12-يوليو-2022
صالح قوجيل، رئيس المجلس الشعبي الوطني (الأناضول/Getty)

صالح قوجيل، رئيس المجلس الشعبي الوطني (الأناضول/Getty)

خلال اجتماع نظم عن بعد في مطلع تموز/جويلية الجاري، بين البرلمان الجزائري والأوروبي، من طف ممثلين غرفتي البرلمان الجزائري وفريق العمل الخاص بالجزائر التابعة للبرلمان الأوروبي المكلفة بمنطقة المغرب العربي، نوقشت قضايا اتفاق الشراكة الاقتصادية و الاتفاق على بعث آلية للحوار مسماة اللجنة البرلمانية المشتركة للتشاور أسوة بالتي تجمع البرلمان الأوروبي بنظرائه في المغرب وتونس وستعقد اللجنة أولى دوراتها في العاصمة الجزائرية في شهر أيلول/سبتمبر المقبل .

حمل خطاب الجانب الجزائري طابعًا هجوميًا على الأوروبيين رغم الطابع البروتوكولي للقاء

ورغم الطابع البروتوكولي للقاء اختار الجانب الجزائري خطابًا هجوميًا على الأوروبيين، للدفع بهم إلى خنادقهم والقبول بوجه النظر الجزائرية لمراجعة اتفاق الشراكة، في مقابل ذلك، حمل الأوروبيون أسئلة لمحاولة فهم التحول في السياسات الجزائرية نحو الاتحاد الأوروبي والتفكير في مراجعة الاتفاق .

وترجم تدخل عضو اللجنة البرلمانية المشتركة الدكتور عبد القادر بريش (عن حركة البناء الوطني الشريكة في التحالف الحكومي)،  حالة عدم اليقيين لدى الجانب الجزائري من جدوى اتفاق الشراكة الموقع مع الاتحاد الأوروبي في 2002 (دخل حيز التنفيذ في2005 ) في صيغته الحالية ،فهو حسب قوله" لم يحقق الأهداف والطموحات المنصوص عليها على اعتبار أن الطرف الأوروبي كان هو المستفيد الأكبر وأضاف بأن الخزينة العمومية للجزائر تحملت خسائر تقدر بـ 30 مليار يورو جراء التفكيك الجمركي دون أن يحقق ذلك نتائج ملموسة لاسيما في مسألة دعم تأهيل وتنويع الاقتصاد الجزائري"، وفق ما نقله المجلس الشعبي الوطني في بيان صدر بعد الاجتماع.

ورافع بريش وهو أستاذ متخصّص في العلوم التجارية لأجل "اتفاق يقوم على أساس احترام السيادة الوطنية وتبادل المنافع والمصالح وذلك من خلال بعث مسار مفاوضات جديدة تأخذ بعين الاعتبار التحولات الراهنة وتحقق الطموحات المشتركة للجميع".

ولم يكن موقف البرلماني إلا امتداد لموقف رسمي جزائري صدر في تشرين الأول 2021 صدر عن مجلس الوزراء الجزائري لمباشرة إعادة "تقييم بنود اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، بندًا بندًا، وفق نظرة سيادية و مقاربة رابح -رابح مع مراعاة مصلحة المنتوج الوطني، لخلق نسيج صناعي ومناصب شغل". 

و حضرت الأزمة بين الجزائر وإسبانيا على مائدة النقاش، حيث استغل ممثل الحزب الشعبي اليميني(معارض لحكومة مدريد) في فوج العمل الفرصة، مستفسرا عن امكانية عودة الجزائر الى اتفاقية الصداقة الاستراتيجية التي وقعها البلدان في 2002 و المعلقة بقرار صادر عن الحكومة الجزائرية في الثامن حزيران/جوان 2022 والذي اتبعته بسلسة عقوبات أثارت حفيظة الاتحاد الأوروبي الذي وقف إلى جانب مدريد.

 ولم يختلف رد ممثلي البرلمان الجزائري عن تصريحات المسؤولين الرسميين الجزائريين بخصوص سلامة الموقف الجزائري وتحميل الحكومة الاشتراكية بقيادة بيدرو سانشيز المسؤولية عن الأزمة التي اندلعت على إثر تحول موقف القوة الاستعمارية السابقة لمنطقة الصحراء الغربية ودعمها لضم المغرب لضم الإقليم المتنازع عليه.

و تشعب النقاش نحو ملف الهجرة، حيث استغل الوفد الجزائري الفرصة لتبرئة بلاده من أي دور  في مأساة مقتل عشرات اللاجئين الأفارقة أثناء محاولة عبور الجدار الفاصل بين الأراضي المغربية وإقليم سبتة الإسباني.

وفي تدخل ممثليه أبدى الجانب الجزائري عزمه على مواصلة توطيد الحوار بين الجزائر والاتحاد الأوروبي من أجل إقامة شراكة مميزة بين الجانبين تقوم على التضامن وتقاسم المصالح وتساهم في تحقيق منطقة استقرار وديمقراطية وازدهار مشتركة.

وقال النائب الجزائري سيد أحمد تمامري الذي يتقاسم رئاسة الوفد الجزائري في تصريح بالهاتف لـ "الترا الجزائر " إنه رغم التوترات القائمة بين البرلمان الاروبي ونظيره الجزائري " اللقاء ناجحًا وسمح بوضع ارضية لحوار مستقبلي قائم على الندية و خادم للأهداف المشتركة".

