31-أغسطس-2021

الاجتماع الوزاري لدول الجوار الليبي (الصورة: فرانس 24)

انطلق الإثنين الماضي بالجزائر، الاجتماع الوزاري لدول الجوار الليبي، بحضور أممي وافريقي وعربي، ومشاركة وزراء خارجية ليبيا ومصر والسودان والنيجر وتشاد والكونغو، إلى جانب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ، إلى جانب مفوّض الاتحاد الأفريقي للشؤن السياسية والسلم والأمن، بانكولي أديوي.

حسان قاسيمي: أيّة رزنامة تحدد تاريخ خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من التراب الليبي

وشَكل اللقاء فرصة لاستعراض تطوّرات الأزمة الليبية، وبحث سبل تعزيز المصالحة الليبية، ودراسة آليات التواصل إلى تسوية سياسية سليمة، وإعادة بناء مؤسّسات الدولة وتشكيل الجيش الوطني، كما تركّزت التدخّلات حول دور ومساهمة دول الجوار في مرافقة الفرقاء السياسيين في ليبيا، في تجسيد خارطة الطريق للخروج من حالة الانسداد السياسي والتصعيد الأمني.

اقرأ/ي أيضًا: أبو الغيط: اجتماع الجزائر حول ليبيا فرصة لتجاوز العقبات

وأكّد المشاركون في الاجتماع، على ضرورة استكمال الحكومة الليبية لكلّ الإجراءات من أجل إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد في مخرجات برلين في 24 كانون الأول/ديسمبر القادم.

  في هذا الإطار، دعا رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري إلى الإسراع في سحب المرتزقة والقوّات الأجنبية من التراب الليبي، من أجل استكمال جهود مسار البناء المؤسساتي، وعدم عرقلة مرحلة توحيد وتشكيل المؤسّسة العسكرية.

دور الجزائر محوري

وفي محاولة لتسليط الضوء على دلالات اللقاء، أكّد حسان قاسيمي، الخبير في شؤون الساحل في حديث لـ "التر جزائر"، أن اجتماع دول جوار ليبيا يأتي مباشرة بعد سلسلة من اللقاءات عقدها رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري، مع مختلف الأطراف السياسية والمدنية والأممية في دولة مالي.

وأضاف أن الدبلوماسية الجزائرية تعيد الملفات الإقليمية إلى الواجهة، وتحظى بالطابع الاستعجالي في السياسية الخارجية، وتابع أن الملفات الإقليمية كأزمة مالي وليبيا تعتبران قضايا مصيرية، وذات بُعد أمني قومي وجهوي بالنسبة للجزائر.

وكشف الخبير الدولي أن الأَزمة الليبية عَرفت تَباطئًا في تنفيد المقرّرات الأممية، خاصّة من أطراف خارجية فاعلة في الساحة الليبية، موضّحًا أن الفيتو الأممي بخصوص تعيين رمضان لعمامرة كمبعوث خاص لليبيا كان يهدف إلى عرقلة مسار المصالحة الوطنية، والإبقاء على التدخّلات الأجنبية بهدف فرض خارطة الطريق على الفرقاء اللبيين.

في هذا السياق، قال المتحدّث إنّ اجتماع الدول جوار ليبيا يشكّل لمسة دبلوماسية يقودها رمطان لعمامرة، محاولا من جلال اللقاء الإسراع في بعث مسار المصالحة الوطنية في ليبيا وبناء مؤسّسات الدولة عبر الذهاب إلى الاستحقاقات.

 واستبعد الخبير الدولي أن يتم إجراء انتخابات في شهر كانون الأول/ديسمبر القادم، موضحًا أن الأسباب تتعلّق بعدم وجود أرضية توافقية على مسودة الدستور، إضافة إلى مشكلة المليشيات المنتشرة في ربوع ليبيا وتواجد القوات الأجنبية، ونبّه إلى عدم وجود أيّة رزنامة تحدد تاريخ خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من التراب الليبي.

