29-أبريل-2021

عياشي دعدوعة, عبد الرزاق مقري, الصادق بوقطاية, صديق شهاب (الترا جزائر)

 
راهن الرّئيس عبد المجيد تبّون على نسبة مشاركة واسعة، في انتخابات التّعديل الدّستوريّ التّي نُظِّمت في الفاتح من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حتّى يغطّي على مقاطعة ثلثي الهيئة النّاخبة في الانتخابات الرّئاسيّة التّي جاءت به إلى سدّة الحكم أواخر عام 2019، لكنّ نسبة المشاركة في انتخابات الدّستور كانت هزيلة ومخيّبة للآمال، بما أدّى به إلى الإعلان عن حلّ البرلمان ودعوة الهيئة النّاخبة إلى انتخاب برلمان جديد يوم 12 حزيران/جوان القادم. 
هناك جملة من السّلوكات الموصوفة بالانتماء إلى سلبيّات العهد السّابق شوّشت شعبيًّا على صورة الانتخابات مسبقًا
تراوحت استجابة الطّبقة السّياسيّة والمجتمع المدنيّ لهذا المسعى الانتخابيّ؛ بين الانخراط فيه، 53 حزبًا مشاركًا إلى جانب عشرات القوائم الحرّة، والمقاطعة التّي دعت إليها أحزاب كانت مشاركة في البرلمان السّابق. 

 

ورغم أنّ القانون الجديد للانتخابات حاول أنّ يوفّر شروط النّزاهة، من ذلك دعم الحكومة للقوائم الشّبابيّة ماليًّا، حتى يوضع حدّ لتدخّل المال الفاسد، واعتماد آليّة الانتخاب النّسبيّ ومنع البرلمانيّين السّابقين من التّرشّح، إلّا أنّ جملة من السّلوكات الموصوفة بالانتماء إلى سلبيّات العهد السّابق شوّشت شعبيًّا على صورة الانتخابات مسبقًا؛ وقد تعمل على المساهمة في الحدّ من المشاركة التّي يظلّ المحيط الرّئاسي يُراهن عليها. 
من ذلك إقدام وزراء سابقين وحاليّين وسياسيّين ورؤساء أحزاب موالية ووجوه محسوبة على السّلطة؛ وقد عمّر معظمهم في البرلمانات السّابقة، على ترشيح أبنائهم وأقاربهم للتّشريعيات القادمة، في خطوة أعطت الانطباع بأنّ نبرة التّجديد التّي تغلب على الخطاب الرّسميّ مجرّد فقاعات كلاميّة ولا امتداد لها في الميدان. 
نجد من بين هؤلاء رئيس حركة البناء والمترشّح الرّئاسيّ السّابق عبد القادر بن قرينة، الذّي رشّح ابنه في قائمة حزبه بالجزائر العاصمة؛ وزميله السّابق أبو جرّة سلطاني الذّي رشّح ابنه ضمن قائمة حرّة في العاصمة أيضًا، كما رشّح وزير الشّؤون الدّينيّة والأوقاف يوسف بومهدي ابنته باسم جبهة التّحرير الوطنيّ، وعن الحزب نفسه رشّح القياديّون العيّاشي دعدوعة والصّادق بوقطّاية ومصطفى معزوزي أولادهم، تمامًا مثلما فعل القيادي في حزب التّجمّع الوطنيّ الدّيمقراطيّ شهاب الصّدّيق بترشيح ولده باسم الحزب في ولاية ميلة. 
هنا، يقول النّاشط عامر بوقطّاية إنّ المشهد السّياسيّ الوطنيّ بصدد عقليّة التّوريث، "حتّى لا يحدث التّخلّي عن المناصب والامتيازات التّي يعيشون فيها لعقود". يضيف: "ترشيح أحدهم لابنه أو قريبه في حزب دون التّدرّج في المسؤوليات السّياسيّة والنّضال الحزبيّ هو ردّ مباشر على المادّة الجديدة في قانون الانتخابات التّي منعتهم من الاستمار لعقود أخرى في المجالس الشّعبيّة واستنزاف الخزينة العموميّة".
ويخلص محدّث "الترا جزائر" إلى القول إنّ كلّ اللّذين رشّحوا أبناءهم هم حاملو عقليّة إقطاعيّة تنظر إلى الشّعب بعين الاستصغار، وتستولي على شرعيّة التّواجد في مفاصل السّلطة.

من جهته، يرى الطّالب والنّاشط حمزة بن حياهم أنّ القانون الذّي منع الذّي تولّى منصبًا برلمانيًّا لعهدتين من التّرشّح هذه المرّة؛ يصبح متعسِّفًا إذا منع أقاربه من التّرشّح فقط بسبب تلك القرابة؛ "ابن أو شقيق المسؤول السّابق هو في نظر القانون مواطن مالك لحقّ التّرشّح والانتخاب والممارسة السّياسيّة؛ وعلى من يتحفّظ من الشّعب عليه ألّا ينتخبه". 

من هنا يرى بن حياهم أنّ الغريب ليس أن يترشّح أقارب الوجوه السّابقة بل أن يجدوا من ينتخبهم ليخلفوا آبائهم في واحدة من أهمّ مؤسّسات الدّولة؛ "علينا رفض تجديد المنظومة القديمة، لكن وفق قوانين الجمهوريّة، حتّى لا نقع في التّعسّف أو الفوضى أو الفرص الضّائعة". 
الأوساط النظامية المتخوّفة من مقاطعة شعبية واسعة أمام مأزق جديد هو هشاشة شرعيّة المؤسّسة التّشريعيّة
وبقدر ارتياح الأوساط النّظاميّة لغلبة الوجوه الشّبابيّة وغير المتورّطة في تسيير المرحلة البوتفليقية، على القوائم الحزبيّة والمستقلّة، بقدر إرسالها إشاراتٍ على تخوّفها من مقاطعة شعبيّة واسعة؛ على غرار ما حدث في انتخابات الاستفتاء على الدّستور؛ بما يضعها أمام مأزق جديد هو هشاشة شرعيّة المؤسّسة التّشريعيّة.