19-يوليو-2022
سيدريك

الفرنسي سيدريك شورلي رفقة ابنته مريم (الصورة: فيسبوك)

لم يكن في حسبان الفرنسي سيدريك شورلي، أن تكون زيارته لمدينة الحراش بالعاصمة الجزائرية قبل خمس سنوات بداية لرحلة لا تنتهي، بعدما فقد ابنته مريم التي خرجت رفقة والدتها ولم تعد منذ ذلك الحين. لقد أوقف حياته المهنية وبدأ معركة قضائية قد تجمعه من جديد مع فلذة كبده، حيث يروي سيديريك لـ "الترا جزائر" قصة بحثه عن ابنته المختفية مع طليقته الجزائرية.

سيدريك شورلي لـ"الترا جزائر": أنا خائفٌ على مستقبل ابنتي مريم خاصة وأنني لم أجدها مُسجّلة في قوائم المتمدرسين بالجزائر

في حي بوليو بمدينة الحراش بضواحي العاصمة الجزائرية، بات الجميع يعرف قصة الفرنسي سيدريك البالغ من العمر 37 سنة ويشاركه رحلة بحثه عن ابنته، حيث يتردّد الشاب الفرنسي على الحي عدّة مرات في السنة قادمًا من فرنسا، ويجلس على المكان نفسه على أدراج منزل مجور منذ سنوات، كانت تمتلكه والدة طليقته المختفية رفقة ابنته.

رحلة إلى الجحيم

بدأت قصة سيدريك ومريم بعد أن طلبت زوجته الطلاق عام 2015، متهمة زوجها بـ "الكُفر ومحاولة إبعادها رفقة رضيعتها عن الدين الإسلامي"، ومنحت العدالة لسيدريك الحق في زيارته ابنته لبضع ساعات في الأسبوع، إلا أنه لم يتمكن بذلك بعدما منعته زوجته من رؤية ابنته؛ إذ كان يواجِه في كل مرة يذهب فيها لزيارة ابنته نوعًا من "التهديد" و"الإذلال" في منزل حماته السابقة، وتحوّل الأمر بعد ذلك إلى رفض زيارته نهائيًا.

سيدريك

يروي سيدريك أن زوجته السابقة أبلغته في كانون الثاني/جانفي 2017، عن طريق القضاء، أنها ستنتقل للعيش في الصحراء، ومن هناك انطلقت رحلة سيدريك "نحو الجحيم"، إذ لم يقف الصحافي السابق مكتوف اليدين، وبدأ معركة قضائية شاقة ضدّ طليقته، حيث قدّم حوالي 20 بلاغًا بسبب عدم السماح له بزيارة ابنته، وقدم أيضًا حوالي 50 شكوى إلى السلطات الجزائرية، كما  طلب تدخلًا من النيابة العامة ووزارة العدل في الجزائر. هنا، يقول سيدريك: "قمت بـ 200 إجراء تقريبًا في غضون خمس سنوات دون جدوى".

لم تقتصر معركة الصحافي الفرنسي على الجزائر فقط، ففي فرنسا حُكم على زوجته السابقة في 2018 بالسجن لمدة 15 شهرًا بتهمة اختطاف طفل، كما تم اتهامها أيضا في الجزائر لعدم السماح لطليقها برؤية ابنته، فضلًا عن التزوير واستعمال المُزوّر في العنوان، الذي تم إبلاغه إلى الأب من أجل حقّه في الزيارة. 

معركة قضائية..

بِنبرة حزينة ممزوجة بغضب عارم، يتحدث سيدريك لـ"الترا جزائر"، قائلًا "لقد توقفت عن العمل، وكرّست كل حياتي لإيجاد ابنتي، كان أملي الوحيد هو العثور عليها في إحدى المدارس حين تبلغ السادسة من عمرها، ابنتي الآن في العام السابع ولا أثر لها في قوائم المتمدرسين، أنا خائف على مستقبلها بالفعل".

في هذا السياق، يتهم سيدريك شورلي عائلة زوجته باستعمال نفوذهم من أجل طي ملف القضية، ملمّحًا إلى وجود "خلل قضائي" من العدالة الجزائرية وكذا الفرنسية، ويستطرد المتحدّث: "لم أفهم لحد الآن كيف لدولة مثل الجزائر بكل ما تملكه من أجهزة أمنية وقضائية أن تفشل في إيجاد امرأة اختطفت ابنتها منذ 5 سنوات رغم صدور مذكّرة بحث دولية، الأمر غير معقول البتّة".

سيدريك

وتابع سيدريك: "في آذار/مارس من العام الماضي، أصدر قاضي التحقيق لدى محكمة الحراش أمرًا بتحديد مكان تواجد زوجتي السابقة، لحد الآن لم تستطع قوات الأمن فعل ذلك، رغم أنني تمكّنت بإمكاناتي البسيطة الحصول على معلومة تفيد بتسجيل طليقتي في جامعة الجزائر2 لمواصلة دراستها، في نفس فترة التحقيق القضائي المذكور.. الأمر مُريب نوعًا ما".

الأب الفرنسي حلّ بالجزائر ويزور يوميًا بيت حماته بالحراش لبثّ فيديوهات عبر منصات التواصل عن قضية ابنته المختفية

إلى هنا، يستغرب المتحدث  أيضًا عدم اتهام حماته في هذه القضية من طرف القضاء الجزائري، موضّحًا أن عملية الفرار تمت من منزلها بالحراش، معلقًا: "العدالة تكتفي باستدعائها كل مرّة وكأنه لم يحدث شيء.. ابنتي اختفت، لم تدخل المدرسة ولا أثر لها في الحياة"، الجواب كان دائمًا "ابنتك لم تختفِ، لا زالت في الجزائر"، هذا ما قاله لي وكيل نيابة بمحكمة الحراش عام 2019.

أما من الجانب الفرنسي، يقول سيدريك إن وطنه لم يساعده في شيء من أجل استرجاع ابنته "أكثر من ذلك، في أحد المرات قامت صفحة السفارة الفرنسية في الجزائر، بحذف تعليقات لمتابعين طالبوا بفتح تحقيق معمّق في قضيتي، لكنهم لم يستطيعوا أمام الكم الهائل من التعليقات المساندة لي"، متسائلًا: "هل يُزعجهم الأمر؟".

وأردف المتحدث: "تتحمل فرنسا نصيبها من المسؤولية المباشرة فيما تحملناه أنا وابنتي هنا لمدة ستة سنوات ونصف، رغم كل الرسائل والبلاغات، رغم مذكّرة الأنتربول، تفشل دولة عظمى في إيجاد فتاة مُختطفة".

يوم بعد يوم

في مدخل حي 11 كانون الأول/ديسمبر 1960 بمدينة الحراش، يجلس سيدريك أمام منزل حماته، ويضع على الباب المغلق قرار الأنتربول وصور ابنته، إذ مازال والد مريم يعيش تفاصيل يوميات أب مع ابنته، إذ يشتري لها الحلويات وقصص الأطفال وحقائب المدرسة، وعلب العصير الصغيرة، ويلتقط صورًا وفيديوهات وينشرها عبر صفحة خصصها للغرض أسماها "أعيدوا لي ابنتي مريم".

 

#pourles7ansdemeriem Precisions sur le live prévu tout à l'heure. La vidéo commencera vers 19h30 heure algérienne, 20h30 heure française, sous toutes réserves. Un constat d'huissier est en effet prévu en soirée, pour la remise ou non de ma fille en vue de mon droit de visite. Pour ne pas perturber sa mission, nous nous retrouvons ici-même sur la page après le constat. #retrouvonsmeriem عبد المجيد تبون - Abdelmadjid Tebboune

Posted by Rendez-moi ma fille Meriem Shaurli on Monday, June 20, 2022

يتلقى سيدريك الدعم من سكان الحي، ويعزمونه لتناول الطعام معهم ومشاركتهم شرب القهوة، فيما يقوم آخرون بنزع الملصقات التي يتركها هناك بعد ذهابه، ليعود ويضعها مجددًا في اليوم الموالي.

سيدريك: الجزائر تعرف مكان وجود ابنتي وأخشى أنها تتفاوض مع فرنسا للحصول على مقابل للكشف عن مكان ابنتي

قصته المؤثرة باتت حديث الجميع في الحي، ورغم غموضها ووجود عدة فراغات لتبرير سبب اختفاء ابنته، يلخص سيدريك قصته في قوله: "تعلم الجزائر مكان تواجد ابنتي، أخاف أنها تنتظر مقابلًا من فرنسا للكشف عنه، فيما يواصل رئيس بلدي نفاقه بوصف النظام في الجزائر بالعسكري الذي يقتات من ريع تذكاري، ثم يعلن سعادته بقرب موعد زيارته للجزائر".