الإفراج عن صنصال مقابل إعادة الجماجم.. "سقطة" مذيعة فرنسية شهيرة تحيي جرحا غائرا في الذاكرة الجزائرية
8 يونيو 2025
أعادت المذيعة الفرنسية الشهيرة ذات الأصول اللبنانية ليا سلامي، من حيث لا تريد، طرح قضية جماجم المقاومين الجزائريين المحتجزة في متحف الإنسان بباريس، بعد الطريقة التي حاورت بها مؤرخا متخصصا في الجرائم الاستعمارية خلال القرن التاسع عشر.
بعض جماجم الجزائريين تم تحويلها إلى مختبرات "العلوم العنصرية" في محاولة لتبرير التفوق المزعوم للعرق الأبيض على الشعوب المستعمَرة
وأثارت ليا سلامي جدلاً حاداً بعد حوار لها بثّته إذاعة فرنس أنتر العمومية، اقترحت فيه بطريقة بدت صادمة لكثير من المتابعين، "مقايضة" جماجم الشهداء الجزائريين، بالإفراج عن الكاتب الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال، المحكوم عليه بالسجن في الجزائر بتهمة المساس بوحدة التراب الوطني.
وجاء حديث سلامي أثناء استضافتها الكاتب الفرنسي من أصول جزائرية، إكزافيي لوكلير، الذي كان يتحدث عن الممارسات الاستعمارية الوحشية في الجزائر، لاسيما التعامل المهين مع رفات المقاومين الذين قُطعت رؤوسهم وأُرسلت إلى فرنسا خلال القرن التاسع عشر.
وفي سياق الحوار، تدخلت سلامي معقبة على كلام ضيفها بالقول: "ألا يمكننا، في مقابل إعادة الجماجم الـ9000 للجزائر الإفراج عن صنصال؟".
استفزاز واستنكار واسع
سرعان ما أثارت تصريحات هذه المذيعة التي تعمل في مجموعة "فرانس تلفزيون" وتحاور كبار الشخصيات في البلاد، موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وصفت من قبل كثيرين بـ"الاستفزاز الوقح" و"الصفقة المهينة لذاكرة الشهداء".
وكتب عبد العزيز رحابي، الوزير والدبلوماسي الجزائري السابق، على منصة "إكس": "هذا انحطاط أخلاقي، لا يمكن المساومة بجماجم من حاربوا من أجل الكرامة والاستقلال". واستنكر العديد من المثقفين والناشطين ما وصفوه بـ"الابتذال الفرنسي المتكرر تجاه الرموز التاريخية للجزائر".
Une journaliste propose d’échanger les 9000 cranes d’algériens du Musée de l’Homme contre la "libération" de Sansal … scandaleux
Xavier le Clerc explique sur la Radio France Inter qu’au 19e siècle l’armée française mettait des ossements humains des algériens et des…— @AbdelazizRahabi عبد العزيز رحابي@ (@AbdelazizRahabi) May 29, 2025
أما الكاتبة الصحفية حدة حزام فوصفت، في مقال هجومي، تصريحات سلامي بـ"الفضيحة بكل المقاييس"، متسائلة: "من تكون هذه الإعلامية حتى تتجرأ على كرامة الشهداء وتتدخل في قضية جزائرية خالصة؟".
وانتقدت حزام بشدة ما رأته "خيانة مزدوجة"، من صنصال ومن الإعلامية التي تنكرت لأصلها اللبناني وأصبحت أداة في خدمة "منظومة فرنسية مهترئة تتخبط في عنصريتها التاريخية".
والكاتب بوعلام صنصال، المعروف بمواقفه المثيرة للجدل، يقبع حالياً في السجن بعد أن صدر بحقه حكم ابتدائي بالسجن خمس سنوات وغرامة مالية قدرها 500 ألف دينار جزائري، على خلفية تصريحات له على قناة يمينية فرنسية اعتُبرت لوحدة الدولة الجزائرية.
رمزية الجماجم
واللافت أن سلامي، وهي نجلة الموظف الأممي السابق غسان سلامة، وفق ما أظهرته ردود الفعل الواسعة على كلامها، قد أيقظت جرحا حساسا في الذاكرة الجزائرية، والذي جرى الصمت عنه في السنوات الأخيرة بعد تدهور العلاقات الجزائرية الفرنسية.
ولطالما شكلت قضية جماجم المقاومين الجزائريين مأساة إنسانية تلخص وحشية الاستعمار الفرنسي، وإحدى القضايا الإشكالية في تسيير ملف الذاكرة بين البلدين، إذ لا يفهم الجزائريون إلى اليوم سبب المماطلة في الاحتفاظ برفات أجدادهم في متحف، بدل تسليمهم إلى بلادهم من أجل دفنهم بما يليق بمقامهم مقاومتهم
ورغم أن التحركات الدبلوماسية في هذه القضية، قد أثمرت تم بالفعل في استرجاع 24 جمجمة في عام 2020، في خطوة وصفت بالتاريخية، غير أن مئات بل آلاف الجماجم لا تزال محجوزة في خزائن المتحف.
وحتى تلك الخطوة، لم تخل من تشكيك في أهداف ونوايا الطرف الفرنسي، حيث أن صحيفة نيويورك تايمز ذكرت في تحقيق لها أن بعض الجماجم المعادة ليست كلها لمقاومين جزائريين، وفق ما جرى التصريح به من قبل الجانب الفرنسي.
وفي بداية تشرين الثاني/نوفمبر 2022، قدّم النائب الفرنسي كارلوس مارتنس بيليونغو (فرنسا الأبية) مشروع قانون يهدف إلى تسهيل إجراءات استرجاع الجماجم الجزائرية، مستخدمًا السلطة التشريعية كأداة تُعجل إعادة الرفات بلا انتظار عقبات بيروقراطية أو تتطلب الاستعانة بلجنة متخصص. لكن هذه الخطوة، لا تزال تراوح مكانها في وقت يرتفع ملف الذاكرة وينخفض دائما على وقع طبيعة العلاقات المتأزمة بين البلدين.
شاهد على فظاعة الاستعمار
وتوثق الكثير من الأبحاث، كيف أن فرنسا الاستعمارية استخدمت هذه الجماجم، ليس فقط كتذكار حرب تحاول فيها إهانة المقاومين، بل حولتها أيضًا إلى أدوات في مختبرات "العلوم العنصرية" آنذاك، حيث خضعت لقياسات وتوثيق ضمن ما عُرف بعلم قياس الجماجم (craniométrie)، في محاولة لتبرير التفوق المزعوم للعرق الأبيض على الشعوب المستعمَرة.
ولم تُعامل هذه الجماجم كرفات بشرية تعود لمقاتلين دافعوا عن أرضهم وكرامتهم، بل كعينات صامتة لدعم أطروحات استعمارية مقيتة، عُلّقت على جدران المتاحف أو حُفظت في صناديق بعيدة عن أي بعد إنساني أو أخلاقي.
وقد بقيت هذه الجماجم لعقود شاهدة على النظرة الدونية التي كرّستها فرنسا تجاه الجزائريين، لتتحول في زمننا الراهن إلى ملف يؤرق ذاكرتها الرسمية، كلما طالبت الجزائر باستعادتها وكرامة أصحابها.
وتشير أبحاث جديدة إلى أن الكثير من الجماجم في تلك الفترة، كانت تحرق في الجزائر لاستعمالها كوقود بعد خلطها برفات حيوانية، في عملية تكرير السكر، وهو ما حدا بالأمير عبد القادر لتحريم استهلاك ذاك النوع من السكر في ذلك الوقت.
الكلمات المفتاحية

