05-يوليو-2022
(تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

(تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

يتحدّث سمير قبيل العرض العسكري خلال احتفالات عيد الاستقلال الجزائري، بعد غياب دام ثلاثة عقود، ويبدي رغبته في حضور هذه الاحتفالات رفقة أفراد عائلته، ويَسترجع وهو اليوم في العقد الخامس، ذكريات آخر استعراض عسكري عشه سنة 1984 تخليدًا للذكرى الـ 30 لثورة نوفمبر.

يحتفظ سمير  بببدلتين عسكريتين تعودان لوالده؛ واحدة شارك بها في حرب أكتوبر 1973 ضدّ القوات  الإسرائيلية المحتلة، وأخرى شارك بها في استعراض 1984

يحمل كلام سمير الكثير من النوستالجيا والحنين إلى تلك الفترة،  إذ كان والده من النخبة العسكرية آنذاك، وكان في سن المراهقة حينها، يعلّق قائلًا: "أحتفظ بكثرة غياب الوالد عنا خلال تلك الفترة، كنا ندرك أن تحضيرات عسكرية مميزة كان يتم الإعداد لها، كانت فترة عز وازدهار لنا، تركت بصماتها على باقي حياتي".

ما زال محدّث "الترا جزائر" يحتفظ بببدلتين عسكريتين تعودان لوالده؛ واحدة شارك بها في حرب أكتوبر 1973ضدّ القوات  الإسرائيلية المحتلة، والزي العسكري الذي شارك به في استعراض 1984.

أقيم العرض العسكري في الواجهة البحرية الرئيسية في العاصمة، وكان يومًا مشمسًا  صافيًا وهادئًا، تدافعت فيه العائلات والأطفال الصغار من كل الجهات، مصطفة على طول الساحل البحري تشاهد العروض العسكرية للقوات الصاعقة والقوات الجوية والبحرية ومختلف القوات الأمنية.

 

يا ناطحَ الجبل العالي ليُـوهِـنَـه ... أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل !!

Posted by ‎عبدالعالي مزغيش‎ on Tuesday, July 5, 2022

قال سمير لقد كان عرضًا عسكريًا مميزًا، ما أزال أفتخر به إلى اليوم، شهدت يومها كل من ياسر عرفات، والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، رفقة الوفود الأجنبية، أشار محدثنا أن العرض العسكري ذلك ترك بصماته على باقي مساره التعلمي والمهني والوطني، قائلًا كنت فخور بوالدي:" لقد شارك الوالد في حرب أكتوبر 1973، وكنت أعتز بتاريخه العسكري وشخصيته القوية والمنضبطة والنظيفة.

عودة الاستعراضات العسكرية

وبعد ثلاثة عقود من اختفاء العروض العسكرية والاحتفالية بسبب العشرية الدموية الني عاشتها الجزائر، شهدت الواجهة البحرية الرئيسة لولاية الجزائر العاصمة أكبر استعرض عسكري بمناسبة احتفال بالذكرى الستينية لاستعادة الحرية في 5 جويلية 1962.

أدت مختلف وحدات الجيش استعراضات مختلفة أظهرت المعدات والآليات العسكرية التي تمتلكها البلاد، وسط حضور شخصيات رفيعة من مختلف البلدان الصديقة للجزائر.

استهل الاستعراض العسكري الضخم بالاستماع إلى النشيد الوطني، تلته كلمة للرئيس تبون أمام الحضور الرسمي والجماهيري،  أعطى فيها إشارة الانطلاق لتبدأ العروض الجوية بتحليق الطائرات واستظهار مناورات جوية وتزويد الطائرات بالوقود جوًا، تلاها استعراض الفرقاطات والغواصات البحرية التي يمتلكها سلاح البحرية، وصولًا إلى عرض قافلة لأحدث الدبابات التي تمتلكها القوات البرية.

وشهد هذا الحدث مشاركة رؤساء ووفود عدة دول شقيقة وصديقة، يتقدمهم الرئيس التونسي، قيس سعيد، رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، رئيسة إثيوبيا، السيدة ساهلي وورك زودي، رئيس النيجر، محمد بازوم، رئيس جمهورية الكونغو، السيد دونيس ساسو نغيسو، والأمين العام لجبهة البوليساريو، ابراهيم غالي.

وأظهرت مقاطع قبل أيام تدريبات لمختلف القطع العسكرية البحرية والغواصات، وبث التلفزيون العمومي مقاطع من فيديو إشهاري نَشر عتادًا عسكريًا وحربيًا ثقيلًا وخفيفًا، وسمع تحليق طائرات حربية ومختلف طائرات الهيلوكوبتر في سماء العاصمة.

يذكر أن آخر عرض عسكري شهدته الجزائر كان سنة 1989 تخليدا لذكرى 35 للثورة المجيدة.

