سياسة

أحمد عطاف في الشرق الأوسط.. ترتيب الأوراق مع سوريا ولبنان

14 فبراير 2025
زيارة وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف لسوريا ولبنان.png
زيارة وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف لسوريا ولبنان (صورة: الترا جزائر)
الترا جزائر
الترا جزائر

أعادت الجزائر ترتيب علاقاتها مع سوريا ولبنان بناءً على الوضع السياسي والمؤسساتي الجديد للبلدين، وباشرت بالنّسبة لدمشق علاقة سياسية جديدة مع السلطة الحاكمة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، خاصة في أفق تطورات صعبة تشهدها المنطقة، وقبيل انعقاد قمة عربية طارئة مقرّرة نهاية الشهر الجاري في العاصمة المصرية القاهرة.

أستاذ العلوم السياسية جمال يحياوي لـ" الترا جزائر": محور سوريا -لبنان مهمّ بالنّسبة للجزائر في علاقة بالقضية الفلسطينية وتبعاتها التي تشمل المنطقة 

وقد بدأت الجزائر مرحلة جديدة في علاقاتها مع سوريا بعد التّغيير الذي شهدته القيادة في دمشق عقب سقوط نظام بشار الأسد يوم الثامن كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وقد تمّ تعزيز هذه العلاقات خلال زيارة وزير الخارجية أحمد عطاف إلى سوريا، الذي التقى خلالها بالرئيس السوري أحمد الشرع، وسلّمه رسالة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بالإضافة إلى زيارة لبنان في ظرف صعب يمرّ به هذا البلد.

صفحة جديدة 

تسعى الجزائر من خلال الزيارة إلى دمشق ثم بيروت، نحو تكريس حُضُورها السياسي في المنطقة، وذلك من وِجهة نظر المُتابعين لتحرّكات الدبلوماسية في الجزائر.

وفي هذا السياق، أشار أستاذ العلوم السياسية جمال يحياوي إلى أنّ محور سوريا -لبنان مهمّ بالنّسبة للجزائر في علاقة بالقضية الفلسطينية وتبعاتها التي تشمل المنطقة ككلّ.

وأضاف في تصريح له لـ" الترا جزائر" بأنّ هذه الزيارة يمكن أن "تُسهم في تفاهمات تسبِق القمة العربية المقررة في القاهرة في 27 شباط/فبراير الجاري بشأن القضية الفلسطينية والعدوان الاسرائيلي، وهو الملف الذي يعني سوريا ولبنان.

وفي هذا الإطار، أشار إلى مساعي الجزائر لتوظيف موقعها في مجلس الأمن لتعزيز موقفها السياسي كصوت عربي في الهيئة الأممية لصالح كل من سوريا ولبنان.

كما لفت إلى تصريحات عطاف خلال لقائه الرئيس السوري أحمد الشرع، حيث أكد "استِعداد الجزائر للإسهام سواءً على الصعيد الثنائي أو من موقعها بصفتها العضو العربي بمجلس الأمن الأممي، في دعم ومُرافقة المساعي الرامية للم شمل الشعب السوري حول مشروع وطني جامع يُعيد بناء مؤسسات الدولة ويُوفّر مقومات الأمن والاستقرار والتنمية".

مُفاجأة.. خلفيات

فاجأت زيارة عطاف إلى سوريا المتابعين، حيث لم تكُن مُنتظرة في الوقت الحالي، بالنّظر إلى المواقف السابقة للجزائر من الأزمة السورية، وجاءت من دون إعلان مُسبق بعدما كانت السلطات الجزائرية قد أعادت سفيرها في سوريا كمال بوشامة إلى الجزائر وأبقت السفارة تحت إدارة القائم بالأعمال إلى حين تعيين سفير جديد في دمشق. وكان الوضع مشابهًا بالنسبة لبيروت، حيث أعيد السفير رشيد بلباقي إلى الجزائر بانتظار وصول السفير الجديد.

