03-يناير-2021

ملازم فرنسي في مهمّة برخان (الصورة: أ.ف.ب)

كشف بيان لوزارة الدفاع الجزائرية عن استراجاع مبلغٍ ماليٍ قُدّر بـ 80 ألف أورو خلال عملية تمشيط ببلدية العنصر في ولاية جيجل شرق البلاد.

 تتمسّك الجزائر بمبدأ عدم الرضوخ لابتزاز الجماعات الجهادية في منطقة الساحل الأفريقي

وأشار البيان، إلى أن المبلغ المسترجع، تبيّن أنه يمثل  دفعة من عائدات الفدية التي كانت محلّ صفقة في شهر تشرين الثاني/أكتوبر الماضي بمنطقة الساحل استفادت منها جماعات جهادية.

اقرأ/ي أيضًا: الجيش يضبط فدية منِحت للإفراج عن رهائن في الساحل

في الموضوع نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الوطني مؤخّرًا أنها اعتقلت عناصر جهادية أطلق سراحهم في الفترة الأخيرة بمالي رفقة 200 إرهابيٍّ آخر.

وأطلقت الحكومة المالية شهر تشرين الأوّل/أكتوبر العام الماضي، سراح متشدّدين مشتبه في انتمائهم لتنظيمات إرهابية، مقابل اطلاق أربعة رهائن من بينهم الفرنسية صوفي بترونان التي تعمل في القطاع الإنساني.

استياء جزائري

من جهتهم، يرى كثير من المتتبعين للشأن الأمني أن ردة فعل السلطات الجزائرية، تشكّل ردّ فعل رسمي على عملية إطلاق سراح المئات من المتشدّدين المسلحين، حيث أكّدت "أن هذه التصرّفات غير المقبولة والمنافية للقرارات الأممية التي تجرّم دفع الفدية للجماعات الإرهابية، من شأنها أن تُعرقل الجهود المبذولة قصد مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله."

وفي السياق نفسه، ذكرت مصادر إعلامية أن الحكومة الجزائرية خفّضت من مستوى استقبال وزير الداخلية جيرالد درمانان، لدى وصوله إلى الجزائر شهر تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي، مع تجاهل إعلامي وسياسي للزيارة، وهي رسالة سياسية يعود فيها السبب إلى استياء الجزائر من الصفقة الفرنسية مع الجماعات الجهادية في مالي.

ازدواجية الخطاب الفرنسي

لقد أثارت الصفقة الفرنسية عدم رضا السلطات الجزائرية، إذ تعتبر الجزائر دفع الفدية بمثابة تمويل إرهابي ويُشجّع على  انتشار وتوسع الشبكات الإرهابية والإجرامية، في هذا السياق، يقول الخبير الأمني أكرم خريف، إن الشبكات الإرهابية في الساحل، استقرّت بداية من الألفية بعد دفع الفدية من طرف العواصم الأوروبية.

وأكد خريف في حديث لـ "التر جزائر"، أنه لولا وجود مصادر تمويل مالي في المنطقة، ما كانت لتظهر جماعات متشددة في منطقة صحرواية بها تضاريس جبلية صعبة. 

وذكر محدثنا أن فرنسا  الرسمية لا تتبنّى سياسية التفاوض مع إرهابيين، غير أنّ الحكومة الفرنسية أكّدت أن المفاوضات أجرتها السلطات المالية مع تنظيمات جهادية محليّة. وتقود فرنسا في إطار مكافحة الإهاب عملية برخان في شمال مالي.  

الجزائر والفدية

في مقابل ذلك، تتمسّك الجزائر بمبدأ عدم الرضوخ لابتزاز الجماعات الجهادية في منطقة الساحل الأفريقي، رغم المخاطر على أمنها الداخلي والاقليمي، حيث يذكر أن الجزائر رفضت عرضًا تقدمّت به "جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا"، لتحرير الدبلوماسيين المختطفين بمالي سنة 2012، مقابل الإفراج عن ثلاثة إرهابيين مسجونين في الجزائر.

وفي تقدير خبراء أمنين، فإن مبالغ الفدية التي تدفع للإرهابيين تموّل عمليات اختطاف الرهائن المستقبلية مضاعفة بذلك عدد الضحايا، كما أنها تٌشجع شبكات الارهاب والمخدرات والأشكال الأخرى للجريمة المنظمة العابرة للحدود والبحث عن مصادر مالية أكبر، بحسب رأسهم.

في السياق ذاته، قال المحلّل السياسي في الشأن الدولي، خالد توازي، إن دفع الفدية بالنسبة للجزائر مسألة مرتبطة بالأمن القومي، وهي تهديد مباشر للحدود الجزائرية خاصّة إذا علمنا بأن الحدود في الجنوب مفتوحة تقريبًا على كل الدول المجاورة بطريقة قانونية أو غير قانونية .

يستطرد توازي في حديث لـ "التر جزائر"، أن الفدية اليوم وسيلة لإعادة إحياء جماعات إرهابية نائمة، متسائلًا عن دوافع وأسباب الصفقة بين الحكومة الفرنسية والجماعات الجهادية، وإن كان الأمر مرتبطًا بالتوجه الجديد للدولة الجزائرية في البحث عن شركاء جدد غير الشركاء التقليديين، أم ان الأمر لا يعدو سوى استجابة لواقع وضغوطات داخلية، ومن أهالي المخطوفين، ومن ثمّ محاولة لإرضاء الجبهة الداخلية على حساب دول أخرى الشيء.

يشير المتحدّث إلى أن الجزائر هذه المرّة، تدين بصفة مباشرة الطرف الذي دفع الفدية، قائلًا "الأيام القادمة ستكشف لنا ربما عن النوايا الحقيقية". وفي تقديره أنها تتعلق بإعادة الاستثمار في العناصر الجهادية لاستغلال المنطقة أمنيًا.

تصعيد أمني في الساحل

وتشهد منطقة الساحل الأفريقي تصعيدًا أمنيًا خطيرًا، فخلال أسبوع واحد قُتل خمسة جنود من قوّات برخان الفرنسية أعلنت جماعة نصرة الاسلام والمسلمين مسؤوليتها عن الهجمات الأخيرة. وتشهد منطقة الساحل توسع في أعمال العنف بشكلٍ متزايد، وتتخوّف الدول المجاورة من تحوّل المنطقة إلى مركز ثقل لتنظيم الدولة الاسلامية، وانتقاله من الشرق الأوسط إلى القارة الأفريقية.  

وتتّجه القوّات الفرنسية إلى تقليص وجودها العسكري في منطقة الساحل، بعد تراجع دول الأوروبية عن المساهمة في تشكيل قوّة أوروبية موحدّة، هنا، يجدر التذكير بأنّ قوّة "برخان" الفرنسية تعزّزت بـ 6000 عسكري من خمس دول، تضم موريتانيا تشاد ومالي وبوركينا فاسو والنيجر.

تتّجه القوّات الفرنسية إلى تقليص وجودها العسكري في منطقة الساحل

وفي سبيل قطع مصادر التمويل المالي للجماعات الجهادية، شدّد مجتمع الدولي على تجريم دفع الفدية، وقد أشار مجلس الأمن في لائحته 1373 (2001)، إلى أنّه يجب على كل إرهابية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إلقاء القبض على إرهابي أطلق سراحه في صفقة أسرى بمالي

توالي سقوط إرهابيي الصفقة الفرنسية في قبضة الجيش الجزائري