01-يناير-2020

طوابير طويلة على المعابر الحدودية بين الجزائر وتونس (الصورة: le soir d’Algérie)

آلاف الجزائريين اجتازوا الحدود الجزائرية التونسية برًا، فضلًا عن امتلاء حجوزات الطيران إلى الجارة الشرقية نهاية السنة، حيث بات كثير من الجزائريين يفضّلون استعمال الخطوط الجويّة لتفادي طوابير المعابر الحدودية.

هدت مراكز العبور بين البلدين، خاصة أم الطبول وملولة، توافد مئات السيارات السياحية للجزائريين

تُحصي وزارة السياحة التونسية، أزيد من نصف مليون جزائري وصلوا تونس خلال الأسبوعين الأخيرين من سنة 2019، فضلًا عن دخول ما يقارب 350 ألف آخرين، ساعات فقط قبل عطلة نهاية السنة للاحتفال بالعام الجديد 2020.

اقرأ/ي أيضًا: في آخر أيام الصيف.. طابور السياحة الجزائرية إلى تونس

الطبيعة الخلابة وراءنا ولكن

 الثابت لدى الجزائريين، أنّ أفضل وجهة سياحية للرّاحة والاستجمام والتّرفيه خاصة بالنسبة للعائلات هي المنتجعات والمُركّبات السياحية التونسية، إذ توّفر مختلف الخدمات المتاحة  لراحة العائلات، وتضمن أنشطة ترفيهية حتّى للأطفال، فضلًا عن فضاءات للتسلية وجولات سياحية للأماكن الأثرية، بأسعار مغرية في متناول العائلات، وهو ما يجعل تونس أكبر بلد يجذب اهتمام الجزائريين في العطل المدرسية، ويستقطبهم لقضاء فترات للرّاحة والترفيه، بعيدًا عن زحمة السير، وعناء البحث عن غرفة في فندق لائق، كما هو الحال في عديد المدن الجزائرية.

تظلّ المدن التونسية أكثر المناطق ارتيادًا من قبل الجزائريين، ووجهتهم المفضّلة لقضاء أيّام نهاية السنة، وحتى خلال العطلة الشتوية التي توشك أن تنتهي، إذعانًا لمغريات ما تقدّمه وكالات السياحة التونسية من عروض في مثل هذه المناسبات، لاستقطاب الجزائريين ككل سنة، فضلًا عن الخدمات الفندقية التي تتنافس على جذب السائح الجزائري بأيّ ثمن.

طوابير المعابر الحدودية

شهدت مراكز العبور بين البلدين، خاصة أم الطبول وملولة، توافد مئات السيارات السياحية للجزائريين، وآلاف من المسافرين العابرين إلى الجارة الشرقية، بحثًا عن مراكز للراحة، وتغيير الأجواء رغم الطوابير الطويلة في المعابر، وساعات الانتظار لاستكمال إجراءات الدخول، سواءً في مواقف السيارات أو في مكاتب تصديق جوازات السفر ودفع قسيمة السيارات، إذ تتجاوز أحيانًا خمس ساعات من الانتظار. الأمر يهون بالنسبة لرب عائلة من طفلين، في مقابل قضاء فترة في مركب سياحي يضمن خدمات جيّدة من مرافق للراحة وفضاءات الألعاب للأطفال، وهو ما يكون سعره أقلّ بكثير إن قضى فترة الراحة في ولاية من ولايات الجزائر.

حقائق مثيرة يسرُدها الجزائريون ممن جرّبوا السفر برّا نحو الجارة تونس، فأن تترك وراءك مناطق سياحية ساحرة في كلّ من ولايات الوطن، وتبحث عن فضاء يضمّ كل وسائل الراحة والترفيه وبأسعار مغرية، "هو حقيقة تونسية محضة"، يقول محمد سياري من منطقة فرجيوة من ولاية ميلة، التي تبعد عن تونس العاصمة، بمسافة 700 كيلومترًا تقريبًا، واصفًا سفره برفقة أسرته الصغيرة نحو منطقة طبرقة الحدودية مع الجزائر، ما هو إلا مغامرة شيّقة، كما قال لـ"الترا جزائر".

