13-يوليو-2020

وزارة التعليم العالي خفّضت مدّة تربّص الأطباء المقيمين (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

ينتظر طلبة الطب المقبلون على التخرّج، بفارغ الصبر ردّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، على طلبهم مراجعة قرارها المتعلق بتخفيض تربصهم من 12 شهرًا إلى 9 أشهر، بسبب الظروف التي أحدثتها جائحة كورونا، وهو القرار الذي سيؤثر على قيمة شهادتهم العلمية في الداخل والخارج.

قرّرت وزارة التعليم العالي دون التشاور مع الأطباء الداخليين تقليص مدّة التربص إلى 9 أشهر بدل 12 شهرًا

 وقرّرت وزارة التعليم العالي دون التشاور مع الأطباء الداخليين (الاسم الذي يعرف به طلبة السنة السابعة الذين هم على أهبة التخرج)، تقليص مدّة التربص إلى 9 أشهر بدل 12 شهرًا، وهو المعيار المعتمد في جميع جامعات العالم، للاعتراف بمستوى تأهيل حامل شهادة الطبّ العام.

اقرأ/ي أيضًا: أطباء في مصحّات الحجر الصحّي.. وجهًا لوجه أمام فيروس كورونا

طلب تدخل

في هذا السياق، وجّه أطبّاء داخليون رسالة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، طالبوا فيها بـضرورة "تسوية وضعيتهم حيال مدة التربص المتبقية، وموعد إجراء مسابقة الولوج للتخصّص المزمع إجراؤها يومي 28 و29 تشرين الثاني/نوفمبر القادم، بعد التوقف الاضطراري بسبب الوضع الصحي الناجم عن جائحة كورونا".

وجاء في الرسالة أن "تعليمة إدارية حدّدت موعد العودة لأماكن التربص يوم 15 آب/أوت المقبل، مع إجبارنا بقرار تقليص مدة التربص من 12 شهرًا إلى 9 أشهر".

ووصفت الأطباء الداخليون هذا القرار بـ"أحادي الجانب"، كونه تم "دون الأخذ بعين الاعتبار رأي ممثلي الطلبة أو مشاورتهم باعتبارهم المعنيون الأوائل به".

وحسب الرسالة ذاتها، فإن جموع الطلبة يؤكّدون رفضهم المطلق لهذا القرار، خاصّة وأنهم قوبلوا بردود غير مقنعة، ورفضت كلّ محاولاتهم لمناقشة مخرجاته وعواقبه أو اقتراح حلول أخرى لحله.

وشدّد الأطبّاء الداخليون في رسالتهم، على ضرورة تمكينهم من إتمام المدة الكاملة للتربص مع الحق في اجتياز مسابقة التخصّص، وذلك بتأجيل موعد إجرائها إلى غاية انتهاء التربص، أو إيجاد حل يضمن للجميع حقوقهم البيداغوجية والتكوينية وفقًا ما يمليه القانون.

إنقاذ الشهادات

أطلق الأطباء الداخليون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للوقوف ضد القرارات "التعسفية" التي اتخذها اجتماع عمداء كليات الطلب دون مراعاة مصلحة الطلبة.

وغصت مواقع التواصل الاجتماعي بوسوم #انقذوا_شهادتي و#لا_لتقليص_تربصات_الأطباء_الداخليين و #لا_تمسوا_دبلومي، وغيرها من الشعارات التي تضمنتها تغريدات ومنشورات الأطباء والمتضامنين معهم في العالم الافتراضي.

من جهتها، صنفت سهام حمدوش، هذا القرار ضمن الإجراءات التي ما فتئت الوزارة تسنها ضد طلبة الطبّ في إشارة إلى ما عاناه سابقًا الأطباء المقيمون.

وكتبت على فايسبوك قائلة "يجب التذكير أن هؤلاء هم أطباء المستقبل، كما وجب التذكير أن القرارات التعسفية كانت منذ الأزل، لكن كنا في كل مرة نسبّق المصلحة العامة ونرضى بما يسمى بالتسيير المرقّع، كنا نحاول في كل مرة الخروج بأقلّ الأضرار، جاء الإضراب فدفعنا الضريبة كطلبة للطب، و جاء الحراك واتُخذت قرارات عشوائية ودفعنا الضريبة، وها نحن مرة أخرى ندفع ضريبة جديدة".

