التبليغ وكسر الصّمت عن التحرّش والاغتصاب.. حِماية لا فضيحة
17 مايو 2025
تُرتكب جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب في الخفاء ويُقابلها في كثير من الأحيان صمت ثقيل ومرعب في الآن نفسه؛ يفرِضه الخوف من الفضيحة أو الوصمة " البصمة التي تلتصق بالضحية مدى الحياة".
سجَّلت الأجهزة الأمنية ارتفاعًا ملحوظًا في عدد البلاغات المتعلقة بجرائم التحرش والاعتداء الجنسي على القُصَّر، بفضل حملات التوعية وتفعيل خطوط الإبلاغ المجانية
باسم العار والفضيحة والمجتمع، يُفترض أن يحمي هذا الصمت، "السُّمعة" ويتحوّل في الواقع إلى سجن يقمع الضحايا ويُبقي الجُناة أحرارًا.
و رغم أنّ القانون الجزائري يُجرِّم هذه الأفعال بنُصوص واضحة، إلاّ أنّ غياب ثقافة التبليغ، يُبقي هذه الجرائم قائمة وتزيد الضحايا آلام نفسية واجتماعية وجسدية، لذا فإنّ التبليغ ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو مسؤولية جماعية.
السّكوت من ذهب؟
تقول المحامية نادية مسراتي لـ"الترا جزائر" إنّ "الحاجة ملحّة إلى كسر جدار الصمت، فضلا عن تعزيز الردع القانوني، وكل جريمة مسكوت عنها تُمهّد الطريق لجريمة أخرى"، وهو ما يتضح جليًا في عودة هذه الجرائم إلى الواجهة، خاصة عندما يكون الضحايا من الأطفال.
وأوضحت المحامية مسراتي: "هناك تواطؤ من الجميع بسبب الصمت، وهذا يعني أننا مشاركون في الجريمة".
وواصلت:" الحوادث الأخيرة التي تبرز فيها جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب ضد الأطفال، تفرِض علينا إعادة النظر في معنى "السكوت من ذهب".
المحامية نادية مسراتي: هناك تواطؤ من الجميع بسبب الصمت، وهذا يعني أننا مُشاركون في الجريمة
تُشير المحامية إلى أنّ التحرش الجنسي يعدّ من أكثر جرائم العنف التي تُسجل في خانة الصمت في الجزائر، فهو لا يميز بين الفئات العمرية أو الجنس، ويطال ضحاياه في مختلف الأماكن، سواء في الفضاءات العامة أو عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأضافت:" هذه الجريمة، التي تمسّ كرامة الإنسان وأمنه الشخصي، غالبًا ما تنمو في صمت بسبب الخوف من الفضيحة أو غياب ثقافة التبليغ".
البعض ينظُر إليها كمشكلة اجتماعية أو نفسية، لكن في جوهرها هي قضية قانونية من الدرجة الأولى نظرًا للأضرار الجسدية والنفسية التي تلحق بالضحية، بالإضافة إلى تأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع.
نظرة على عقوبات التحرش الجنسي واغتصاب القاصر
لقد تدخّل المُشرّع الجزائري من خلال إقرار عقوبات صريحة في المادة 341 مكرر من قانون العقوبات، التي تُجرّم أفعال التحرش الجنسي وتفرض عقوبات قسرية على مرتكبيها، خاصة إذا كان الضحية قاصرًا أو إذا حدث التحرش في إطار علاقة سلطة أو نفوذ.
يُعامل الشُّروع في جريمة الاغتصاب كجريمة تامّة في قانون العقوبات
دقَّ أستاذ القانون بجامعة الجزائر، ندير عسلاوي، ناقوس الخطر بشأن تنامي جرائم التحرش الجنسي والاعتداءات على القُصّر، مشيرًا إلى أن المنظومة القانونية الجزائرية تحتوي على نصوص تجرّم هذه الأفعال، لكنها بحاجة إلى مزيد من التشديد.
عقوبة التحرش الجنسي في الجزائر- حسب عسلاوي- تتراوح بين الحبس من شهرين إلى سنة، مع غرامة مالية تتراوح بين 50.000 و100.000 دج. في حالة العود، تُضاعف العقوبة لتصل إلى سنتين حبسًا وغرامة تصل إلى 200.000 دج.
وإذا كان الجاني من محارم الضحية أو إذا كانت الضحية قاصرًا أقل من 16 سنة أو تعاني من مرض أو إعاقة، فإن العقوبة ترتفع إلى الحبس من سنتين إلى خمس سنوات.