و هذا السياق طالب تمامري الذي يرأس يشغل منصبًا ساميًا في حزب جبهة التحرير الوطني الجزائرية ، بـ "استدراك العلاقة التجارية غير المتوازنة بين الطرفين موضحًا أن الوقت قد حان للعمل من أجل نقلها إلى علاقة "رابح-رابح"، موضحًا أن اعتماد البرلمان لقانون الاستثمار الجديد سيفتح آفاقًا كبيرة للتعاون الاقتصادي بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.

و جدد البرلماني الجزائري التزام الدولة بالجزائرية الوفاء "بالتزاماتها التعاقدية تجاه الشركاء من حيث الإمداد بالغاز الطبيعي وأضاف بأن الاكتشافات المحققة أخيراً في هذا المجال ستعزز مكانة الجزائر بين الدول المنتجة"،وفق ما نلقه البرلمان الجزائري عنه.

وسأل برلماني فرنسي الوفد الجزائري، حسب مصادر من الوفد، عن سبب تخلف الجزائر عن استغلال قدراتها في مجال الطاقات المتجددة، فكانت الإجابة أن فيه خططًا وبرامج لتجسيد الانتقال الطاقوي وإقامة بنية تحتية لكن هذه الطموحات تصطدم بضعف القدرات التقنية والفنية وغياب مساعدة أي تحويل التكنولوجيا اللازمة للاستمثار في هذا المجال، متسائلًا حول مدى استعداد الأوربيين لشراء المنتوج (الكهرباء) وهو أعلى سعرًا من المنتجات الطبيعية الأخرى (غاز ونفط ). لم يعلق البرلماني الفرنسي مكتفيًا بابتسامة عريضة حسب مصادرنا.

لماذا روسيا

من جهته، استفسر برلماني أوروبي آخر الوفد الجزائري عن خلفيات الموقف الجزائري  الرافض لإدانة روسيا في اجتماع أخير لمجلس حقوق الانسان الأممي ، أسوة بقرار سابق في الجمعية العامة للأمم المتحدة،ولم يختلف الرد البرلماني الجزائري أيضًا عن الموقف الرسمي للحكومة ، متخفيًا وراء الدعوة للتسوية الودية للنزاعات ورفض المساس بالحدود، مذكرًا بعمق العلاقات الثنائية الجزائرية الروسية،و احتفاظ الجزائر بعلاقات طيبة مع كييف التي كانت تورد للجزائر قبل الحرب حبوبًا وذخائر حربية وتجهيزات مصنعة.

وغاب ملف حقوق الانسان  المثير للجدل عن النقاش رغم وجود بند في اتفاق الشراكة يتيح للاتحاد الأوروبي عبر مؤسّساته طرح الملف في المحادثات التي تجري بين الجانبين خصوصًا خلال في اجتماعات مجلس الشراكة .

وقال عضو الوفد الجزائري  عبد القادر بريش لـ "الترا الجزائر"  أن الجانبين استطاعا  في الاجتماع القصير( ساعتان من الزمن) تجاوز الخلافات بفضل حكمة الجانبين ".

وأثارت مواقف سابقة للبرلمان الأوروبي من حالة حقوق الانسان، احدثها في تنظيم جلسات نقاش في نوفمبر 2020 بمبادرة من رافائيل غلوكسمان البرلماني الاشتراكي الفرنسي موجة غضب داخلي في الجزائر التي كانت تستعد لإجراء التعديل الدستوري ، ولم تتردد السلطات الجزائرية في تحريكه للعب ورقة المؤامرة الخارجية في ذلك الحين لجلب التعاطف الداخلي.

وقد اصدر البرلمان الاوربي عقب ذك النقاش لائحة تنتقد وضعية حقوق الإنسان في الجزائر وأدينت بشدّة الاعتقالات والاحتجازات "العشوائيّة وغير القانونيّة والهجمات والمضايقات ضدّ الصحفيّين والنّقابيّين والمحامين والطّلبة والمدافعين على حقوق الانسان ونشطاء المجتمع المدني وكافّة المتظاهرين السّلميّين المشاركين في الحراك"، وفق ما جاء في الوثيقة.

المصارحة  في سبتمبر

اتفق الجانبان الجزائري الأوروبي عن إنشاء خمسة أفواج عمل من كل جانب تختص في قضايا الامن والسياسة، الاقتصاد وحقوق الانسان و الهجرة والطاقة والبيئة وسيلتقي الوفدان في العاصمة الجزائرية في النصف الاول من شهر أيلول/سبتمبر في لقاء مصارحة يامل البرلمان الجزائري منه فتح صفحة جديدة في العلاقات المشتركة و انتزاع تفهم من البرلمان  الأوروبي لمساع مراجعة اتفاق الشراكة الاقتصادية، رغم صعوبة ذلك، حيث تطرح المراجعة تعقيدات فنية وسياسية إذ يشترط الحصول على موافقة البرلمانات المحلية الاوربي على بنوده ما قد يتطلب بضع سنوات.

الطرف الجزائري لم يقدّم أيّ طلب رسمي لإعادة النظر في الشراكة الاقتصادية مع فرنسا 

وبحسب الاتحاد الاوروبي لم يقدم الجانب الجزائري أي طلب رسمي بعد لإعادة النظر في الاتفاق لكن لن يتأخر الأمر كثيرًا حيث تستعد المفوضية الأوروبية والحكومة الجزائرية لعقد دورة لمجلس الشراكة الذي لم ينعقد منذ أيلول/ديسمبر 2020.