التحالفات الحزبية تطغى على انتخابات "السينا".. سيناتورات "هجينة" مُنتظرة

على بُعد ساعات من فتح صناديق الاقتراع أمام الناخبين على مستوى مقرات المجالس الولائية لاختيار أعضاء مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) في إطار التجديد النصفي كل 3 سنوات. تضبط التشكيلات السياسة الروتشات الأخيرة على وقع تحالفات سياسية مُحكمة لضمان تدارك تفاوت التمثيل الحزبي عبر المجالس المنتخبة على المستوى الوطني.

القيادي في حركة البناء كمال بن خلوف لـ"الترا جزائر":  التحالفات الحزبية تقطع الطريق أمام الممارسات المتعارف عليها في هذا النوع من الانتخابات سيما ما تعلق بتوظيف المال الفاسد وشراء ذمم المنتخبين

ويعتبر التحالف السياسي الذي يُشير ثلة من أصحابه إلى أن التحضيرات له انطلقت مباشرة بعد استدعاء رئيس الجمهورية الهيئة الناخبة، استثنائيًا، إذ أنّه يضم أغلبية الأحزاب السياسية التي تحظى بالتمثيل في المجالس المنتخبة. فيما يضمن التحالف التنسيق المفتوح بين الأحزاب وفقًا لمقاربات التمثيل وإحقاق معادلات سياسية في إطار تشاركي من خلال الالتفاف حول المترشح الأقرب من منطلق الأولوية لتفادي تشتيت الأصوات دون تحقيق أي جدوى سياسية.

 تحالفات بدون "الأفلان"

وقبل ذلك، عرّفت الساحة السياسية تحركًا ملحوظًا قبل أن تعُود لتغطّ في سُباتِها سيما بالتوازي مع شهر رمضان، الذي تعوّد فيه العمل الحزبي على الدخول هو الآخر مرحلة الصيام. زيارات متبادلة بين قيادات حزبية على غرار الأمين الوطني الأوّل لحزب جبهة القوى الإشتراكية، يوسف أوشيش، رئيس جبهة المستقبل فاتح بوطبيق، رئيس حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف وكذا الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، مصطفى ياحي. لم يُعلن المعنيون خلالها عن فحوى اللقاءات التي فُهمت لاحقًا على أنّها تأتي تمهيدًا لتحالفات سياسية تُراعي تفاوت التمثيل بين القوى السياسية الكبرى، انطلاقًا من غنائِمها الانتخابية في الاستحقاقات المحلية والتشريعية السابقة التي تُعوّل عليها في استحقاقات التاسع من الشهر الجاري.

فيما سجلت الزيارات "المكوكية" لقادة الأحزاب غياب جبهة التحرير الوطني (القوة السياسية الأولى في البلاد) سيما وأنها دخلت بـ58 مرشحًا ما يعني ضمان تغطية كامل الولايات، إذ يبدو أنها نأت بنفسها عن الحسابات المعقدة للتحالفات التي بلغت أشدّها على المستوى الوطني، معوّلة بذلك على قواعد منتخبيها للدفع بمرشحي الحزب العتيد دون سواهم.

خصوصيات مفروضة..

وفي ذات السياق، قال رئيس جبهة المستقبل، فاتح بوطبيق، إن خصوصية الاستحقاق الانتخابي تفرض هذه التحالفات الانتخابية. مشيًرا إلى أن حزبه الذي يتمركز ثالثًا من حيث المنتخبين بواقع 3500 منتخب على المستوى الوطني بعد "الأفلان" و"الأرندي".

وكشف بوطبيق في تصريحات إعلامية، أن التحالفات بين التشكيلات السياسية متعددة، لافتًا إلى تواصل وتنسيق حزبي "كبيرين" على المستوى المركزي والمحلي.

كما أضاف بأنّ "الانتشار الحزبي لمختلف الأطياف السياسية يطبعه التفاوت، وعليه فإن خصوصية انتخابات تجديد أعضاء مجلس الأمة يفرض أمامنا حياكة تحالفات متعددة وعبر مناطق مختلفة لضمان التوازن السياسي بين مختلف التشكيلات السياسية".

