أثارت الخطوة الفرنسية "المفاجئة"، المتعلقة برفع السرية عن أرشيف الثورة الجزائرية، جدلًا واسعًا وسط الجزائريين، بين من يرى أن الخطوة ليست بريئة من الطرف الفرنسي، وتهدف إلى إثارة الشكوك في بعض قادة ثورة التحرير، وبين من يرى أنها تنازل فرنسي جديد لإعادة العلاقات الفرنسية الجزائرية إلى طبيعتها.
حالة من التشكيك في القرار الفرنسي طبعت معظم تعليقات الجزائريين حول هذا القرار المفاجئ
وكانت وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو، أكّدت في لقاء على قناة "بي أف أم" الفرنسية، أنه لا يمكن بناء رواية وطنية على الأكاذيب.
اقرأ/ي أيضًا: فرنسا تعلن فتح أرشيف الثورة الجزائرية 15 سنة قبل الموعد
وأوضحت باشلو أن تزوير التاريخ يقود لكل الانحرافات والاضطرابات وأنواع الكراهية، مشيرة إلى أنه عندما تصبح الوقائع متاحة ومعترفًا بها وخاضعة للفحص، يمكن حينها بناء تاريخ آخر ومصالحة.
وحول تداعيات هذا القرار حول ما ينتظر كشفه من ممارسات الجيش الفرنسي للتعذيب في الجزائر، ذكرت الوزيرة الفرنسية أن من مصلحة فرنسا الاعتراف بجرائمها، على حدّ قولها.
في هذا السياق، يعلق الدكتور محمد بلعايدي قائلًا: "خلينا نعرفوا الحقيقة فلربما سنتفاجأ بكثير ممن كنا نظنهم زعماء وثوار، وربما العكس ممكن الأرشيف ينصف من ظلمهم التاريخ...إلا أنني غير متفائل ربما هي ورقة ضغط فقط من فرنسا لأجل مصالحها".
وفي تقدير كاتب التعليق، أن الإعلان عن رفع سرية الأرشيف، قد يحمل الكثير من المفاجآت، منها ما يصب في صالح الجزائريين، ومنها ما يصبّ في الصالح الفرنسي.
من جهته، يقول توفيق مغني بعد انتشار خبر رفع السرية عن أرشيف ثورة التحرير: " منذ أيام فقط كان هذا الملف من الطابوهات لدى الإليزيه وممنوع بنص قانوني. ماذا تغير اليوم؟".
يُذكر أن هذا القرار يأتي بعد يومين من زيارة وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان إلى الجزائر، والتي تدخل في إطار تجاوز الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين البلدين.
حالة من التشكيك في القرار الفرنسي، طبعت معظم تعليقات الجزائريين حول هذا القرار المفاجئ، إذ يسود اعتقاد أن توظيف فرنسا لهذه الورقة، بعد الأزمة الدبلوماسية الأخيرة التي عرفتها علاقات البلدين لا يمكن أن يكون بريئًا ويحمل في طياته قراءات كثيرة تصبّ في الصالح الفرنسي.
هنا يقول الصحافي محمد عصماني: "رفع السرّية عن الأرشيف خاصّة ما تعلق بالثورة الجزائرية في هذا التوقيت بالذات يستبعد جدًا أن تكون عملية بريئة ويستبعد كذلك أن تكون لأجل الباحثين الجامعيين".
يستطرد المتحدّث: "عودتنا فرنسا بأن تحسب ألف حساب لكل خطوة تتعلق بالأرشيف او الذاكرة.. ومثلما زعم الطرف الفرنسي أن هذه الخطوة جاءت وفق مطالب الأسرة الجامعية يجب من جهتنا كذلك أن نناقش أيّة مستجدات أو معلومات في إطارها الأكاديمي بعيدًا عن الصراعات والنزاعات التي تثيرها هذه الملفات عندما تترك للنقاش العام والشعبوي".
وفي التاسع من شهر آذار/مارس الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تسهيل الوصول إلى الأرشيف المتعلق بما يسمى في فرنسا حرب الجزائر، وذلك في سياق محاولته التقارب مع الجزائر في ملف الذاكرة.
تطالب الجزائر باستعادة الأرشيف الخاص بتلك الفترة وليس مجرد إتاحته للاطلاع عليه
وتطالب الجزائر، من جانبها، باستعادة الأرشيف الخاص بتلك الفترة وليس مجرد إتاحته للاطلاع عليه، وفق ما صرح به عدة مسؤولين في السابق.
اقرأ/ي أيضًا: