16-مارس-2020

الجزائر سجّلت إصابة 60 إصابة مؤكّدة بفيروس كورونا (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

مع مرور الدقائق والساعات، تتزايد المخاوف لدّى الجزائريين داخل البلاد، وحالة من التوجّس الكبير لدى الساكنة من نقل فيروس كورونا، من الرعايا الجزائريين أو أجانب قدموا من دول أروبية، وصل فيها وباء كورونا إلى دوائر الخطر كإيطاليا وفرنسا.

أثار تأخّر السلطات الجزائرية في إعلان تعليق الرحلات الجوّية من وإلى المدن الفرنسية، قلقًا متزايدًا في البلاد

قرار تعليق الرحلات مؤقّتًا بين الجزائر وفرنسا جاء متأخّرًا، بعد تشاور بين الوزير الأوّل عبد العزيز جراد ونظيره الفرنسي، حسب بيان لمصالح الوزارة الاولى، موضّحًا أن التعليق الاستثنائي، يكون مصحوبًا بترتيبات من بينها إجلاء المسافرين حاليًا بين الجزائر وفرنسا، مضيفًا أن التعليق سيكون  بداية من يوم 17 آذار/مارس الجاري، وحسب الشروط والكيفيات التي ستحدّدها شركتا النقل الجوي والبحري، في مقابل ذلك تستمرّ إحصائيات الحالات المصابة بفيروس كورونا في الارتفاع مسجّلة 60 حالة مؤكّدة.

اقرأ/ي أيضًا: الحراك الشعبي وفيروس كورونا.. بين التوظيف السياسي والمخاوف الصحّية

أثار تأخّر السلطات الجزائرية في إعلان تعليق الرحلات الجوّية من وإلى المدن الفرنسية، قلقًا متزايدًا في الجزائر، مع تزايد تصاعد الأصوات الداعية إلى تنفيذ  قرار الإلغاء وليس التخفيض، كما سبق وأعلن عنه في الأيام الماضية، خاصّة وأن المصدر الرئيس لمجموع حالات الإصابة بكورنا في الجزائر مصدرها فرنسا، حيث أصيب 17 شخصًا بالوباء، من عائلة واحدة، بعد إقامة قريبين لهما يقيمان في فرنسا، لديهما نهاية شهر شباط/فبراير الماضي، فيما كانت أغلب الحالات المؤكّدة المعلن عنها قادمة من فرنسا تحديدًا.

هنا، يتساءل محمد جنادي، عن سبب تأخّر السلطات في وقف الرحلات مع فرنسا، وكتب "فرنسا ثاني بؤرة لفيروس كورونا في أوروبا، لماذا لا تُلغى الرحلات بين فرنسا والجزائر  إلى غاية استقرار الوضع".

لكن الناشط عبد الحق بن خالفة، وجدد مبررًا آخر، وانتقد في تعليق ساخر، تأخّر تعليق الرحلات نحو أوروبا، وكتب على صفحته قائلًا: "لن تغلق الجزائر مطاراتها وقاية من كورونا، لأنه في حالة إصابة المسؤولين السامين سيلجؤون لمستشفيات أوروبا للعلاج".

من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية زهير بوعمامة، أن هناك حسابات  سياسية واقتصادية تقف وراء عدم تعطيل الرحلات من وإلى وفرنسا وأوروبا، وكتب معاتبًا السلطات "لا أفهم ما الذي ينتظرونه حتى يوقفوا رحلات جلب الوباء من أوروبا، فرنسا ولإيطاليا تحديدًا؟ أليس فيكم رجلٌ شجاع؟ أم أنكم لا تجرؤون على فعلها لأنها تتعلق بأولئك؟"، مضيفًا "كل حساباتكم السياسية والاقتصادية، تسقط أمام واجبكم في حفظ سلامة وصحّة الجزائريين من خطر محقّق. إن لم تقطعوا جسور التواصل مؤقتًا مع الدول التي استفحل فيها الوباء، كما فعلت باقي الدول بما فيها أمريكا، فلا معنى لغلق المدارس والجامعات هنا، تتحملون كل المسؤولية في هذا، وستحاسبون عليه إن وقع مالا نتماه لا قدر الله".