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين
في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

بعد التتويج الـ 9 .. اتحاد الجزائر يلحق بشباب بلوزداد في سجّل الأبطال
عَادَل اتحاد العاصمة الرقم القياسي لشباب بلوزداد بتتويجه بكأس الجمهورية للمرة التاسعة، في يوم رمزي يصادف عيد الاستقلال والذكرى الـ 88 لتأسيس النادي، ليُشعل بذلك من جديد فتيل المنافسة التاريخية بين الناديين ويفتح فصلًا جديدًا في سباق الألقاب.

ليسوا أرقامًا... بل قصصًا: 374 ألف راسب في "البيام" بالجزائر
أكثر من 300 ألف تلميذ رسبوا في امتحانات شهادة التعليم المتوسط بالجزائر، رقم ثقيل وذو دلالة، لا يمكن المرور عليه مرور الكرام. لكنه، بحسب أبجديات المهنة الصحفية، لا يُقرأ كرقم مُجرّد فقط، بل كمدخل إلى قصص فردية وجماعية، قد نصل إلى تفاصيل بعض أسبابها، أو نكشِف جانبًا واحدًا منها على الأقلّ في منظُومة تهمّ المجتمع.

أزمة الدكتوراه المُعلّقة بالجامعات.. هل شطب الأطروحات هو الحل؟
في أيار/ ماي 2024، أُتيحت فرصة ثمينة لعدد من الباحثين للمشاركة في دورة تدريبية تناولت تحديات البحث العلمي وظروف إنجاز أطروحات الدكتوراه. طُرحت خلالها، قضايا جوهرية تتعلق بتأخر إنجاز البحوث الأكاديمية، وتكشّفت أبعاد متعددة لهذه الظاهرة التي لم تعد تُختزل في تقصير الطلبة فقط.

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين
في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

الجزائر في صدارة مورّدي الغاز لإسبانيا في 2025 بعد تراجع أميركا
استعادت الجزائر موقعها التاريخي كمورّد رئيسي للغاز الطبيعي إلى إسبانيا خلال النصف الأول من سنة 2025، متقدمة على الولايات المتحدة الأميركية التي شهدت صادراتها تراجعاً حاداً خلال شهر حزيران/جوان الماضي.

ساعات بعد جريمة ألمانيا.. مقتل شاب جزائري مقيم في مركز لجوء بسويسرا
اهتزت الجالية الجزائرية في أوروبا على وقع جريمة جديدة، بعد مقتل شاب جزائري يبلغ من العمر 17 سنة طعنًا بالسكاكين في مدينة هيربروغ بسويسرا، فجر أمس الجمعة 11 تموز/جويلية، حسب ما نقلته صحف محلية.

طقس الجزائر: بحر هادئ إلى قليل الاضطراب وحرارة مرتفعة
تشهد مختلف مناطق الجزائر هذا السبت 12 تموز/جويلية 2025 أجواء مشمسة ومستقرة على العموم، مع تفاوت في درجات الحرارة ونسب الرطوبة بين المناطق الساحلية والداخلية والجنوبية.