عامل المفاجأة الأهم؛ يكمن في أنّ الجزائر ظلت حتّى الأيام الأخيرة من حُكم الأسد، مُنحازة إلى النّظام في مواقفها، فقد أجرى وزير الخارجية أحمد عطاف مُكالمة هاتفية مع وسام الصباغ وزير خارجية الأسد، قبل خمسة أيام من سقوط النظام وصف فيها عطاف المعارضة بـ "التّهديدات الإرهابية".

مواقِف 

ظلّت الجزائر تنظُر إلى المعارضة في سوريا بعين التردُّد أو "التوجُّس" حتّى وصولها إلى مرحلة استلام الحُكم في سوريا، وإلى حين صُدور بيان الخارجية الذي دعا فيه "كافة الأطراف السورية إلى الوحدة والسلم"،  كما شدّد البيان على "على الحوار بين أبناء الشعب السوري، بكافة أطيافه ومكوناته، وتغليب المصالح العليا لسوريا الشقيقة والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد، والتوجه إلى المستقبل لبناء وطن يسع الجميع".

حتّى تاريخ الـ 30 كانون الأول/ ديسمبر الماضي؛ وخلال عرضه للحصيلة السنوية للدبلوماسية الجزائرية؛ أكد عطاف على أنّ "السفارة الجزائرية في دمشق تواصل عملها بشكل طبيعي، والجزائر تعترف بالدول وليس بالحكومات، وهو نهج يعزز مرونة الموقف الدبلوماسي الجزائري عبر التاريخ".

هذه الزيارة يمكن أن تُسهم في تفاهمات تسبِق القمة العربية المقررة في القاهرة في 27 شباط/فبراير الجاري بشأن القضية الفلسطينية والعدوان الاسرائيلي، وهو الملف الذي يعني سوريا ولبنان

وقال وزير الخارجية إنّ "سوريا تتسع للجميع، ويشارك في صنع مستقبلها جميع السوريين"، موضّحاً أنّ "بلاده تتبنّى موقفاً واضحاً من الملف السوري يرتكز على ثلاث ركائز أساسية وهي وحدة التراب السوري، شمولية الحل لجميع السوريين دون إقصاء وضرورة إشراف الأمم المتحدة على أي حوار سياسي للحفاظ على مستقبل سوريا".

ويجدُر التذكير هنا أنه منذ عام 2011 ولأول مرة؛ وصفت الجزائر ممارسات الأسد ضدّ السوريين بـ "المجازر"، وذلك من خلال تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون في رده على أسئلة الصحيفة الفرنسية "لوبينيون"، عبر حوار نُشر الأحد الماضي بقوله:" كنّا دائمًا على تواصل مع الرئيس السوري السابق، مع التمسك بموقفنا الرافض للمجازِر ضدّ شعبه، وقبل سقُوطه، أرسلت له مبعوثًا خاصًا".

واقعية سياسية

تعكِس جولة رئيس الدبلوماسية أحمد عطاف إلى الشرق الأوسط، خطوة نحو طيّ صفحة نظام بشار الأسد، وفق أستاذ العلوم السياسية، كما أنّها "قلّصت المسافة بين الجزائر وسوريا"، كما يُنظَر إليها بـ الزيارة النّوعية" كونها أول زيارة لمسؤول جزائري رفيع المستوى منذ آخر زيارة لوزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة في تموز/ جويلية 2022.

كما قال إنّ "الجزائر تقف على خطّ واحد أمام القضايا العربية، خصوصاً في ظلّ المتغيرات الدولية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط"، ويُضيف أنّ "طي صفحة الماضي مع سوريا وزمن نظام بشار الأسد كان أمرًا متوقعًا".

في السياق؛ عزا ذلك إلى أنّ عقيدة الجزائر تقوم على التعامل مع الدول فقط، بينما جرت مُحاولات خلف الواجهة بمبادرة الجزائر لـ "القيام بوساطة من أجل حقن دماء السوريين"، خاصة وأنّها المرة الأولى التي يُدين فيها مسؤول جزائري ممارسات الأسد، حيث وصفها الرئيس تبون بـ "المجازر".

