19-نوفمبر-2020

الشاعر السوري أدونيس (تصوير: محمد محجوب/أ.ف.ب)

استضافت صفحة "نوفال فيليا" الجزائريّة المتخصّصة في الأدب والرّواية، الأربعاء، الشّاعر والمفكّر السّوري أدونيس (1930)، في بثّ مباشر أداره الباحثان وائل فخر الإسلام سعادنة من جامعة ميلة والباحث وليد شايب الذراع من جامعة جيجل، عرض فيه جملة من أفكاره التّي يسعى من خلالها إلى مساءلة التّراث العربيّ والإسلاميّ وخلخلة بناه من الدّاخل.

أدونيس: المؤسّسة السّياسيّة تحالفت مع المؤسّسة الفقهيّة لشرعنة مصالحها

وقال صاحب كتاب "الثّابت والمتحوّل"، إنّ الذّات العربيّة المعاصرة ذات منغلقة على نفسها ولا تعترف بالآخر إلّا إذا اعتنق مقولاتها ونظر إلى الوجود بعينها. وهي بهذا أقلّ من تراثها الفكريّ نفسِه، حيث لم تعد امتدادًا لتجارب تنويريّة كبيرة فيها، منها تجربة ابن رشد وتجربة المتصوّفة الذّين كانوا يقولون إنّ الآخر هو مرآة الذّات، فلا يمكن الوصول إليها إلّا من خلاله.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| أحمد دلباني: الحراك الجزائري هو امتدادٌ لانتفاضة الشعوب العربية

واستنكر ضيف "نوفال فيليا"، التّناقض الذّي بات يعيشه المسلم المعاصر، حيث يرفض العلمانيّة في بلده، لكنّه يحلم بالعيش في الدّول الغربيّة العلمانيّة، ويبذل في ذلك جهودًا قد تودي بحياته في إطار الهجرة غير النّظاميّة.

بل إنّ المسلمين المعاصرين، حسب أدونيس، لم يعودوا في مستوى القرآن وانفتاحه نفسِه على مراعاة الواقع في تحوّلاته المختلفة، حيث اعتمد ما يُعرف في الدّراسات القرآنيّة بالنّاسخ والمنسوخ الذّي هو تعطيل العمل بأحكام آية معيّنة واستبدالها بآية أخرى، من غير حذف الآية المنسوخة من المتن القرآنيّ. وتساءل: "كيف لم يؤسّس هذا المنطق القرآني الكبير لتعامل المسلمين مع معطيات واقعهم، عوضًا عن تركيزهم على معطيات ماضيهم واعتباره الزّمن النّموذجيّ الذّي يرتبط صلاح المسلم بمدى عودته إليه؟".

وفي إجابته على سؤال: هل تخلّف المسلمين اليوم متعلّق بالدّين ذاته أم بتأويل نصوصه؟"، قال أدونيس إنّ المؤسّسة السّياسيّة تحالفت مع المؤسّسة الفقهيّة لشرعنة مصالحها وما يخدم هيمنتها على الوجدان والقلوب. ولأنّ تحريف النّصّ القرآنيّ غير متاح، لتحقيق ذلك الهدف، فقد لجأت إلى حقل الحديث النّبويّ بالنّظر إلى إمكانية التّأويل فيه

في سياق مقارنته بين الثّورات التّحرّريّة العربيّة، قال علي سعيد المعروف بأدونيس إنّ الثّورة الجزائريّة هي الثّورة العربيّة الوحيدة التّي تنطبق عليها شروط الثورة، ليس من زاوية عدد الشّهداء فقط،؛ بل أيضًا من زاوية قيامها على الرّوح الجماعيّة وإشعاعها على محيطها وعلى العالم، حيث تسبّبت في خلق مدٍّ تحرري شامل.

ويقول المشرف على صفحة "نوفال فيليا"، المدوّن والجامعيّ حمّودة زاوية، إنّ استضافة أدونيس تأتي في إطار رغبة القائمين على الصّفحة في تفعيل السّؤال الفكريّ والمعرفيّ؛ "في ظلّ زمن يسوده التّباعد الاجتماعيّ الذّي فرضه وباء كورونا. فإذا قاتنا أن نعقد جلساتٍ واقعيّة، فلا ينبغي أن يفوتنا تنظيم جلسات افتراضيّة".

في السّياق، يدعو محدّث "الترا جزائر" المنظومة الثّقافيّة الجزائريّة إلى تفعيل النّشاط الثّقافيّ افتراضيًّا؛ "فالاكتفاء بتجميد الفعاليات بسبب الإجراءات الصّحيّة، من غير تقديم بدائل متاحة هو أيضًا وباء علينا الانتباه إلى أضراره".

 آخر زيارة لأدونيس إلى الجزائر كانت عام 2008 بدعوة من المكتبة الوطنيّة

يُذكر أنّ آخر زيارة لأدونيس إلى الجزائر كانت عام 2008 بدعوة من المكتبة الوطنيّة، حيث ألقى محاضرة عن تاريخ الإلحاد في الإسلام، بما خلق جدلًا شعبيًّا، يومها، أدّى بوزارة الثّقافة إلى إقالة المدير العامّ للمكتبة الوطنيّة الرّوائيّ أمين الزّاوي.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

حوار | رباح بدعوش: الشعر هو الشاهد على الإنسانية

حوار | محمد بن جبّار: الحراك الجزائري تجاوز المثقف والنخبة