28-نوفمبر-2021

برنامج "أونساج" من أكبر مشاريع محاربة البطالة في الجزائر (الصورة: في بلادي)

قرّرت الحكومة وقف المتابعات القضائية ضد المؤسسات الشبابية المتعثرة التي لم تستطع تسديد قروض بنكية استفادت منها في السنوات الماضية، في خطوة  ثمنتها عدة أطراف كونها قد تساهم في إنقاذ آلاف المؤسسات الناشئة والمتوسطة، فيما رأى فيها البعض الآخر أنها إطالة لمشاريع أثبتت فشلها في كل مرّة رغم الفرص المتعددة التي مُنحت لها.

 تحاول الحكومة بمختلف الطرق تسويق العمل على توفير مناصب عمل لخريجي الجامعات وحاملي الشهادات

وبسبب ارتفاع معدلات البطالة لدى الشباب الذي يمثل أكثر من 70 بالمائة من عدد سكان الجزائر، تحاول الحكومة بمختلف الطرق تسويق العمل على توفير مناصب عمل لخريجي الجامعات وحاملي الشهادات حتى ولو كان ذلك على حساب خزينة البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: 70 بالمائة من مؤسّسات أونساج متعثّرة باعتراف الحكومة

إعفاء المستفيدين

حمل اجتماع مجلس الوزراء الأخير الذي ترأسه الرئيس عبد المجيد تبون الخبر السعيد لآلاف الشاب المتعثرة مؤسّساتهم، بعد أن منحهم مدة إضافية لتسديد ديونهم، لكن دون إعفائهم منها كليًا كما كان يتصوّر البعض.

وأمر الرئيس تبون الحكومة بـ"إعطاء فرصة للشباب، المتعثر المستفيد من قروض  دعم تشغيل الشباب، وإعفائه من المتابعات القضائية، مع إقرار معالجة ذات مقاربة اقتصادية بحتة، وفق رزنامة تسديد للديون".

ولا يشكّل هذا الإجراء مفاجأة كبيرة لكثيرين، بالنظر إلى انه كان منتظرًا من الجميع، كون تبون كان قد وعد الشباب باتخاذ هذه الخطوة في مقابلات صحفية سابقة له، وكذا في حملته الانتخابية لرئاسيات 12 كانون الأوّل/ديسمبر التي ستمر بعد أيام فقط سنتين على إجرائها.

وقال سمير بوصبع وهو مدير ولائي للوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية لقناة "الشروق نيوز" الخاصة، إنه تم وقف كل المتابعات القضائية التي رفعت ضد المؤسسات المتعثرة التي وصل عددها إلى 14165 مؤسسة على المستوى الوطني.

وأشار بوصبع إلى أن الحكومة كانت قد شرعت سابقًا في التكفل بدراسة ملفات المؤسسات المتعثرة، فقد تم  التكفل بـ7 ألاف مؤسّسة بقيمة مالية تقارب 11 مليار دينار.

ولفت بوصبع إلى أن صندوق الكفالة المشتركة سيسمح بإعادة جدولة ديون المؤسسات المتعثرة لمدة تصل 15 سنة.

وذكر بيان سابق  للوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية التي تضمّ ممثلين عن صندوق الكفالة المشتركة لضمان أخطار القروض الممنوحة للشباب من ذوي المشاريع، أنها تبرمج جلسات كل أسبوع لدراسة ما لا يقل عن 500 ملف في كل جلسة يتعلق بطلبات منح فرص لبعث المؤسّسات المتعثرة.

إجراءات جديدة

بهدف إنجاح هذه الخطوات الإعفائية، قرّرت الحكومة أيضًا توحيد تسيير الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية، والوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغّر، والصندوق الوطني للتأمين على البطالة، بوضعها تحت وصاية الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالمؤسسات المصغرة، في ظرف شهر على أقصى تقدير.

وأمر الرئيس تبون بتكليف الوزير المنتدب المكلّف بالمؤسّسات المصغرة بتقديم، إحصاء دوري سداسي، لعدد مناصب العمل المستحدثة.