زيادة على ما سبق؛ تهدف خطوة الجزائر نحو سوريا أيضاً إلى "جمع التقديرات السياسية (تقدير المواقف) والاستِعداد للتوجّهات في السياق العربي، وتحت غطاء الجامعة العربية،  من دون الوقوف في خطّ موقِف اللاموقف"، لأنّ عدم إبداء المواقف في ظلّ الظروف الراهنة في حدّ ذاته موقف".

وأضاف قائلاً: " في خضم هذه المتغيرات على الساحة السياسية والأمنية في الشرق الأوسط، لا يُمكِن أن تقف الجزائر في وضعية المُتفرّج، كما أنّ الدبلوماسية الجزائرية تستهدِف فهم توجُّهات القيادة الحالية في سوريا". وبعبارة أخرى، الزيارة تُمثّل "محاولة لتوضيح الرؤية السياسية والاتجاهات الجديدة التي يقودها الرئيس أحمد الشرع. وتوضيح رؤية الجزائر في الآن نفسه"

العامِل التاريخي

بالإضافة إلى زيارة عطاف والرسالة الخطية التي وجهها الرئيس تبون إلى الرئيس أحمد الشرع والعرض الذي قدمته الجزائر لدمشق بالمساعدة في مجلس الأمن، يبرُز العامل التاريخي الذي لا يقلّ أهمية عن متغيرات السياسة، إذ يُساعد في تعزيز العلاقات بين البلدين.

ويتعلّق بـ"الجالية الجزائرية التاريخية في سوريا والميراث الثقافي للأمير عبد القادر الجزائري، خاصة وأنّ العلاقات الجزائرية السورية ممتدّة عبر الزمن، وهو جسر لم ينقطع"، مثلما أشار أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر عبد الكريم صاولي لـ" الترا جزائر".

وبخصوص هذه الزيارة علّق بالقول:" على مرّ  عقود من الزّمن تسير الدبلوماسية الجزائرية وفق مزيج من المبادئ الثابتة والواقعية السياسية، المبنية بالأساس على التكيّف مع مختلف التحولات الإقليمية، خاصة انطلاقاً من مُستجدات الأوضاع في المنطقة".

وأضاف:" يُمكن أيضاً ملاحظة مساعي الجزائر نحو تعزيز موقعها ودورها كشريك استراتيجي لسوريا".

 

 

أما بالنّسبة للبنان، حرِص عطاف على لقاء كل القيادات اللبنانية: الرئيس جوزيف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نوّاف سلام ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، كما أكد "استعداد الجزائر لمواصلة الدفاع عن لبنان من موقِعها بصفتها العضو العربي بمجلس الأمن الأممي".

 وفي هذا المنحى؛  قال الأستاذ صاولي إنّ أمن لبنان واستقراره السياسي يُشكّلان أولوية في السياسة الخارجية، خاصة وأنّ الجزائر ستواصل المساعي بهدف تعزيز الاستقرار الإقليمي ودعم لبنان في شتى المجالات، في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي يمرّ بها.

كما لا يقلّ الشق الاقتصادي أهمية؛ إذ يُمثِّل لبنان سوقاً للطاقة بالنسبة للجزائر، حيث كانت شركة سوناطراك ترتبط بعُقود تمويل لبنان بالوقود منذ عام 2005.

وتُقدم الجزائر مساعدات إلى لبنان خاصة في مجال الطاقة، حيث كانت ارسلت قبل فترة شحنة وقود لصالح لبنان للمساعدة على تطوير محطات الطاقة، كما أرسلت شحنة من الاسمنت موجه بإعادة بناء مرفأ بيروت. 

