31-يوليو-2022
امرأة من ضحايا مجزرة قرية رايس بسيدي موسى سنة 1997 (الصورة: أ.ف.ب)

امرأة من ضحايا مجزرة قرية رايس بسيدي موسى سنة 1997 (الصورة: أ.ف.ب)

أعاد مشروع للحكومة الجزائرية لتمديد العمل بسياسة السلم والمصالحة الوطنية فتح جراح عائلات ضحايا الإرهاب التي فقدت أبناء وأقارب لها في الأزمة الأمنية التي شهدتها البلاد سنوات التسعينات من القرن الماضي.

في منطقة ولاد يعيش بالبليدة فقدت شريفة شقيقيها ليلى ومحمد رضا وأصيبت والدتها بجروح في هجوم إرهابي على منزلهم العائلي

و فيم السلطات ماضية في وضع قانون لقانون يتضمن تدابير تكميلية لقانوني الرحمة والوئام الـمدني وكذا ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يقضي بالإفراج عن 298 معتقلًا سياسيًا، ترى جمعية "جزائريونا " وهي واحدة من المنظمات المعارضة لميثاق السلم والمصالحة الوطنية(2006) الذي أتاح العفو عن آلاف من المسلحين في وقت سابق، أن المشروع الحكومي يعد "مساسًا بذاكرة الضحايا".

وقالت رئيسة الجمعية المحامية شريفة خذار تعليقًا على سؤال "الترا الجزائر " أن "السلطات تريد إبلاغنا برسالة مفادها أنه لم يعد لنا حق لدينا في هذا البلد"، مضيفة "مرّة أخرى نجد أنفسنا محرومين من حقنا في جبر الضرر النفسي بصفتنا ضحايا العنف الإسلاماوي".

فقدت شريفة شقيقيها ليلى ومحمدرضا وجرحت والدتها خلال هجوم على منزلهما ليلة 24 جوان/حزيران تموز 1996 نفذها متطرفون إسلاميون مسلحون بمنطقة أولاد يعيش بالبليدة جنوب العاصمة، واحدة من أسخن المناطق الأمنية التي تشكل مثلث الموت حيث قتل آلاف الضحايا من المدنيين والعسكريين.

العدالة الانتقالية 

و اشتكت في هذا السياق من أن بعض المتورطين في اغتيال شقيقيها لا زال يتمتعون بالحرية، وتناضل جمعية "جزائريونا" التي ترأسها خذار لأجل ملاحقة المتورّطين في المجازر وأعمال القتل، وتظهر معارضتها العلنية لكل مشروع حكومي يهدف لإنهاء الأزمة لا يتضمن المرور عبر ما يسمى بالعدالة الانتقالية التي تفرض على الدول واجب" بتوفير سبل انتصاف فعالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وتلبية حقوقهم في الحقيقة والعدالة والجبر".

وقالت خذار في حديث إلى "الترا الجزائر" أن التجارب الناجحة في  الدول التي مرت بأزمات شبيهة بالأزمة الجزائرية مرت عبر طريق العدالة الانتقالية الذي يفرض تقصي الحقائق ومبادرات الملاحقات القضائية وأنواع مختلفة من التعويضات ومجموعة واسعة من التدابير لمنع تكرار الانتهاكات من جديد".

ولم تتردد الجمعية لتحقيق أهدافها في تنسيق عملها مع فئة من ضحايا الأزمة الأمنية والسياسية التي شهدتها الجزائرية وهي عائلات المفقودين ، التي لازال بعض ممثليها يقاومون الاغراءات الحكومية للقبول بتعويض مالي، والتنازل عن مطلب تحديد مصير ابنائها.

و اجتمعت عائلات ضحايا الإرهاب برفقة عائلات المفقودين من جديد حول طاولة واحدة في 23 تموز/جويلية 2022 على طاولة واحدة لمناقشة مشاركة النساء في النزاعات المسلحة، مسار السلم ومراحل ما بعد النزاع.

ضحايا الإرهاب 

وتشترك الجمعيتان رفقة منظمات تدافع عن الضحايا ومنظمات حقوقية غير حكومية إقليمية ودولية في تقديم تقارير تنتقد أوضاع حقوق الانسان في الجزائر بمناسبة عرض ومناقشة تقارير في دورات مجلس حقوق الانسان التابع للأمم الذي سيدرس في دورته الـ41  تقريرًا خاصًا بالجزائر.

ولكن بفعل عامل الزمن وقانون الصمت الذي الزمت السلطات به الجزائريين بمن فيهم الصحفيين، اختفى المدافعون عن حقوق ضحايا الإرهاب والمفقودين من المشهد السياسي والإعلامي في الجزائر باستثناء مناسبات إحياء ذكرى المجازر والاغتيالات التي طالت بعد الرموز السياسية والفنية والعلمية، إذ  يخشى الصحفيون الخوض في الملف خوفًا من عقاب السلطات اذا تقضي المادة 46 من الأمر رقم 06-01 المؤرّخ في 27  شباط /فيفري 2006، المتضمن تنفـيذ ميثـاق السلم والمصالحة الوطنيّـة، على عقوبة بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس  سنوات وبغرامة من 250.000 دينار إلى500.000  دينار، كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية أو يعتد بها للمساس بمؤسسات الجمهورية، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية".

غموض حول القانون

باستثناء ما جاء في بيانات للرئاسة الجزائرية بخصوص المستهدفين بالقرار ثم  في بيان لاحق لمجلس الحكومة حول المستهدفين بالقانون الجديد، يسود غموض لافت بخصوص مضامينه.

قال مجلس الحكومة إن القانون"يتضمن تدابير خاصة للمّ الشمل من أجل تعزيز الوحدة الوطنية. آخذًا بعين الاعتبار التجربة الوطنية خلال مختلف مراحل المصالحة الوطنية التي عرفتها بلادنا".

تحتج هنا خذار على اسلوب عمل الحكومة  في طرح المشروع  ، متهمة الحكومة  بتعميم ثقافة النسيان والإنكار فيم كان  عليها فتح   مشاورات مع الذين وقفوا ضد اصحاب المشروع الظلامي ، مبرزة ان الخطة الحكومية " تظهر مرة أخرى أن نضالنا وتضحياتنا غير معترف بها".

وتذهب للقول ما نشهده حاليًا والبلاد تستعد لإحياء الذكرى الـ 16 لإجراء الاستفاء على مبادرة السلم والمصالحة الوطنية (29 أيلول/ سبتمبر2005)"إننا أمام عملية عود "، والعود تعبير قانوني يقصد به الحالة التي يرتكب فيها  متهم لجريمة جديدة مع العلم أنّه قد سبق الحكم عليه بعقوبة من أجل جريمة سابقة.

ومن جهته رفض مكتب منظمة العفو الدولية –أمنيستي -بالجزائر التعليق على المشروع الحكومي، وقال متحدث فيه فضل عدم الكشف عن هويته لـ "الترا الجزائر إنه من السابق لأوانه الحديث عن خطة الحكومة قبل الاطلاع على تفاصيلها.

يخشى الصحافيون الخوض في ملف سجناء العشرية السوداء خشية الملاحقات القضائية من السلطة 

ويحظى موقف "جزائريونا" بدعم قوى المعارضة الديمقراطية مثل التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية، لكن قوى سياسية شريكة في الحكومة مثل حركة البناء الوطني عبرت عن ارتياحها للخطة الحكومة للإفراج عن المساجين على أمل اغلاق هذه الصفحة من المأساة الوطنية التي خلفت آلاف الضحايا والمفقودين.