23-سبتمبر-2021

(إنفو ترافيك ألجيري)

لم يتفاجأ الجزائريّون بإقدام الأمطار الطّوفانيّة على سدّ كثير من الشّوارع والطّرقات في مدن شماليّة خاصّة الجزائر العاصمة وضواحيها.

كتب الفنّان الفكاهيّ أمين خثير: "المشكل في الشّعب الذّي لا يعرف السّباحة! لو كنت أنا أحسنها وأنت والآخرون كذلك لوجدت البلاد طريقها إلى الإصلاح

فقد أعلنت عنها مسبقًا نشريّة خاصّة للأرصاد الجويّة، وقد باتت متوقّعة في مثل هذه الفترة، بقدر تفاجئهم بكون إهمال الحكومة والسّلطات المحلّية بعدم الاستعداد لها بإصلاح المجاري المائيّة والأودية الملاصقة للتّجمّعات السّكنيّة، ظلّ يتكرّر مطلع كلّ خريف، بما يعطّل حركة المرور ويتسبّب في خسائر ماديّة.

اقرأ/ي أيضًا: وزير الموارد المائية: البالوعات لم تستوعب الأمطار الغزيرة

وكالعادة تداول روّاد مواقع التّواصل الاجتماعيّ صورًا ومشاهدَ للمياه والأوحال التّي غزت حتّى أماكن مصنّفةً ضمن الأماكن الرّاقية، مثل تلك التّي يشقّها المترو والترامواي مرفوقةً بتعليقات بعضها غاضب وبعضها ساخرL وبعضها مستفهم عن الأسباب وبعضها يقترح بدائلَ وحلولًا.

هنا، يقول النّاشط الاجتماعي والممثّل المسرحي عمّار دامة إنّه مندهش من كون السّلطات تسمح لهذه الكوارث بأن تتكرّر أكثر من مرّة في السّنة، وهي قادرة على تفاديها كلّها أو تفادي أغلبها، بالنّظر إلى حيازتها للإمكانيات الماديّة والمالية؛ وإن لم تكن تملكها، فهي قادرة على برمجتها ضمن ميزانياتها المتعاقبة؛ "ومصدر دهشتي أنّها تقبل بأن تتشوّه سمعتها في الدّاخل والخارج مع استطاعتها جعل العكس يحدث!

هل هناك سلطات لا تحبّ أن يثني عليها المواطنون والأجانب؟ إنّها تصرف أصلًا على ذلك في منابر إعلاميّة مختلفة، فلماذا لا تشتغل بشكل جيد وحقيقي ونزيه في الميدان، فتضمن تنمية وثناءً حقيقيّين؟".

قد أتفهّم أن يسعى النّظام الحاكم، يقول محدّث "الترا جزائر"، إلى الاستمرار في الحكم بكلّ الطّرق ويجهض كلّ دعوة للتّغيير السّياسيّ، لكنّني لا أستطيع أن أتفهّم محاولته الاستمرار بنفس الأخطاء والتّقصيرات والإهمالات والسّكوت على الغشّاشين وكأنّه يقول للشّعب "لا أبالي بك".

يمكنه أن يستمرّ بنفس الوجوه، لكن إلى متى يستطيع الاستمرار بنفس التّوجّهات؟ ويستنكر عمّار دامّة إقدام معظم الوجوه التّي سيّرت المجالس البلديّة والولائيّة المشرفة المباشرة على تهيئة المحيط على التّرشّح للانتخابات المحلّيّة المقرّرة نهاية السّنة الجارية؛ "أين الحياء الذّي ينبغي أن يتحلّى به المسؤول المنتخب؟! كيف سيقابلون المواطنين وهم عجزوا حتّى عن حمايتهم من الأمطار الموسميّة؟".

من جهته، يرى الطّالب في جامعة عنّابة عامر طيكوك أنّ المواطن مسؤول مسؤوليّة مؤكّدة عمّا يحدث في محيطه القريب مع كلّ تساقط للأمطار؛ "فهو لم يدرك لحدّ الآن كونه الضّحيّة الأولى لانسحابه من اختيار مسؤوليه المحلّيّين؛ أو انخراطه في ذلك، لكن على أساس الولاءات لا الكفاءات؛ وهو بهذا متواطئ ضدّ مصالحه! ثمّ إنّه عليه ألّا ينسى انتهاكه لشروط النّظافة خلال المواسم السابقة على موسم الأمطار".

