30-أكتوبر-2019

البشير ربوح ومحمد الصادق بلّم (فيسبوك/ الترا جزائر)

تسبّب حادث مرور، الخميس، في رحيل الكاتبين والباحثين في الفلسفة وعضوي "الجمعيّة الجزائريّة للدّراسات الفلسفيّة"، البشير ربّوح ومحمّد الصّادق بلّم، بينما كانا متوجّهين من مدينة راس الوادي إلى جامعة باتنة، شرقيّ الجزائر العاصمة، حيث يدرّسان منذ سنوات.

سخّر الفقيدان طاقتيهما المعرفيّتن في فهم اللّحظة الجزائريّة وتفكيكها ومرافقتها في إلى الانعتاق 

سخّر الفقيدان طاقتيهما المعرفيّتن في فهم اللّحظة الجزائريّة وتفكيكها ومرافقتها في مسعاها إلى الانعتاق من الشّروط السّياسيّة والاجتماعيّة المتعسّفة، خاصّة منذ انطلاق الحراك الشّعبيّ والسّلميّ يوم 22 شباط/ فبراير الفائت، حيث لم يتأخّرا يومًا واحدًا عن الشّارع المنتفض حضورًا وتأثيرًا وتأطيرًا وتنظيرًا. وهو ما لم يفعله قطاع واسع من الأساتذة الجامعيّين، الذين انخرطوا في مسعى تبرير خيارات السّلطة القائمة.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| بشير ربّوح: الحراك الشعبي حقل دسم للفلسفة

لقد جعلا من مدينتهما رأس الوادي، التّي تُعدّ دائرة تابعة لولاية برج بوعريريج، 200 كيلومتر إلى الشّرق من الجزائر العاصمة، نموذجًا للمدينة الدّاخليّة المهمّشة إعلاميًّا، لكنّها بقيت وفيّة لمسيرات الجمعة، منذ 36 أسبوعًا. كما جعلا منها منارة ثقافيّة وفكريّة من خلال النّدوات، التّي كانا يقيمانها باسم "الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفيّة".

يقول النّاشط جمال خبابة في هذا الباب لـ"الترا جزائر" إنّهما كانا يصرفان على النّدوات من جيبيهما ويخصّصان لها من وقتيهما وأعصابهما ما جعلها تستمرّ منذ سنوات، "لقد ربطا السّؤال الفلسفيّ بهواجس الشّارع، فصار الفلّاح والنّجّار والعسكريّ والطّالب والمواطن العادي يحضر تلك النّدوات ويطرح الأسئلة ويناقش المفكّرين". يختم: "لقد فقد الشّارع برحيلهما فيلسوفين يمثّلانه ويتمثّلانه".

من جهته، قال الشّاعر ومنسّق المقهى الثّقافيّ رشيد بلمومن، إنّ الفقيدين رحلا في أوجّ حاجة الرّاهن الجزائريّ إليهما، "بصفتهما مثقفّين يجمعان بين عمق الفكرة وروح المبادرة والوفاء لتطلّعات الشّارع إلى غد مختلف". يضيف محدّث "ألترا جزائر": "لقد شكّلا بديلًا للمثقف الذّي ينظر إلى واقعه من برج عاجيّ ويطلق عليه أحكامًا جاهزة، هي ثمرة لتعاليه وانفصاله المرَضيّ".

طرح الباحث الراحل البشير ربوح، أسئلة فلسفية حارقة كانت مغيبة عن الوطن والمثقف والسياسة والحرية

في حوار أجراه "ألترا جزائر"، يوم 25 أبريل/ نيسان الفائت، مع الباحث البشير ربّوح، الذّي صدر له، قبل أيّام قليلة، كتاب تحت عنوان "حوارات في الثقافة العربية الرّاهنة"، وشارك قبل أيّام أيضًا في ملتقى "الفلاسفة ومدائنهم" في تونس، قال إنّ الفلسفة هي جوهر الحراك، "لأنّ الحراك بعفويته الرّائعة وبتدفّقه القويّ على مستوى الفعل واللّغة والرّمزيّة القويّة التّي، أفرزها والشّخصيات الثقافيّة التّي، يؤمن بها؛ طرح أسئلة حارقة كانت مغيبة عن الساحة، مثل: المواطن، الدولة، الفرد، المثقف، المستقبل، السياسة، الحرية، الشباب، التاريخ، السيادة، وغيرها. وهي في صميمها ذات طابع فلسفي، من هنا وجب على الفلسفة أن تنخرط في هذه المعمعة التاريخية، وأن تبني رؤية فلسفية بملمح جزائري، فالحراك حقل كريم للتفلسف الحقّ".

 

اقرأ/ي أيضًا:

حوار | محمد بن جبّار: الحراك الجزائري تجاوز المثقف والنخبة

"جدل الثقافة".. النقد في مواجهة أسئلة الكولونيالية وما بعدها