 

الكلمات المفتاحية

قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا

الجزائر تُعزّز المساعي القانونية الأفريقية لتصنيف الاستعمار كجرائم حرب

تعملُ أربع دول أفريقية، هي الجزائر وجنوب أفريقيا وغانا ونيجيريا، على تطوير آليات سياسية وقانونية لتنفيذ القرار الأفريقي الذي يطالب بـ "تصنيف الاسترقاق، الترحيل والاستعمار كجرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية".


مجلس الأمة

التحالفات الحزبية تطغى على انتخابات "السينا".. سيناتورات "هجينة" مُنتظرة

على بُعد ساعات من فتح صناديق الاقتراع أمام الناخبين على مستوى مقرات المجالس الولائية لاختيار أعضاء مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) في إطار التجديد النصفي كل 3 سنوات. تضبط التشكيلات السياسة الروتشات الأخيرة على وقع تحالفات سياسية مُحكمة لضمان تدارك تفاوت التمثيل الحزبي عبر المجالس المنتخبة على المستوى الوطني.


أشغال المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي.jpg

تجريم الاستعمار...هل يتبنّى الأفارقة مُبادرة "التعويضات والظّلم الكولونيالي"؟

من المُنتظر أن تُطرح قضية العدالة التاريخية عن الظلم الاستعماري على طاولة القمة الأفريقية على مستوى الرؤساء المقررة يومي 15 و16 شباط/ فبراير الحالي بأديس أبابا.


أحداث ساقية سيدي يوسف  بتونس.jpg

ساقية سيدي يوسف.. كيف دفع التونسيون ثمن دعمهم للثورة الجزائرية؟

 في الثامن من فيفري/شباط من العام 1958، صنع الشعبان الجزائري والتونسي أحد ملاحم تاريخهما ونضالهما المُشترك، حينها كانت تونس لم تحتفل بعد بالعام الثاني لاستقلالها، امتزج فيها الدمّ الجزائري والتونسي

(الصورة: فيسبوك)
ثقافة وفنون

المخرج عباس فيصل: تمثيل الجزائر في مهرجان "العودة" الفلسطيني شرف لا يقدّر بثمن

عباس فيصل ممثل مسرحي ومخرج سينمائي صاعد متخصص في صناعة الأفلام الوثائقية، حاصل على شهادتي تقني سامي في المحاسبة والتسيير، وليسانس في علم المكتبات والمعلومات، يترأس نادي الفن السابع بالجزائر العاصمة، شارك في عدد من المهرجانات الدولية وسيكون له حضور في مهرجان فلسطيني قريبا، سيتحدث عنه وعن تيمته وعن فيلمه الذي سيعرض ضمن هذه الفعالية، كما سيتطرق عبر حواره مع "الترا جزائر" إلى السينما…

إدمان الهاتف المحمول
أخبار

بورحيل: التقنيات الرقمية تُشكل خطرًا على القصّر

أكد رئيس السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، سمير بورحيل، على ضرورة اتخاذ خطوات قانونية وتنظيمية شاملة لحماية القصر وضمان احترام حقوقهم الرقمية.


برونو روتايو، وزير الداخلية الفرنسي (مونت كارلو)
أخبار

وزير الداخلية الفرنسي ..تنفيذ ردّ تدريجي على الجزائر قريبًا

قال وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، إنّ السلطات الفرنسية ستبدأ في اتخاذ تدابير ضدّ الجزائر، ردًّا على رفض الأخيرة قبول قائمة من رعاياها المطلوبين للترحيل من فرنسا.

الموز_0.jpg
أخبار

15 سنة سجنًا نافذا لتاجر في قضية المضاربة بفاكهة الموز

أصدرت محكمة السانية بمجلس قضاء وهران، أمس الاثنين، حكمًا بالسجن 15 سنة نافذة على تاجر متورط في قضية حجز كمية كبيرة من الموز كانت موجهة للمضاربة غير المشروعة، وفقاً لما أفاد به بيان لنيابة الجمهورية لدى نفس المحكمة.