11-أكتوبر-2022

يتخوّف خبراء من تبعات قرار استيراد السيّارات المستعملة (الصورة: FRACE 3)

أثار قرار مجلس الوزراء برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون الذي يقضي بالسماح باستيراد السيارات المستعملة أقل من 3 سنوات، موجة من التعاليق الساخرة موجّهة للسماسرة وباعة السيارات بعد رفعهم الأسعار في الأسواق إلى مستويات خيالية في ظلّ نقص عروض السيارات الجديدة بسبب غلق الاستيراد.

اقترح أحد المتفاعلين مع القرار على الجزائريين التوجّه للسوق الليبية والموريتانية لتفادي سماسرة السيارات الأوروبية

وأحدث القرار تفاعلًا كبيرًا من الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يبرز اهتمامهم بالموضوع، إذ اختلفت الآراء الفيسبوكية بين استحسان كثيرين للقرار، إلى حدّ وصل إلى التهكم على الباعة الذين عرضوا سياراتهم للبيع في السابق بأسعار باهظة، إلى درجة 'التشفّي"  في الذين لم يستجيبوا إلى دعوات المقاطعة لخفض الأسعار في السوق.

 

محرّك البحث: سيارات

رقميًا، كتبت العديد من الصفحات الفيبسبوكية التي تعنى بمجال بيع وشراء السيارات، وحتى النشطاء في الفضاء الافتراضي بأن باعة السيارات أو " سماسرة السيارات"، يعيشون حالة من الإحباط والألم، بعد القرار، مثلما نشرته صفحة " حسام سيارات دي زاد"، وهي صورة تهكمية، تلتها عشرات التعاليق في الاتجاه نفسه، وأغرقت الحساب بالتهكم على باعة السيارات الذين رفضوا بيعها قبل القرار ورفعوا الأسعار لحد الخيال.

زلزال القرار

أولًا، تصدرت كلمة "سماسرة السيارات" محرّكات البحث الإلكترونية في نطاق الجزائر خلال الـ 24 ساعة الأخيرة، إذ تبع القرار الذي أعلنت عنه وسائل الاعلام الجزائرية بعد الإفراج عن بيان رئاسة الجمهورية، زلزالًا على مستوى الشبكات الاجتماعية، وعلى رأسها على مستوى الموقع التجاري المعروف في الجزائر "وادي كنيس" الذي عجّ بالتعليقات والعروض، إذ بادر العشرات في عرض سياراتهم للبيع قبل البدء في تنفيذ قرار الرئيس ما يعني خفض الأسعار، وتفويت فرصة ذهبية من الأرباح.

كسر سلسة الغلاء

"الحزن، الضجر، والخوف" بعد القرار، هي الصفات والنعوت التي رافقت تعليقات نشطاء الفضاء الأزرق، إذ سيعجّل القرار الرسمي بالنسبة للكثيرين مسألة بيع سياراتهم، قبل البدء في الاستيراد ومباشرة آلياته وإجراءاته ميداينًا، إذ يفيد القرار تجاريًا: " كثرة العرض يخفّض من الأسعار"، وهو ما يعطي للسماسرة "ضربة قوية بعد رفض الكثيرين بيع سياراتهم قبل القرار، مثلما أشارت له صفحة" أخبار الميلية"، متسائلة عن شعور سماسرة السيارات؟

ثانيًا، وبعيدًا عن السيارات الأوروبية، اقترح أحد المتفاعلين مع القرار على الجزائريين التوجّه للسوق الليبية والموريتانية، من أجل اقتناء السيارات أقل من 3 سنوات تجنبًا لما أسماه بسماسرة السيارات الأوروبية واحتكار السوق الموجهة من الضفة الأخرى من البحر المتوسط.

العملة الصّعبة في الواجهة

أما ثالثا، فهذا القرار لن يمرّ مرور الكرام، ولن يكون مدعاة للفرحة الكاملة، أي وكما يقال:" فرحة لم تتمّ" إذ تشهد الجزائر منذ سنوات أزمة " سوق العملة الصعبة الموازية" أو ما يسمى بسوق " "السّكوار " بقلب العاصمة الجزائرية، إذ يتخوف البعض من أن اليورو والدولار سيعرفان ارتفاعا جنونيا بمجرد قرار مجلس الوزراء، وذلك مايعني أن ما يربحه المواطن من شراء سيارة بسعر معقول سيخسره في المقابل في شراء العملة الصعبة.