أما طالبة الطب إسراء خولة، فأوضحت أن قرار عمداء كليات "غريب يحيطه الكثير من الغموض، لأن تربص 12 شهرًا كاملًا هو الضامن لتخريج طالب الطب بشهادة معترف بها لممارسة المهنة، ولا يمكن ممارستها بشهادة ناقصة في أيّ ظرف من الظروف، ما يجعل أتعاب 7 سنوات من العناء والتفاني في الدراسة تذهب سدى".

وتداول الكثير من الأطباء القانون المحدّد لأطر دراسة تخصص الطب، والمسار الدراسي والتكويني الذي يجب أن يسلكه ليتم الاعتراف بشهادته داخليًا وخارجيًا، ملحّين على ضرورة استدراك الوزارة هذا الخطأ الذي وقعت فيه.

قضية أردنية

لم يقتصر صدى البلبلة التي أحدثها قرار عمداء كليّات الطب على الداخل الجزائري فقط، إنما امتد إلى دول الطلبة المبتعثين الأجانب الدارسين بالجزائر وعلى رأسهم الأردن.

هنا، يقول الدكتور ضياء الربيحات، الطالب بكلية الطب بجامعة عنابة، أن هذا الوضع دفع  بـ "طلبة الامتياز الأردنيين في الجزائر"، للتواصل مع وزارة التعليم العالي الأردنية "لحل قضيتنا بناءً على اتفاقية التبادل الثقافي المسبقة مع وزارة التعليم العالي الجزائرية، وكان الردّ بأن هذا القرار ذو سيادة جزائرية ولا يمكن التدخّل أو المساس به، ضاربين عرض الحائط بنود الاتفاقية المبرمة مع الجانب الجزائري ومتنصلين من المسؤولية".

وأوضحت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الأردنية، في بيان لها، أن "الملحق الثقافي في السفارة الأردنية في الجزائر، ومنذ أسابيع مضت يتابع عن كثب هذه القضية، وخاطب بشكل رسمي الجهات الجزائرية المختصة طالبًا منها السماح للطلبة الأردنيين، بالالتحاق بالتدريب في المستشفيات الجامعية اعتبارًا من بداية الفصل الصيفي".

سياسة التجاهل

وأضافت السفارة، أن السلطات الجزائرية نبهت إلى أن التعليمات حاليًا لا تسمح لجميع طلبة الطب في مستوى السنة السابعة (الامتياز)، بالالتحاق بالتدريب في المستشفيات الجامعية الجزائرية، حرصًا على سلامة الطلبة، ونتيجة للوضع الوبائي لفيروس كورونا في الجزائر، والذي يصنف بأنه غير مستقرّ حاليًا، كما لا يمكن السماح للطلبة الأردنيين بإكمال تدريب سنة الامتياز في المستشفيات الجامعية الأردنية، لأنّ ذلك يتنافى مع سياسة التعليم الجزائرية.

وأشارت الوزارة ذاتها إلى أن قضية الطلبة الأردنيين، لا يمكن حلّها بقرار من مجلس التعليم العالي أو لجنة معادلة الشهادات غير الأردنية في الوزارة، كونها تتعلق بقرار سيادي للدولة الجزائرية، وهي تقع خارج إطار صلاحيات الوزارة.

تبقى هذه القضية تشكّل وجهًا من أوجه سياسة اللامبالاة التي يعيشها قطاع الصحّة في البلاد

وفي انتظار أن تجد قضية الأطباء الداخلين حلًا نهائيًا، تبقى هذه القضية تشكّل وجهًا من أوجه سياسة اللامبالاة التي يعيشها قطاع الصحّة في البلاد، والتي لم تكف أزمة فيروس كورونا، أن تكون عبرة لمراجعة الأخطاء التي ترتكب يوميًا في هذا المجال الحيوي لتطوّر أي مجتمع وبلد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر تسجل أكبر عدد لإصابات كورونا منذ انتشاره.. هل هي موجة أخرى للوباء؟

كورونا.. حالات الشفاء تتصاعد يوميًا واستبعاد رفع الحجر في رمضان