20-يناير-2019

يتساءل الجزائريون إن كان بوتفليقة سيترشح مجددًا (Getty)

لم يحدث أن شهدت الانتخابات الرّئاسية في الجزائر حالة انتظار وترقّب وحيرة وتخمينات، بما في ذلك بعد إعلان الرّئيس الشّاذلي بن جديد استقالته عام 1992، حيث بقي يومها القوس مفتوحًا على كلّ الاحتمالات المخيفة، مثلما شهدتها انتخابات نيسان/ أبريل من العام الجاري.

شهدت الانتخابات الرّئاسية في الجزائر هذا العام حالة انتظار وترقّب وحيرة وتخمينات، كما لم يحدث في أي وقت مضى

ثمّة معطيات مفصليّة خلقت حالة الانتظار والتّرقب الشّعبيين، منها تحرّك محيط الرّئيس بوتفليقة (1937) شهورًا قبل الانتخابات في مسعى ترشيحه لعهدة خامسة، رغم حالة المرض، التّي لم تعد قابلة للإخفاء أو الطّمأنة، في مقابل مسعى مشترك بين هذا المحيط وقطاع من المعارضة، منها حركة مجتمع السّلم، الجناح الإخواني في الجزائر، لطرح فكرة التّمديد لمدّة معيّنة، "تحضيرًا لانتقال ديمقراطيّ حقيقيّ".

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر.. الصعود نحو الهاوية

غير أنّ الرّئيس بوتفليقة فاجأ الجزائريين يوم الجمعة باستدعاء الهيئة النّاخبة. وهو إجراء دستوري يتمّ ثلاثة أشهر بالضّبط قبل موعد الانتخابات، ليشكّل بداية فعليّة لشروع الإدارة في الإعداد للموعد، ولسحب الرّاغبين في الترشّح للملفّات المطلوبة.

ما أن أعلنت المنابر الإعلاميّة الرّسمية عن بيان الرّئاسة القاضي باستدعاء الرّئيس للهيئة النّاخبة، حتّى انزاحت الهواجس السّياسية والاجتماعية، التّي كانت تشغل الجزائريين في موقع التّواصل الاجتماعيّ فيسبوك، لصالح الحدث الجديد. وما يلاحظ أنّهم اكتفوا في السّاعات، التّي تلت الإعلان بتداول الخبر من دون أيّ تعليق، فكأنّهم تحوّلوا إلى وكالة أنباء رسميّة.

يقرأ الباحث في علم الاجتماع السّياسيّ عزّ الدّين ملفوف لـ"ألترا صوت" هذا السّلوك من زاوية أنّ الجزائريين كانوا يعيشون حالة تخوّف ممّا قد تفرزه المرحلة من صراع على السّلطة وتطاحنات قد تؤدّي إلى انحرافات أمنية وسياسيّة تعيدهم إلى مربّع العنف، "فآثروا أن يتعاملوا مع استدعاء الرّئيس للهيئة النّاخبة بهدوء".

يضيف ملفوف: "لقد رأوا في احترام الرّئيس للموعد الدّستوري إشارة على أنّ المسار الانتخابيّ سيكون طبيعيًّا. وأرى أنّها حيلة متعمّدة من السّلطة". مستطردًا: "لقد كانت حالة الانتظار والتّرقب متعمّدة، بإثارة سيناريوهات مختلفة تثير بدورها حالة من الخوف الشّعبي حول مصير البلاد، حتّى يتمّ تلقّي ترشّح الرّئيس في ما بعد بشكل سلس، تماشيًا مع المثل الشّعبيّ القائل: اضربه على الشّعير، فينسى قشوره".

في المساء، بعد الخروج من "صخب" الحدث، بدأ روّاد فيسبوك يتساءلون "هل سيترشّح؟" بقوّة. وانقسموا بين داعٍ لذلك ومتخوّفٍ منه وقائلٍ إنّ المهمّ أنّ التّمديد لم يعد مطروحًا بما أنقذ العمليّة الانتخابية من الإجهاض الكلّي، فأن يستمرّ الرّئيس في الحكم، حسب هذا الفريق، باسم الانتخابات حتّى لو كانت شكليّة، أفضل من أن يستمرّ فيه خارج الانتخاب.

تساءل الإعلاميّ عثمان لحياني: "بعض الترقّب زال. لكنّ التّرقّب كلّه في الترشّح، ولاية خامسة أم نقل للسّلطة؟". وهو السّؤال نفسه، الذّي تبنّاه الإعلاميّ جمال الدّين طالب: "يترشّح أو لا يترشّح، تلك هي المسألة".

إجابة على هذا الهاجس كتب الإعلاميّ أبو طالب شبّوب: "بعد استدعاء الهيئة الناخبة لا يوجد حزب بإمكانه هزم مرشح آل بوتفليقة. اتحاد المعارضة وراء مرشّح ذي برنامج انتقالي بإمكانه الإطاحة بمرشّح النّظام". وينصح المعارضة: "توحّدوا يرحمكم ويرحمنا الله". فيما كتب الإعلاميّ عبد اللّطيف بلقايم ساخرًا: "بينما الجزائريّون نيام صباح الجمعة حتّى استدعى الرّئيس الهيئة النّاخبة. ماذا ربح دعاة التمديد؟ طبعًا لم يربحوا إلّا العيب". 

اقرأ/ي أيضًا: بوتفليقة يتلقّى رسالة شعرية.. هل مرضك قدرنا؟

وفي سياق تثمين مسعى الرّئيس، دون الجامعيّ عبد الوهاب أسعيد جعيجع: "استدعاء الهيئة النّاخبة هو انتصار للدّيمقراطية من ناحية الشّكل في احترام المواعيد الانتخابية، وفي المضمون في رفض مهاترات تجاوز الدّستور أو البحث عن تعديله". يضيف: "ننتظر التّرشيحات لتتوضّح الرّؤى أكثر".

ناشد  ناشطون جزائريون المعارضة من كافة الأطياف بالتوحد قبل موعد الانتخابات في نيسان/أبريل القادم

يشار إلى أنّ نخبة من السّياسيين سارعوا إلى إعلان ترشّحهم ساعات بعد استدعاء الرّئيس للهيئة النّاخبة، منهم فوزي ربّاعين رئيس حزب "عهد 54" وعبد العزيز بلعيد رئيس حزب "جبهة المستقبلوالمترشّحين الحرّين رشيد نكاز وعلي غديري اللواء العسكري المتقاعد، في انتظار موقف الأوزان الثّقيلة من المسألة.