أكثر من سؤال وجدل

في الغالب قرارات مجلس الوزراء دائما تأتي في شكل قطعي، وتحتاج إلى تفسيرات من المسؤولين على كلّ قطاع من القطاعات الوزارية المدروسة، وتفسير للطريقة التي سيتم بها استيراد السيارات فضلا عن تفاصيل العمليات الجمركية.

وفي هذا المضمار، كتب نبيل بومهدي معلقًا على القرار بأن هناك مغالطات بخصوص "فرحة العشرات بالقرار"، فهناك مشكلة الرسوم الجمركية والرسوم على القيمة المضافة وقيمة الشحن، وهو ما سيكبد الزبائن مبالغ كبرى قد يستثمرونها في شراء سيارات جديدة وذات جودة ونوعية رفيعة.

وخوفًا من انهيار الأسعار، عشرات المواقع الإلكترونية لبيع السيارات نشرت صور وخصوصيات السيارات المعروضة للبيع منذ الدقائق الأولى لنزول خبر القرار الرسمي.

كلّ يدافع عن مصلحته

اللاّفت أن التعليقات المستجدّة التي عجّت بها وسائط التواصل الاجتماعي بسبب هذا القرار الرسمي، تتجه نحو " السمسرة الالكترونية"، وكلّ يروج لما يراه مناسبا لجيبه وقدرته المادية وأمله في شراء سيارة، إذ انحاز البعض إلى محاولات لـ" تغليط الرأي العام" من خلال تعليقات أو منشورات بغية إبقاء الأسعار مرتفعة في سوق السيارات".

بينما يحاول البعض تحليل المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام المحلية، وتقديم حلول تفسيرية لقرار المجلس الرئاسي والترويج لـ " كسر الأسعار" لتلبية مصالحهم، فالكثيرون يطمحون لانخفاض أسعار السيارات.

كلا الطرفان يدافعان عن مصالحهما، تلبية لقانون العرض والطّلب، بينما ظهرت أطراف ثالثة، تطالب بالتريث ريثما تفرج السلطات المعنية بتفاصيل أوفى وأوضح حول القرار، إذ من واجب الحكومة والقطاعات المعنية بالاستيراد من قريب ومن بعيد توضيح الأمر للمواطنين خصوصا وأنها تتعلق بعمليات استيراد من خارج الحدود الجزائرية وتحتاج إلى وقت ومال وشروط وآليات، بعيدا عن كلّ الشبهات.

شروط الاستيراد

للعلم، تداولت معلومات تفيد أن استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات تكون من المواطن المعني شخصيًا باقتناء السيارة ولا يمكن توكيل شخص آخر، كما أن السيارة المستوردة لا يمكن بيعها أو التنازل عنها إلا بعد مدة تتراوح ما بين 03 الى 05 سنوات"، وهذا القرار في حدّ ذاته سيعطّل آليات الشراء والبيع.

وكتب الإعلامي مروان الوناس عبر تدوينة فيسبوكية، بأنه وجب شرح وتفسير حيثيات القرار وكيفية تطبيقه وتنفيذه على أرض الواقع، قائلًا أن: "القرار شيء والتنفيذ شيء آخر".

قرار السماح للمواطنين استيراد السيارات بإمكانياتهم المادية، سيعرف الكثير من التأويلات

يبدو أن قرار السماح للمواطنين استيراد السيارات بإمكانياتهم المادية، سيعرف الكثير من التأويلات، ويحتاج أكثر توضيح من المعنيين لغلق كلّ أبواب الجدل الحاصل في الشبكة العنكبوتية، فبالإضافة إلى تخفيف العبء على المواطنين لشراء سيارات بأسعار معقولة، فإن هذا القرار بحسب المختصِّين يستهدِف أيضا امتِصاص العملة الصّعبة الرّائجة في السّوق المالية الموازية، والتي تُكبِّد الخزينة العمومية المليارات.