خدمات أفضل

الملفت أنّ السيّد سياري، فضّل أن يعبر الحدود الجزائرية التونسية ولا يبتعد عنها الجزائر سوى مسافة 20 كيلومترًا، ويضع الرحال عند أوّل مدينة تونسية، إذ يعتزم أن يقضي عطلة نهاية السنة وإلى غاية العاشر كانون الثاني/جانفي، بسعر لا يتجاوز الـ 50 ألف دينار جزائري (حوالي 420 دولار)، في منتجع سياحي في طبرقة،  مستخدمًا سيارته للتنقّل للمدن القريبة من هذه المنطقة السياحية التي تطلّ على البحر، وتوفّر على خدمات ترفيهية في قلب المدينة، فضلًا عن فضاءاتها السياحية وصناعاتها التقليدية وحضور حفلات تنظّمها مديرية النشاطات الثقافية.

يصرّ كثير من الجزائريين، خلال زيارتهم إلى تونس على زيارة جبال منطقة عين الدراهم، التي تستقطب سنويًا مئات آلاف السيّاح الجزائريين أو الأوروبين والآسيويين، بينما يتركون وراءهم سواحل منطقة القالة الجزائرية القريبة من مدينة طبرقة التونسية، والتي تعتبر امتدادًا طبيعيًا ومناخيًا للمدينة التونسية الحدودية.

هنا، تطرح إشكالية الفنادق التي توفّر الخدمات للعائلات، كما قال السيّد عمار لحول لـ "الترا جزائر"، مستطردًا أن "الجزائر جنّة فوق الأرض، لكنها تفتقد للخدمات السياحية والشروط التي توفّر الراحة للعائلات. فضلًا عن الأسعار المرتفعة هنا مقارنة بتونس".

يوضّح المتحدّث، أنّ قضاء ليلتين في مدينة سطيف شرقي البلاد، يكلّف مبلغًا يفوق 40 ألف دينار جزائري (حوالي 330 دولار)، دون أن يحصل الزبون على الخدمات التي يوفّرها فندق صغير في المنطقة السياحية قُربُص التونسية، إذ توفّر هذه المدينة حمّامات معدنية مع إقامة كاملة، فضلًا عن فنادق تطلّ على مناظر البحر والجبال والغابات، وتبرمج رحلات منتظمة كل يوم خلال نهاية السنة.

الأسعار عاملٌ مهم

يبحث الجزائريون المتوجّهون إلى تونس غالبًا، عن مراكز للتسلية والترفيه وقضاء فترة الأيّام الأخيرة من العطلة المدرسية ونهاية السنة، إذ تكشف الإحصائيات التي ذكرتها وزارة السياحة التونسية، أنّ أزيد من مليون جزائري دخلوا تونس منذ بداية شهر كانون الأوّل/ديسمبر، تزامنًا مع العطلة المدرسية، وكانت وجهتهم الأولى منطقة طبرقة السياحية، القريبة من الحدود الجزائرية، تليها منطقة سوسة والحمامات لتوفُّر الأخيرتين على منتجعات سياحية تقدّم الكثير من الخدمات وبأسعار تنافسية، وبدرجة أقلّ يتوجّه الجزائريون نحو نابل وتستور وقربص لتوفّرها على  الحمامات المعدنية، وإقبال الجزائريين على السياحة الحموية في هذا الفصل.

من خلال رصد بعض الآراء؛ تنتظر العائلات أن تكتشف الداخل الجزائري قبل الخارج، ولكن حينما تكون هناك منتجعات تقدّم خدمات بأسعار تنافسية ومتاحة لمتوسطي الدخل، هنا يطرح كثيرون مشكلة البحث عن فندق يتناسب مع ذوي الدخل المتوسّط، ففي النهاية، السائح الجزائري لا يملك دخلًا مرتفعًا يُمكّنه من دفع أجرة فندق خمسة نجوم، ولكنه في الوقت نفسه عندما يدفع ثمن المبيت في الإقامات والشقق، فهو يبحث عن مبيت محترم يوفّر أدنى شروط النظافة والاستقبال والراحة، للاحتفال برأس السنة الميلادية.

لا يمكن أن نغفل أن الجزائر لم تضع القطاع السياحي في رزنامة أولوياتها السياسية

لا يمكن أن نُغفل أن الجزائر لم تضع القطاع السياحي في رزنامة أولوياتها السياسية، كأحد القطاعات التي يُمكن أن تشكّل بديلًا عن المحروقات، إذ غطّت مداخيل البترول والغاز لعقود من الزمن على التخطيط والتفكير في تنويع المداخيل العمومية، التي بإمكانها إنعاش الاقتصاد الوطني، وحجبت هذه المنتجات الطاقوية رؤية القطاعات التي بإمكانها أن تشكّل مصدر دخل إضافي للعملة الصعبة.

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا تفاعل الجزائريّون مع رحيل القايد السّبسي؟

الجزائريون يحجون إلى تونس بحثًا عن وصفة الشفاء!