وحسب المدير الولائي سمير بوصبع، فإن قرار مجلس الوزراء الأخير سيسمح برفع قروض الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر والصندوق الوطني للتأمين على البطالة إلى 10 ملايين دينار، مشيرًا إلى أن هذا القرار سيمكن أيضًا من إعادة تمويل المؤسّسات المتعثرة بعد التسجيل في المؤسّسات الرقمية، غير أن المؤسّسات التي قامت ببيع عتادها ستستثنى من هذه الاستفادة.

تثمين القرار

لم تتأخّر الكنفيدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية التي ترأسها سعيدة نغزة، في التعبير عن تثمينها للقرارات التي خرج بها اجتماع مجلس الوزراء بشأن دعم المؤسسات الشبابية.

وقالت الكنفيدرالية في بيان إن وضع الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية والوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر والصندوق الوطني للتأمين على البطالة، تحت وصاية الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالمؤسسات المصغرة يعد "قرارا حكيما" من أجل معالجة موحدة وتقييم أكثر صلة بالمشاريع التي تم إطلاقها، خاصة لصالح الشباب والنساء.

وأوضحت المنظمة نفسها، أن قرار تخصيص معالجة اقتصادية لملفات الشباب المستفيد من تمويل الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب "هو أكثر من  قرار منقذ"، كونه "سيطمئن شبابنا وسيكونون أكثر اهتماما بمشاريعهم بدلا من انشغالهم بتهديد المتابعات القضائية".

انتقادات واسعة

بالنظر إلى المشاكل التي عرفها مشروع "أونساج" سابقًا، والذي اندرج في السنوات الخالية رغم نجاح بعض المؤسّسات الشبابية ضمن سياسة شراء السلم الاجتماعي، حيث تم منح أموال الخزينة العمومية في كثير من الأحيان بطريقة غير مدروسة، ودون توفر المحيط الاقتصادي اللازم لنجاحها.

وتداول الجزائريون الخبر بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد اعتبره البعض أن  "إعفاء مؤسسات أونساج من المتابعة قرار غير موفق".

هنا، يعلّق أحد المتابعين أنه كان من "المفروض التحقيق في أسباب فشل هاته المؤسّسات، والتي نعلم سبب فشلها، ومن ثم إعادة إحصاء المؤسسات التي اشتغلت حقيقة وتعثرت من المؤسسات التي تحايلت".

من جهته، قال المحامي طارق مراح في منشور على فيسبوك إن "عددًا معتبرًا من شباب "أونساج" توبع قضائيًا وغرق في الديون .. كيف سيكون شعوره وهو يرى أقرانه يستفيدون من قرار العفو ؟"

وأضاف المتحدّث أن  أموال "أونساج" هي ملك للشعب .. كل الشعب .. من فوضكم باتخاذ قرار العفو عن هؤلاء ؟ .. و منهم من باع التجهيزات والمعدات والسيارات المستوردة بأموال الشعب وفعل ذلك خارج القانون .. ولا أحد يعلم عن وجهة تلك الأموال!  إنه المزاج والقرار السياسي البعيد عن إرادة الشعب".

 يجب على الحكومة في الوقت ذاته السهر على عدم تكرار الإخفاقات السابقة التي عرفتها هذه المؤسسات

وإذا كان قرار وقف المتابعات القضائية ضد المؤسسات المتعثرة سيمنح فرصا جديدة لآلاف الشباب لبعث مشروعاتهم من جديد، فإنه يجب على الحكومة في الوقت ذاته السهر على عدم تكرار الإخفاقات السابقة التي عرفتها هذه المؤسسات، والتي كانت السلطة في مرات عدة جزءا من أسبابها، لذلك لابد من توفير المناخ المناسب لترقية عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أونساج.. إعادة جدولة للديون وإلغاء المتابعات القضائية قريبا

نسيم ضيافات: لا أحد سيدخل السجن بسبب "أونساج"