أمّا بخصوص جرائم اغتصاب القُصَّر، قال لـ" الترا جزائر" إنّ المشرّع الجزائري حددها بـ"عقوبة السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة إذا كانت الضحية لم تُكمل 18 سنة، كما تُشدّد العقوبة إلى السجن المُؤبّد إذا كان الجاني من أصول الضحية أو من الأشخاص الذين لهم سُلطة عليها".
كما يُعامل الشُّروع في جريمة الاغتصاب كجريمة تامّة في قانون العقوبات الجزائري.
ورغم صرامة بعض هذه النصوص، يطرح السؤال: هل العقوبات الحالية كافية فعلاً لردع الجناة؟ في ظل تكرار الحالات، يرى مختصون وحقوقيون أنّ هناك حاجة ملحة لتشديد العقوبات، خصوصًا في جرائم التحرش الجنسي، لتجنب تفشي الجريمة وفتح الباب أمام جرائم أخطر، مثل الاغتصاب.
جرائم.. السّكوت يقتُل مرتين
أصبح التبليغ عن الاعتداءات الجنسية ضرورة قانونية وإنسانية لحماية الطفولة، وذلك رغم وجود قوانين صارمة تجرّم الاعتداءات الجنسية، فإنّ تحديات ثقافية واجتماعية، مثل الخوف من الفضيحة والوصمة الاجتماعية، ما زالت تمنع العديد من العائلات من التوجه إلى القضاء.
لا تقتصر آثار جرائم التحرش والاعتداء الجنسي على القُصَّر على اللحظة نفسها، بل تمتد لسنوات طويلة، إذ يعاني الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية من اضطرابات ما بعد الصدمة، مثل الكوابيس، فقدان الثقة، اضطرابات السلوك، وأحيانًا الميل إلى العزلة أو إيذاء الذات.
وتُضاعف وطأة الصمت حول الجريمة من مُعاناة الضحايا، حيث يشعُر الطفل بأنّه يواجه الألم والخوف وحيداً، وربما ينآى بنفسه عن المجتمع تحت وصمة العا.
من هذه المنطلقات؛ يُعدّ كسر الصمت والتبليغ عن المعتدين الخطوة الأولى نحو العدالة والتعافي.
وقد سجَّلت الأجهزة الأمنية في السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد البلاغات المتعلقة بجرائم التحرش والاعتداء الجنسي على القُصَّر، بفضل حملات التوعية، وتفعيل خطوط الإبلاغ المجانية، ودور الجمعيات المدنية في التصدي لثقافة "السكوت من أجل السمعة".
وفي هذا السياق، تؤكد الناشطة في جمعية لحماية الطفولة كريمة مولاي أن التبليغ المبكر لا يُسرّع فقط في المسار القانوني، بل يُسهم أيضًا في شفاء الطفل نفسيًا.
ورغم التحديات الثقافية والاجتماعية، تبقى مسؤولية التبليغ جماعية، وفقا لإفادة مولاي لـ" الترا جزائر"، قائلة:" يبدأ التبليغ من الأسرة، وتمتد إلى المدرسة، والإعلام، ومؤسسات الدولة، من أجل بناء بيئة آمنة تحمي الطفولة وتضمن العدالة للضحايا".
الكلمات المفتاحية

فحص "الأبيار" بالعاصمة الجزائرية.. قصور موريسكية تحتضن القادة والسفراء والقناصلة منذ مئات السنين
على بعد ثلاثة كيلومترات من مرتفعات شمال الساحل المتوسطي لمدينة الجزائر، هناك تجمع سكاني يسمى "فحص الأبيار" (جمع بئر) لأنه يجثم على آبار مياه كثيرة، أتاحت له خضرة كثيرة فكان إلى وقت قريب بوابة ريف العاصمة، وذا جاذبية للأجانب، حتى سمي "حي القناصلة".

من سلاح ضدّ الاستعمار إلى ضغط على العائلة .. هذه حكاية البكالوريا في الجزائر
في الجزائر، لا تُعدّ شهادة البكالوريا مجرّد امتحان تعليمي يُنهي مرحلة ويفتح أبواب مرحلة أخرى، بل تحوّلت إلى رمز مركزي في الوعي الجمعي، يحمل أبعادًا تتجاوز الفصل الدراسي والدرجات النهائية.

تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟
تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟
دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر
عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه
يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.

تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟
تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.