الأرق الرمضاني في الجزائر.. ظاهرة متزايدة تهدّد الصحة

مع حلول شهر رمضان، تتغير العادات اليومية بشكل كبير في الجزائر، حيث يصبح النوم أحد أكبر التحديات التي يواجهها الصائمون. فبين السهر الطويل لمتابعة البرامج التلفزيونية الرمضانية، تغير أوقات الوجبات، وضغط الالتزامات اليومية، تتأثر الساعة البيولوجية للجسم بشكل ملحوظ، مما يجعل النوم غير منتظم ويؤدي إلى الأرق الرمضاني.

محمد كواش،  طبيب مختص في الصحة العامة لـ  "الترا جزائر": الأرق الرمضاني ناتج عن مجموعة من العوامل التي تؤثر على الساعة البيولوجية للجسم، وأبرزها السهر حتى السحور إما لمشاهدة البرامج التلفزيونية الرمضانية، أو الخروج إلى المقاهي، أو قضاء الوقت في التجمعات العائلية

إضافة إلى ذلك، تزداد الزيارات العائلية الليلية، وهي من العادات الراسخة في المجتمع الجزائري خلال رمضان، حيث يستغل الكثيرون هذا الشهر لتعزيز الروابط العائلية من خلال التجمعات بعد الإفطار، والتي تمتد أحيانًا حتى وقت متأخر من الليل. وبين أجواء السهر، تبادل الأحاديث، وشرب الشاي والقهوة، يجد الكثيرون صعوبة في النوم مبكرًا، مما يؤدي إلى نقص عدد ساعات النوم والشعور بالإرهاق خلال النهار.

ويشير الدكتور محمد كواش،  طبيب مختص في الصحة العامة في حديث مع "الترا جزائر" إلى أن الأرق الرمضاني ناتج عن مجموعة من العوامل التي تؤثر على الساعة البيولوجية للجسم، وأبرزها السهر حتى السحور إما لمشاهدة البرامج التلفزيونية الرمضانية، أو الخروج إلى المقاهي، أو قضاء الوقت في التجمعات العائلية، وإلى تغير مواعيد الأكل والشرب في هذا الشهر حيث يؤدي إلى مشاكل في الهضم قد تجعل النوم غير مريح، بالإضافة إلى استهلاك المنبهات مثل القهوة والشاي بعد الإفطار يزيد من صعوبة النوم العميق. وهذا التأخير في وقت النوم يسبب خللًا في دورة النوم الطبيعية، ما يجعل من الصعب الاستيقاظ صباحًا بكامل النشاط.

التأثيرات الصحية للأرق الرمضاني

يؤكد الدكتور كواش، أن قلة النوم خلال شهر رمضان لها آثار خطيرة على الصحة، سواء على المدى القصير أو الطويل، ومنها ضعف التركيز والإرهاق العام حيث أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم يؤدي إلى الشعور بالتعب المستمر، مما يؤثر على الأداء اليومي في العمل أو الدراسة. بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب لأن النوم المتقطع يزيد من إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.

وكما يسبب اضطراب النوم حسب الطبيب، ضعف جهاز المناعة لان النوم الجيد ضروري لتقوية المناعة، وقلة النوم تجعل الجسم أكثر عرضة للالتهابات ونزلات البرد والعدوى الفيروسية. ويؤدي إلى زيادة الوزن واضطرابات الجهاز الهضمي لأن الأرق يؤثر على الهرمونات المسؤولة عن الجوع والشبع، مما يزيد من الرغبة في تناول الطعام غير الصحي بعد الإفطار، ويؤثر أيضا على عملية الهضم، مما يؤدي إلى اضطرابات مثل الحموضة، الانتفاخ، وعسر الهضم.

الأرق الرمضاني وحوادث المرور في الجزائر

ويؤكد الدكتور أن اضطرابات النوم خلال شهر رمضان لا تقتصر فقط على الشعور بالإرهاق والتعب الجسدي، بل تمتد تأثيراتها إلى الصحة النفسية والأداء المهني والدراسي، مما ينعكس سلبًا على جودة الحياة اليومية للصائمين.

حيث أن قلة النوم تؤدي إلى زيادة إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، مما يرفع مستويات القلق والتوتر العصبي، ويجعل الشخص أكثر عرضة للتقلبات المزاجية، العصبية، وحتى نوبات الاكتئاب. كما أن الحرمان المزمن من النوم يسبب ضعفًا واضحًا في التركيز، تراجع القدرة على التحليل واتخاذ القرارات السليمة، وصعوبة في أداء المهام الذهنية المعقدة، مما قد يؤثر على الإنتاجية في العمل والتحصيل الدراسي.

ويضيف: "تشير الدراسات إلى أن حرمان الإنسان من النوم لمدة 17 ساعة متواصلة يؤدي إلى تأثيرات مشابهة تمامًا لارتفاع نسبة الكحول في الدم، مما يعني أن الشخص الذي يقود سيارة بعد ليلة من السهر الطويل يكون في حالة مماثلة لشخص يقود تحت تأثير الكحول. وهذا يشكل خطرًا كبيرًا على السلامة المرورية، خاصة في ساعات الصباح الباكر، حيث يكون الكثير من الجزائريين في طريقهم إلى العمل أو الدراسة بعد نوم غير كافٍ.

كيف يمكن التغلب على الأرق في رمضان؟

ولحماية الصحة خلال شهر رمضان، يقترح الدكتور بعض الحلول العملية لمكافحة الأرق وتحسين جودة النوم منها  تنظيم أوقات النوم والتي تتماشى مع وجبتي السحور والفطور وتخصيص قيلولة قصيرة (20-30 دقيقة) خلال النهار،  وتقليل استهلاك المنبهات مثل  القهوة والشاي بعد الإفطار لأنها تحتوي على الكافيين الذي يمنع النوم العميق واستبدالها بأعشاب مهدئة مثل البابونج أو النعناع.

يُنصح بتقليل استهلاك المنبهات مثل  القهوة والشاي بعد الإفطار لأنها تحتوي على الكافيين الذي يمنع النوم العميق

ونصح الطبيب تجنب تناول الطعام الثقيل قبل النوم وخاصة في وجبة سحور التي يجب أن تكون خفيفة ومتوازنة من حيث المكونات الغذائية وقليلة السكريات التي تمد الجسم بطاقة فارغة، وبممارسة رياضة المشي بعد الإفطار مما يساعد على تحسين جودة النوم.

وكما أشار المختص إلى خطورة الضوء الأزرق المنبعث من الهواتف والتلفزيون الذي يزيد استعماله خلال الشهر الفضيل ويؤثر سلبا على إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم، ويُفضل إيقاف الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل. وخلق بيئة نوم مريحة كجعل الغرفة مظلمة وهادئة، واستخدام وسادة مريحة وتحسين تهوية الغرفة.

رمضان فرصة لتحسين جودة الحياة

وقال الطبيب أن رمضان يمثل فرصة ذهبية لتنظيم أوقات الوجبات، والتخلي عن العادات الغذائية السيئة، مما يساعد في ضبط إيقاع النوم وتحقيق توازن صحي يحسن جودة الحياة خلال الشهر الكريم وما بعده، باعتماد نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام يمكن أن يلعبا دورًا مهمًا في الوقاية من الأرق والتخفيف من آثاره السلبية على الصحة الجسدية والنفسية. بالإضافة إلى ممارسة الرياضة بوتيرة مناسبة خلال شهر رمضان، مثل المشي بعد الإفطار أو القيام بتمارين خفيفة قبل السحور يساعد على تحسين جودة النوم من خلال تقليل التوتر وتعزيز الاسترخاء.