أوراق دبلوماسية

في سياق الأدوات القانونية التي تمتلكها الدبلوماسية الجزائرية لحل الأزمة الليبية، والتي تمكنها من إعادة التوزان الإقليمي في المنطقة، ذكر قاسيمي أن الفاعلين في الساحة ليبيا كل من روسيا والاتحاد الأوربي وتركيا والولايات المتحدة.

وأوضح محدّث "الترا جزائر"، أن الجزائر تمتلك علاقات استراتيجية مع روسيا، إضافة إلى أن "تركيا شريك إقليمي واقتصادي هام مع الجزائر، وتربط الجزائر مع الاتحاد الأوربي علاقات جغرافية وشراكة اقتصادية وتقارب استراتيجي".

وعلى ضوء ذلك فالجزائر ستعمل على تقريب وجهات النظر، والتنسيق بين مختلف اللاعبين الأجانب على الساحة الليبية، لامتلاكها رصيدًا دبلوماسيًا في قضايا إدارة الأزمات السلم والأمن، يضيف المتحدث.

اخفاق مؤتمر برلين؟

من جهته، قال بشير شايب، الباحث والمحلل السياسي، في اتصال مع"التر جزائر" إن الاجتماع الوزاري دول جوار ليبيا، يأتي بعد تعثر مسار استكمال بناء المؤسّسات المدنية والعسكرية وحالة الانسداد في المشهد الليبي، على حدّ تعبيره.

وذكر المتحدّث، أن استحقاقات شهر كانون الأوّل/ديسمبر قد تكون مهدّدة بالإلغاء، وهذا نظرًا لعدم استكمال كامل الإجراءات القانونية والتنظيمية خاصّة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، بحسب أقوال المتحدث.

هنا، يرى شايب أن الانتخابات الرئاسية قد لا تشكّل أولوية في ظل الأوضاع الراهنة، ويبرّر ذلك بأن لقاء دول جوار ليبيا جاء دعمًا لاستكمال مسار المصالحة الوطنية، والنظر إلى كل التطورات الميدانية، وبالتالي "وضع تصورات عملية وواقعية لتجسيد مقررات برلين، التي لم تتحقّق ميدانيا خاصّة حل المليشيات ورحيل القوات الأجنبية. الوضع في ليبيا معقد ومتشابك، نظرا لوجود الطابع القبلي والعشائري في البلاد".

في هذا الاتجاه، يشدّد محدثنا على ضرورة الذهاب إلى وضع خارطة الطريق لشمل مختلف المناطق الجغرافيا في ليبيا، محذرًا في الوقت نفسه، من إقصاء الشخصيات المدنية والعسكرية السابقة والحالية.

معضلة المليشيات المسلحة  

مشكلة المليشيات المسلحة التي تسيطر على شرق وغرب ليبيا، ووجود قوات عسكرية خارجية على الأراضي الليبية، بحسب الباحث، يقوضان مسار التسوية السياسية السليمة، وهي أهم التحديات أمام الحكومة الليبية ومجلس النواب، مستطردًا أن على دول جوار ليبيا، أن تعمل على تجسيد مقررات برلين التي نصت على ضرورة رحيل القوات الأجنبية وحل المليشيات وتوحيد المؤسّسة العسكرية.

تعمل الدبلوماسية الجزائرية من أجل رؤية مشتركة وتفعيل مقررات مؤتمر برلين وقرارات الأمم المتحدة بشكل سريع

وعلى العموم، ووسط التدخلات الإقليمية والدولية، تعمل الدبلوماسية الجزائرية التي استضافت دول جوار ليبيا إلى رمي ثقلها دبلوماسي من أجل رؤية مشتركة وتنسيق جهوي يدفع بالإستقرار في ليبيا، وتفعيل مقررات مؤتمر برلين وقرارات الأمم المتحدة بشكل سريع.  

 

اقرأ/ي أيضًا:

الأزمة الليبية.. لعمامرة يرافع لحل ليبي دون أي تدخل أجنبي

بعد التحفظ عليه في ليبيا.. لعمامرة يلتحق بمعهد السلام الدولي