الرسائل السياسية والعسكرية

في السياق، من المؤكّد أن الاستعراضات العسكرية هي مناسبة لتوجيه إشارات سياسية، وقد تتحول إلى استعراض القوة، في هذا الإطار، تقول مستور شروق المختصة في الشأن العسكري والأمني في تواصل مع "التر جزائر"، أن الاستعراضات العسكرية والمناورات هي مناسبة لتصدير صورة القوة الصلبة ومدى قوة الدولة، وأضافت أن تلك النشاطات هي جزء من الاستراتيجية العسكرية الدفاعية لأيّة دولة.

وعلى الصعيد الوطني، ترى الخبيرة أن الاستعراضات العسكرية التي تشهدها الجزائر تأتي في فترة مهمة بالنسبة إلى الجزائر محليًا وإقليميًا، موضّحة أنه على المستوى المحلي، يحمل العرض مزية وطنية بمناسبة ستينية عيد الاستقلال الموافق لـ الخامس من شهر حزيران/جويلية، لهذا خصصت للحدث ميزانية ضخمة وتجهيزات كبيرة.

أما على المستوى الثاني، تابعت مستور، أن الظروف الإقليمية التي تعيشها الجزائر من ضغوطات خارجية تفرض عليها نوعًا من الاستراتيجية الردعية، وقالت إن الاستعراض القادم يحمل رسالة موجهة إلى الخارج بشأن جاهزية الجزائر للرد على أي مساس بأمنها القومي.

تفيد محدثتنا أن الاستعراض العسكري عنوان مدى جاهزية الإمكانيات العسكرية الجزائرية الحالية، والمستوى الذي وصلت له الجزائر عسكريًا من ناحية العتاد والأسلحة إضافة إلى الجانب التكويني والتنظيمي والكفاءات.

استظهار القدرات العسكرية 

في السياق ذاته، قال أكرم خريف، مدير موقع "مينا ديفوس" المختص في الشؤون العسكرية والاستراتيجيات الحربية أن العرض العسكري هو تشكيل من الجنود والمواكب من مختلف الوحدات والقوات يهدف إلى استظهار القدرات العسكرية للبلاد.

وبخصوص قدرة الجيش على تنظيم تظاهرة عسكرية استعراضية ضخمة، أشار خريف أنه من الناحية اللوجستيكية الأمر لا يشكل هاجسًا بالنسبة إلى الجيش الجزائري، فهو متعود ومستعد على التحضير والتجهيز لوجستكيًا بسهولة، مشيرًا أن الجزائر امتنعت في السابق عن تنظيم العروض العسكرية تفاديًا للتصعيد العسكري مع دول مجاورة.

وبناء على ذلك أضاف محدثنا أن تنظيمه في الوقت الراهن يحمل نوعًا من التحدي واستعراض القدرات والجاهزية، مشددًا أن الاستعراض العسكري تزامنًا مع الخامس حزيران/جويلية لا نظير له في المنطقة بكاملها.

 

على وقع 60 طلقة مدفعية.. رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون يقوم بتفتيش المربعات المتراصة التي تقوم بالاستعراض العسكري الضخم

على وقع 60 طلقة مدفعية.. رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون يقوم بتفتيش المربعات المتراصة التي تقوم بالاستعراض العسكري الضخم

Posted by ‎Télévision Algérienne - المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري‎ on Tuesday, July 5, 2022

القوة الصلبة والذكاء الناعم

في المقابل، يرى بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن الاستعراضات العسكرية لسيت بدعة جزائرية ولا حكرًا على دول العالم الثالث، ولكن التخوف هو أن تتحول الاستعراضات العسكرية إلى عسكرة المشهد السياسي والإعلامي بالجزائر، وتغول الخطاب العسكري على كافة الخطابات السياسية وحتى الرسمية.

قال نشطاء إن الذكرى الستين للاستقلال لابدّ ألا تكتفي بالمهرجات الضخمة، داعين أن تكون مناسبة أيضًا للمصالحة مع الذات، والتقييم الذاتي

من جهتهم، قال نشطاء إن الذكرى الستين للاستقلال لابدّ ألا تكتفي بالمهرجات الضخمة، داعين أن تكون مناسبة أيضًا للمصالحة مع الذات، والتقييم الذاتي، وفتح الحوار السياسي الداخلي وتوسيعه ولم الشمل، حيث أن التحديات الكبرى تكمن في الحروب الهجينة والاقتصادية والثقافية والحفاظ على الذاكرة التاريخية يتطلب رؤية استراتيجية تعزز المكانة القوية للجزائر اقتصاديًا وتدعيم القوة الصلبة في اتجاه الإيمان المشترك بالوطن.

 

 

 

دلالات: