17-يناير-2018

أحمد رزّاق

لا يكتفي المخرج والسينوغرافي المسرحي الجزائري أحمد رزّاق بإنجاز عروض مسرحية تلفت الانتباه إليها، بما تقدّمه من جماليات جديدة حرّرت المسرح الجزائري من نمطيته وترهّله، بل يناضل أيضًا في الواقع من خلال سعيه إلى تأسيس نقابة غير متواطئة للمهنيين في مجال الفنّ الرّابع، ومن خلال منشوراته في مواقع التّواصل الاجتماعي، بجرأة باتت تثير الرّعب في نفوس السّياسيين والفنّانين الذين "يعيشون بالوطن ولا يعيشون له".

لم يستلم أحمد رزّاق جائزتي أفضل نصّ وأفضل إخراج، في مهرجان المسرح المحترف، كي لا يتلتقي وزير الثقافة الذي ينتقده دائمًا

قبل أسبوعين، افتكّت مسرحيته "كشرودة" خمس جوائز في "المهرجان الوطني للمسرح المحترف"، منها جائزتا أفضل نصّ وأفضل إخراج، فظنّ البعض أن ذلك سيؤدّي بأحمد رزّاق إلى التّخفيف من لهجته المعارضة، ذلك أن منح الجائزة في الجزائر واحد من طرق شراء الذّمّة، لكنّ الرّجل خيّب هذا النّوع من الظّنون مرتين، من خلال غيابه عن حفل توزيع الجوائز، حيث لم يلتق وزير الثّقافة الذي لم يخلُ يوم من منشور ينتقد فيه سياسته، ومن خلال استمراره في انتقاد هذه السّياسة ساعات بعد انتهاء المهرجان.

اقرأ/ي أيضًا: مهرجان المسرح المحترف في الجزائر.. الفنّ يغلب التقشّف

نزل أحمد رزّاق ضيفًا على فضاء "صدى الأقلام" في الجزائر العاصمة، فقال إنّ معارضته ليست ضدّ الوطن كما تحاول المنظومة السّياسية التي تحتكر المشهد أن تقنع النّاس بذلك، "بل ضدّ الوجوه والتوجّهات السّياسية والثقافية التي لا تخضع في تسييرها لإستراتيجية منسجمة مع الرّهانات، التي يتعيّن على الجزائر أن تخوضها في الوقت الرّاهن".

ليس معقولًا، يقول أحمد رزّاق صاحب مسرحية "طرشاقة"، ألا تُرفع الوصاية عن المسرح بعد ستّين عاما من الاستقلال الوطني، فيبقى مسيّرًا بعيدًا عن الاعتبارات الفنّية، ممّا يجعل عطاءاته محدودة وموجهة وخادمة للسّياسة القائمة لا لصناعة وعي جديد. يشرح: "معظم القوانين واللّوائح المسيّرة للمهرجانات والتّظاهرات والمؤسسات المسرحية توضع أو تحذف من غير استشارة المهنيين".

من هنا، يقول أحمد رزّاق إنه ينتظر نهاية مدّة العقود التي تربط عروضه بالمسارح الحكومية التي أنتجتها ليسحبها منها ويتولّى توزيعها ذاتيًا. يسأل: "ما معنى أن تكون مسرحية ما ناجحة إعلاميًا ونقديًا من غير أن يكون ذلك سببًا في توزيعها على نطاق واسع؟ إنني أستحي من جمهور المدن البعيدة المحروم من مشاهدة عروضي لأن المسارح الحكومية لم تعمل على توزيعها خارج المدن الموجودة فيها".

سبق لأحمد رزّاق أن مهّد لهذه النّظرة المستقلّة بخطوة رامزة، حيث قرأ نصًّا على البحّارة في مدينة عنّابة، 600 كيلومتر إلى الشّرق من الجزائر العاصمة، في إشارة منه إلى التحرّر ممّا أسماه تواطؤ لجان القراءة في المسارح الحكومية، وباشر، رفقة الممثل شكري بولمدايس، الإعداد للعرض في الشّاطئ، "كيف ننتظر من المسرح أن يصنع عقولًا حرّةً إذا لم يكن منطلقه حرًّا أصلًا"؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

محمد لحواس.. أن يلعب الممثّل دوره مضاعفًا

عزّوز عبد القادر.. أن تسحب أفريقيا إلى المسرح