04-يناير-2020

إطلاق سراح المعتقلين يهدف إلى إخماد الحراك الشعبي (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، كان متوقعًا أن تتّجه السلطة إلى إجراءات التهدئة مع الحراك الشعبي. وكانت أوّل خطوة باتجاه ذلك، هي الإفراج يوم الخميس الماضي، عن 76 معتقلًا من شباب الحراك الشعبي، على رأسهم المجاهد لخضر بورقعة.

البرلماني لخض بن خلاف: الإجراءات المتّخذة هي خطوة نحو التهدئة السياسية

تضمّنت قائمة المستفيدين من الإفراج، الجنرال حسين بن حديد، وقيادات في جمعية "راج"، ونشطاء بارزين في الحراك الشعبي وجهت لهم تهم الإضرار بالمصلحة الوطنية، وتوزيع منشورات من شأنها تهديد الوحدة الوطنية.

اقرأ/ي أيضًا: إطلاق سراح ناشط حقوقي سُجن في فترة بوتفليقة

يبدو أن الأحداث السياسية في البلاد، بدأت تسير على نحوٍ متسارع، حيث تفاجأ عدد من محامي المعتقلين في الحراك الشعبي، من إحالة ملفّات بعض موكليهم صبيحة الخميس الماضي دون إبلاغهم، وتداولت منصّات التواصل الاجتماعي، أخبار الإفراج عن نشطاء سياسيين من الحراك الشعبي وصور الاحتفاء بهم واستقبالهم من طرف جماهير الحراك، واعتبر بعض التابعيين أن الخطوة تشكّل إرادة سياسية في وضع آليات نحو الحوار السياسي.

في هذا السياق، اعتبر البرلماني عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، لخضر خلاف أن "الإجراءات المتّخذة هي خطوة نحو التهدئة السياسية"، مشيرًا إلى أنه "سبق وطالبت مختلف الفعاليات السياسية، إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات قبل فتح أيّ نقاشات وحوار سياسية فعالة".

من جهته، ثمّن رئيس مجلس شورى جبهة العدالة والتنمية، في حديث لـ "الترا جزائر''، الإفراج عن معتقلي الحراك الشعبي، معتبرًا أن "اعتقالاتهم ظالمة، وجرت في ظروف سياسية استثنائية".

وأشارت المحامية والحقوقية زبيدة عسول من جهتها، إلى أن الإفراج عن معتقلي حراك هي خطوة سياسية، أبعد ما تكون عن إجراءات قضائية، مضيفة: "سبق وأن طلبنا بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين؛ حيث لا يُمكن إجراءات إصلاحات سياسية عميقة، في ظلّ بقاء سجناء سياسيين رهن الاعتقال".

 وأوضحت المتحدّثة في تصريح لـ "الترا جزائر" أنّ هذه الإجراءات لابدّ من أن تتبعها إجراءات أخرى؛ كوقف الاعتقالات والتضييق على المظاهرات، وفتح المجال الإعلامي لكلّ التيّارات السياسية، ووقف حملات الكراهية والعنصرية، مشدّدة على ضرورة تغيير النظام لأساليبه، والذهاب إلى ممارسات جديدة تضمن الحرّيات الفردية والجماعية.

وأكّدت المحامية، عدم إبلاغ محامي المعتقلين بهذه الإجراءات، وذكرت أنها رافعت لصالح لخضر بورقعة، في جلسة لم تكن تتوقّع إجراءها صبيحة الخميس الفائت، معتبرةً أن معالجة القضايا بهذا الشكل السريع سياسيٌّ محض.

وحول أهداف إطلاق سراح معتقلي الرأي، أكّدت عسول أنها خطوة من السلطة، قصد فتح مشاورات مستقبلية، على حدّ تعبيرها.

يتّفق نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، سعيد صالحي، مع إجراءات السلطة نحو إطلاق سراح معتقلي الحراك، ويعتبر أنّ إطلاق سراح المساجين السياسيين مطلب أساسيٌّ للرابطة، وأردف قائلًا: "ناضلنا منذ فترة لإطلاق سراحهم، لأن ذلك مكسب للحرّية وانتصار للعدالة والقانون".

وتمنّى صالحي في تصريحه لـ "الترا جزائر"، أن تساهم إجراءات الإفراج عن المعتقلين في تهدئة النفوس، وتوفير بيئة سياسية تُعيد بناء الثقة بين الحاكم والمحكوم، معتبرًا أنّ الأزمة اليوم متعدّدة الأبعاد، وتحتاج إلى إصلاحات سياسية عميقة، تكرّس الفعل الديمقراطي عبر توافقٍ سياسيٍّ شامل وكامل، يضمن الحرّيات السياسية، الإعلامية والحقوقية، على حدّ تعبيره.

من جهته، غرّد الدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي، على حسابه الخاص على موقع تويتر قائلًا، إن إطلاق سراح المجاهد لخضر بورقعة يمثل تصحيحًا لقرارٍ تعسفيّ اتخذ في حقّه وحقّ السجناء الموجودين في المعتقلات، معتبرًا أن هذا القرار مؤشّر إيجابي، وأنّ "الخطوة قد تكون بمثابة بداية لاتخاذ إجراءات لكسب الثقة والتهدئة، التي بدونها لا يُمكن أن يفلح أي تصوّر للخروج من الأزمة".

وشدّد رحابي في هذا السياق، على أن المرحلة تتطلّب من الرئيس قرارات شجاعة لإرساء الثقة طبقًا لصلاحياته الدستورية، مجدّدًا دعوته لتحقيق مطالب الشعب المشروعة ومساندة كل طرق الحوار والتشاور، من أجل حماية الجزائر من المخاطر المتعدّدة، يضيف المتحدّث.

إطلاق سراج معتقلي الرأي لن يوقّف المسيرات الشعبي المطالبة بإنهاء الحكم العسكري

يبدو أن خطوة السلطة بإطلاق سراح معتقلي، في إطار إجراءات التهدئة للذهاب إلى حوار مع الحراك الشعبي، لن يوقف المسيرات الشعبية، إذ تواصلت مسيرات الجمعة المطالبة بمدنية الدولة، والرافضة لتدخّل المؤسّسة العسكرية في الحكم، حتى بعد رحيل الحكومة، وإطلاح سراح معتقلي الرأي، وهي المطالب التي بقي الحراك متمسّكا بها لعدّة أشهر.

اقرأ/ي أيضًا: 

اعتقال أغنى رجل في الجزائر.. عدالة انتقالية أم انتقائية؟

طابو يعود إلى الحبس المؤقت في قضية منفصلة عن الأولى