويؤدون ما عليهم من أمثال الأستاذ بارودي، ولهاصي، معطي الحاج.

كيف استطاعت الأغنية الوهرانية أن تحافظ على بقائها في ظل سيطرة "الراي" في الساحة الفنية بوهران؟

الحفاظ على الأغنية الوهرانية الأصيلة على صعيد كل عناصرها كان من جيل إلى جيل أخر أي هناك تكامل، وبالنسبة لجيلنا أعطيك مثالا تخرجنا من مدرسة الفنان الراحل بلاوي الهواري والأستاذ الراحل أحمد وهبي، وتم تحضيرنا وتجهيزنا على كل الجوانب وبالتالي لابد من مواصلة مسيرتهم والحفاظ على الأغنية الوهرانية لأننا نملك كل الوسائل، وتبقى فقط أنّه على المسؤولين تنشيط الساحة الفنّية من خلال برمجة مهرجانات وحفلات فنّية لترسيخ الأغنية الوهرانية في ريبرتوار الفن الجزائري وضمان استمراريتها وعدم اندثارها.

  • من خلال حديثك، يفهم أنّ وضع الأغنية الوهرانية اليوم بخير؟

الأغنية الوهرانية تبقى كما هي، لا تمرض، ولا تتراجع، ما تزال تحافظ على قالبها الفنّي وكلماتها وألحانها، ووجب على الجيل الجديد الحفاظ عليها والحفاظ على كل خصائصها ومميزاتها، ورغم تطور فن الراي أو كلمة (الراي) التي تذهب وتغيب، إلاّ أنّ كلمات الأغنية الوهرانية باقية وحاضرة بفضل عوامل كثيرة من بينها نقاء كلماتها، التي يمكنك سماعها مع المنزل مع العائلة أو مع أحبابك أو أصحابك وأصدقائك، لكن أغاني الراي نادرًا ما تستطيع سماعها وأنت مع العائلة.

  • لكن.. فن "الراي" عالمي وجذوره تمتد إلى الأغنية الوهرانية والطابع البدوي؟

عندما نعيب توظيف كلمات هابطة في الراي فنحن لا نقصد التعميم، طبعًا موسيقى الراي أو أغنية الراي الحماسية تتضمن كلمات جيّدة ومحترمة وتقدم بآداب وبأسلوب جميل، لكن هناك من همّشها وقلّل من قيمتها من خلال باللجوء إلى استعمال كلمات رديئة إن صح التعبير، أغنية الراي شبابية وحماسية وراقصة، وتستخدم موسيقى عصرية، لكن ما أريد قوله هو توجيه رسالة إلى من يؤديها من جيل اليوم بضرورة الحفاظ عليها باختيار الكلمات وفقط، أمّا موسيقى الراي فرائعة.

  • "الراي".. كموسيقى جزائرية عالمية، بفضل ثلة من الفنانين، انطلقت من أزقة شعبية بوهران نحو العالم .. هلّا ذكرت لنا بعض الأحياء التي لا تزال شاهدة على تألق نجوم الراي ورواج صوت هذا الفن في أرجاء المعمورة؟

نعم، هناك عدّة أحياء معروفة في مدينة وهران، انطلقت منها موسيقى الراي مثل حي الحمري والكميل ومديولني وسانتوجان الحيّ الذي أقيم فيه حاليًا، وكان يقيم فيه أحدّ نجوم أغنية الراي المرحوم الشيخ فتحي، لذلك أزقة وهران الشعبية شاهدة على ميلاد فنانين معروفين أمثال الشاب خالد.

  • خضت أول تجربة تمثيل في مسلسل درامي بعنوان "بابور اللوح" الذي شاهده الجزائريون في شهر رمضان المبارك، حدّيثنا عن هذه التجربة؟

تم الاتصال بي للمشاركة في هذا العمل الدرامي، وعندما قدّم لي النص، أعجبت بقصة الدور وبالسيناريو ككل، وأخبرتهم أنّه يجب أن أتقمص هذه الشخصية (هوارية أم مراد وحسني) وأكون إلى جانب الممثلين في صنع أطوار هذا العمل، وبكل صراحة وجدت كل الدعم والمساعدة من فريق المسلسل وخاصة من قبل الممثلة المعروفة فضيلة حشماوي، إضافة إلى الممثل عبد القادر جريو، كانت التجربة ممتعة وأخذت بعض الخبرة في مجال التمثيل.

  • ماذا بعد "بابور اللوح"، هل ستخوض حورية بابا تجربة تمثيل جديدة؟

نعم، المسلسل فتح شهيتي للتمثيل، سأواصل خوض تجربة أخرى في هذا المجال، خاصة بعدما تلقيت عروضًا للمشاركة في مسلسل تلفزيوني وأفلام، وأتمنى أن أكون حاضرة فيها ولا أخيب ظنّهم.

  • انطلاقًا من ميلادك ونشأتك بوهران، أكيد تعرفين الراحل الشاب حسني "عندليب الراي".. ماذا يمكنك أن تقولي عن هذا الفنان الذي كسب قلوب الجزائريين؟

الشاب حسني شقرون، رحمه الله، كان أخي، كان هو وشقيقي هواري بابا بمثابة أخوان شقيقان، جمعهما حي قمبيطةبوهران، كانا أيضًا جارين، كما كان الراحل حسني يزورني في المنزل، كنّا في لقاءاتنا نحكي وندردش، كان إنسانا طيّب القلب وإنسانًا سخيًّا، وفنانًا بأتم معنى الكلمة.

  • هل تتذكرين مواقف طريفة أو حزينة حدثت لك معه، أو جمعكما عمل أو جولة فنّية مع بعض؟

عملت مع المرحوم حسني كثيرًا في المغرب، سجلت معه عدة أغاني وكنت أؤدي له الكورال، من بينها الأغاني التي جمعتنا مع بعض "العطّار يا العطّار".. حسني وفنانين كثر رحلوا رحمهم الله ومن هو على قيد الحياة أطال الله في عمرهم.

حورية بابا: عملت مع المرحوم حسني كثيرًا في المغرب، سجلت معه عدة أغاني وكنت أؤدي له الكورال

  • إضافة إلى مشاريعك القادمة في التمثيل، ماذا عن جديدك في الغناء؟

أعكف حاليًا على التحضير لألبوم رفقة أخي هواري بابا، وأغاني العمل من كلماته وتلحينه وهي تسلط الضوء في مجملها على الوالدين وتحديدًا الأب.