الاحتراف الرياضي في كرة القدم الجزائرية.. مشروع لم يكتمِل

مع اختتام مُنافسات البطولة المحترفة الأولى لكرة القدم بالجزائر، يُطرح مجددًا سؤال جوهري: هل حقًّا بدأ الاحتراف في الجزائر؟

هل ستكون هذه الإجراءات بداية حقيقية للإصلاح في عالم كرة القدم، أم مجرد مسكّنات ظرفية؟ 

رغم ما شهده الموسم من تنافس كروي على مستوى النتائج، إلا أنّ المنظومة ككل ما زالت مثقلة بالتحديات التنظيمية والمالية، ما يفرض مراجعة شاملة تبدأ من الاعتراف بحقوق مختلف الفاعلين، وصولاً إلى تطوير البنية التحتية ومراكز التكوين.

تحويلات ضخمة 

في اجتماع حديث، كشفت وزارة الشباب والرياضة عن أرقام مقلقة: بلغت تحويلات أجور اللاعبين والمدربين الأجانب ما يقارب 9  ملايين دولار في موسم واحد، حُوِّلت معظمها إلى الخارج. هذه الأرقام تضع تساؤلات حول فاعلية الإنفاق في ظل نتائج رياضية وإدارية متواضعة، وغياب استثمارات حقيقية في البنية التحتية أو مراكز التكوين.

تسقيف أجور اللاعبين

وكشفت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم عن قرار تسقيف رواتب لاعبي كرة القدم عند 300 ألف دينار شهريًا للاعبين، ابتداءً من الموسم المقبل.
يُعتبر هذا القرار خُطوة تستهدف ضبط التسيير المالي، لكنه أثار جدلًا واسعًا حول مدى توافقه مع مفهوم الاحتراف الحقيقي، الذي لا يقوم فقط على تقييد الرواتب، بل يتطلب اقتصادًا رياضيًا متكاملًا ومستقلًا عن المال العام وخزينة مؤسسات حكومية.

احتراف مدعوم

لفت الناشط الرياضي عنتر منير دمبري، إلى أنّ النماذج العالمية للاحتراف تعتمد على مداخيل ذاتية مثل تذاكر المباريات، البث التلفزيوني، الرعاية والتسويق، وتُساهم في دفع الضرائب.

وواصل في تدوينة له على منصة التواصل الاجتماعي " فيسبوك" قائلا إنّ أغلب الأندية في الجزائر تعيش على الدعم العمومي، مما يجعل نموذج "الاحتراف المدعوم" هشًا، ويمثل عبئًا متزايدًا على الخزينة العمومية.

رواتب في وضع اقتصادي صعب

في ظل تمويل الدولة للأندية، يُطرح تساؤل منطقي: هل من المقبول أن يتقاضى لاعب 300 ألف دينار شهريًا؟
يرى كثيرون أن السقف المرتفع لا يراعي الظروف الاقتصادية الحالية، ويقترح البعض خفضه إلى 100 ألف دينار، انسجامًا مع مبدأ الحوكمة وترشيد الإنفاق.

وكلاء اللاعبِين

بدوره أشار الكاتب الرياضي وليد بوشنافة إلى أن تغييب وكلاء اللاعبين عن النقاش حول تسقيف الأجور يُعد تجاهلًا لطرف محوري في المنظومة.
وأضاف في تدوينة له على منصة التواصل الاجتماعي " فيسبوك" أن القوانين الحالية، خاصة منع الفيفا للعمولات من "منح الأداء"، تجعل عمل الوكيل غير مجدٍ ماليًا، ما سيدفع العديد إلى ترك المهنة، إلا من يواصل بدافع الشغف.

إصلاح كروي حقيقي؟ 

المحلل والصحفي الرياضي عبد العزيز خرفية طرح تساؤلًا جوهريًا: في تدوينة له على منصة " فيسبوك" شرح فيها مختلف المعطيات المقدمة من الهيئات الكروية في الجزائر، مفاده:" هل ستكون هذه الإجراءات بداية حقيقية للإصلاح في عالم كرة القدم، أم مجرد مسكّنات ظرفية؟"

الظاهر أنّ الإصلاح الجذري لكرة القدم في الجزائر لن يتحقق بقرارات معزولة، بل يحتاج إلى إرادة سياسية واضحة، تتطلب بدورها إشراك فعلي لكل الفاعلين، واعتماد نموذج اقتصادي جديد يجعل من الرياضة قطاعًا منتجًا حتّى لا يكون ضمن أعباء تثقل الخزينة العمومية.