في مقابل ذلك، أثار القرار المشترك بين الحكومتين الجزائرية والمغربية، وقف الرحلات الجوية بينهما، برغم أن البلدين لا يشكّلان بؤرة للوباء، تعاليق كثيرة عبر الفضاء الافتراضي، وخاصّة وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك، بشأن ما كان يفترض فعله إزاء وقف الرحلات مع فرنسا مثلًا، باعتبارها بؤرة للكورونا، وكتب الإعلامي إسماعيل طلاي يقول: "الجزائر والمغرب اتّفقا على قطع الرحلات بينهما،.. لكنهما أبقيا الرحلات مع فرنسا التي تفوق البلدين خطرًا في أعداد المصابين بالكورونا، أمّا أن يتفق البلدان على تجاوز الخلافات لمصلحة الشعبين.. فذاك آخر همّ الأنظمة".

من جهتها، استغربت الناشطة سمية فردي القرار، وهو بحسب تدوينتها الفيسبوكية نابع من خلفية اجتماعية قائلة: الجزائر توقف الرحلات الجوّية إلى المغرب، "قاع الناس تحقرني وأنا نحقر عيشة ختي، أي أن الأجدر كان الغلق يكون مع دولة فيها بؤرة وليس مع الجارة الضعيفة".

وفي السياق علق الإعلامي حمزة دباح قائلًا: "حكومتا زوج بغال (يقصد المعبر الحدودي بين الجزائر والمغرب)، تقرّران وقف الرحلات بينهما وتبقيانها مشرعة مع فرنسا، ما أحلى الموت إذا كان من فرنسا". وأضاف في تغريدة أخرى "هل تريد هذه السلطة إفناء الشعب والدولة، أم تعتبر كورونا موضة يجب أن تأخذ نصيبا منها؟ رحلات فرنسا وأوروبا يجب إيقافها حالا".

في هذا السياق، طالب الناشط السياسي أحمد بطاطاش الجزائريين بأخذ الأمر على محمل الجد، وطالب السلطات بتعليق الرحلات الجوية "وضع حرج، صوت العقل والحكمة يفرض تعليق كل الرحلات من وإلى الجزائر وتعليق صلاة الجمعة، وتعليق كل المسيرات والتجمّعات".

وبينما أحدث قرار تعليق الرحلات بين الجزائر والمغرب حفيظة الكثير من الرعايا الجزائريين في البلد الشقيق، إذ وجهت الأستاذة شهرزاد لمجد نداءً للسلطات الجزائرية، لإيجاد حل للعالقين في المطارات المغربية، والذين يحملون تذاكر السفر لشركة الخطوط الجوية، معتبرة أن القرار غير مدروس، وأردفت: "نتيجة للقرارات الارتجالية غير المدروسة، نحن عالقون الآن في المغرب، بعد تعليق الرحلات من وإلى الجزائر. ماذا عن الرعايا الجزائريين العالقين الآن؟ الخطوط الجوية الجزائرية تقول أن القرار سياسي".

وذهب الناشط محمد بلعاليا، بعيدًا في اعتبار قرار توقيف الرحلات سيادي، قائلًا :"عوض توقيف الرحلات الجويّة مع فرنسا، التي كانت سببًا في كل حالات كورونا في الجزائر، أوقفوا الرحلات مع المغرب.. ببساطة وللأسف الجزائر لا تملك قرار غلق مجالها مع فرنسا إلا إذا قررت الأخيرة ذلك".

فيروس كورونا أحدث فوضى في القرارات السيادية لدى السلطات العليا وأظهر شللًا كبيرًا في الاتصال المؤسّساتي مع المواطنين

على الأرض، يبدو أن ملف وباء تفشّي فيروس كورونا، من الامتحانات العسيرة التي تمرّ بها جميع الدول، بما فيها الجزائر في إدارة الأزمة الصحيّة وتسييرها، حيث تفاقمت أطوارها خلال  اليومين الأخيرين، وأحدثت فوضى في القرارات السيادية لدى السلطات العليا في الجزائر، وأظهرت شللًا كبيرًا في الاتصال المؤسّساتي مع المواطنين، وبات الفضاء الافتراضي الملجأ الوحيد، لتمييع المعلومة والقرارات الحاسمة والحازمة، خصوصًا إذا تعلّق بانتقال الوباء من بؤرته الأصلية، سواءً الصين أو الدول التي حجرت على مواطنيها كإيطاليا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كورونا.. منظمة حماية المستهلك تشجب قرار عودة الرحلات إلى الصين

إجلاء الجزائريين من الصين وتعليق الرحلات.. هل تجنّبت الجزائر فيروس "كورونا"؟