يسأل: "كم من مواطن يرمي نفاياته في سلال القمامة في مقابل من يرميها في الشّارع مباشرةً؟ هل يحقّ لمواطن يفعل ذلك أن يحتجّ حين تغمر المياه بيته أو عمارته أو محلّه؟".

ويدعو محدّث "الترا جزائر" جميع المنظومات الشّريكة في مثل هذه الحالات، منها المواطن والجماعات المحلّيّة والمدرسة والإعلام والمسجد وجمعيات المجتمع المدنيّ، إلى مراجعة النّفس والوضع؛ "حتى يصبح الاهتمام بالمحيط ثقافةً عامّة".

ولأنّ الأمطار وما سبّبته من مشاهدَ مثيرةٍ للأسف تزامنت تمامًا مع الدّخول المدرسيّ؛ حيث التحق قرابة عشرة ملايين متمدرس في الأطوار الثّلاثة بالمؤسّسات التّربويّة، فقد راح كثيرون يقارنون بين الخطاب الحكوميّ الذّي يقول إنّ كلّ شيئ على ما يُرام والواقع الذّي يقول إنّ التّلاميذ والطّواقم التّربيويّة لم يستطيعوا أن يلتحقوا بمدارسهم أو يخرجوا منها بعد الالتحاق بسبب الأمطار.

كتب أستاذ التّعليم الثّانويّ يوسف رابح: "أمطار الخريف المباركة مع أوّل أيّام المدارس، تكنس الڨشّ وتفضح الغشّ وتُخرج ما نُسِيَ من القش!". فيما أشار الصّحفيّ مهدي برّاشد إلى مفارقة واضحة هي: "اليوم بعض التّلاميذ أخذوا درسًا نموذجيًّا نظريًّا في الكوارث الطّبيعيّة، ثمّ أخذوه تطبيقيًّا بعد تسرّب الامطار إلى المدارس!".

وبروحه السّاخرة كتب الفنّان الفكاهيّ أمين خثير: "المشكل في الشّعب الذّي لا يعرف السّباحة! لو كنت أنا أحسنها وأنت والآخرون كذلك لوجدت البلاد طريقها إلى الإصلاح!".

وتساءلت الصّحفيّة نبيلة سنجاق: "عشيّة الانتخابات المحليّة تغرق المدن مرّة أخرى في وحل سوء التّسيير والكذب الإداريّ. كم من سفينة نوح نحتاجها لتُنقذنا من هذا الوضع!؟".

وورد في تدوينة فيسبوكية للأكاديميّة حسينة بوشيخ: "ثورة الاتصال وتكنولوجياته سبقت ثورة الفكر والعمل في بلدان العالم الثالث، حتّى تخال أنّ هذا الهاتف الذّكيّ بات يضحك على كلّ تلك الخيبات والمآسي التّي يوثّقها. وكأنّه يريد أن ينطق ليقول: اعملوا.. ارتقوا والتقطوا صورًا للجمال بدل كلّ هذا القبح".

تزامنَ عرض حكومة أيمن بن عبد الرّحمن لبرنامجها على نوّاب مجلس الأمّة مع مخلّفات الأمطار الطّوفانيّة

تزامنَ عرض حكومة أيمن بن عبد الرّحمن لبرنامجها على نوّاب مجلس الأمّة مع مخلّفات الأمطار الطّوفانيّة. فهل سيكون ذلك سببًا في تحفّظ المجلس على هذا البرنامج الذّي لم يقدّم إلّا حزمةً من الوعود والنّوايا الحسنة؛ منها ما تعلّق بالبيئة وتهيئة المحيط، عوضًا عن الأرقام والإحصائيات والمواعيد المدروسة؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

سيول جارفة تحدث طوارئًا بالعاصمة وولايات شمالية

قتلى في سيول جارفة بباتنة وتبسة