خطوة استراتيجية

من جانبه، أكد البرلماني السابق والقيادي بجبهة المستقبل، الحاج بلغوثي، في تصريح لـ "الترا جزائر" أن حزبه قام بتشكيل لجنة مختصة بملف التحالف مع الشركاء السياسيين تحسبًا لاستحقاق "السينا". مبرزًا أنّ حزبه يُراهن على تشكيل مجموعة برلمانية لأوّل مرة داخل مبنى الغرفة التشريعية العليا للبرلمان.

وبشأن التحالفات، وصف الحاج بلغوثي ذلك بـ "الخطوة الاستراتيجية" التي ترى -حسبه- فواعل التحالف ضرورة في ظل الواقع الحالي الذي يفرض تفاوتًا كبيرًا في التمثيل الحزبي عبر المجالس الولاية والبلديات على المستوى الوطني وهو ما يحتم، وفق بلغوثي، "تشاركية سياسية تضمن توازن الاستحقاقات في أساسه واستحداث آلية سياسية لمسايرة واقع يحق القول إنه مُعقد وشائك في إطار التعاضد بين التشكيلات السياسية التي في النهاية تبحث عن مكاسب من خوضها هذا الاستحقاق وبما يعود بالمحصلة على كلّ من فواعل التحالف المفتوح."

القيادي بـ"المستقبل" الحاج بلغوثي: التفاوت الكبير في التمثيل الحزبي بالمجالس المنتخبة يفرض علينا التحالف في إطار التشارك السياسي

آلية سياسية ناجعة

وفي أعقاب بيان يحمل ختم المكتب الولائي لحركة البناء الوطني بسكيكدة (شرق)، يدعو مُنتخبي الحركة على مستوى الولاية بالتصويت لصالح مرشح جبهة المستقبل، تواصلت "الترا جزائر" مع البرلماني والقيادي في حركة البناء الوطني، كمال بن خلوف، الذي أكد أنّ "إشهار توجه المكتب الولائي بعد حسم موقفه الذي يرتكز طبعًا على حسابات وتوازنات سياسية مع من يربطنا بهم الميثاق المعنوي للتحالف، مقصود وهدفه التكريس لهذه التحالفات التي تخلق نوعًا من المساندة الحزبية."

واعتبر بن خلوف الأمر بأنّ "الطبقة السياسة الوطنية في حاجة إليها لتدعيم الجبهة الداخلية أكثر من أي وقت مضى وهذا طبعا ما يصب في صالح المصلحة العامة"، وفقه.

بن خلوف يرى كذلك أنّه بغضّ الطرف عن أنّ التحالفات آلية سياسية ناجعة تُلائم خصوصية الاستحقاقات الانتخابية في ظل التوزيع الكبير للأحزاب على المستوى الوطني والذي لا يمكن أن يضمن ما وصفه بـ "الانسجام الانتخابي". فإنه يقطع الطريق أمام الممارسات المتعارف عليها في هذا النوع من الانتخابات سيما ما تعلق بتوظيف المال الفاسد وشراء ذمم المنتخبين.

كما أكّد أنّ التحالف خيارٌ سياسيٌّ صادر عن القيادة بالعودة إلى تقديرات المستوى المحلي طبعًا. وهو أيضًا كفيل بقطع الطريق أمام المال الفاسد الذي حاولت بعض الأطراف توظيفه وتصدت له السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وفقًا لتقاريها، يقول محدثنا.

والخميس السادس من آذار/مارس الجاري، أشرف، كريم خلفان، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، على محاكاة انتخابية خاصة بيوم الاقتراع لانتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة المقرر يوم التاسع من الشهر الحالي.

ووفق بيان للسلطة فإن العملية تمت عبر ولايات وصفها بـ "النموذجية" وهي: سطيف، برج باجي مختار، تبسة وإن قزام على مستوى مكاتب الاقتراع المتواجدة عبر مقرات المجالس الشعبية الولائية. مشيرًا إلى أن النتائج أظهرت جاهزية السلطة المستقلة عبر جميع امتداداتها المحلية عبر 58 ولاية.

وتعوّل الهيئة التي يقودها كريم خلفان بالإنابة على تحييد المال الفاسد عن استحقاقات الغرفة العليا للبرلمان هذه المرة، سيما بعد تسجيل تجاوزات في الاستحقاقات السابقة، حيث حذّرت في وقت سابق من استعمال مناصبهم للتأثير على الرأي العام والاختيار الحر بأي وسيلة. كما ذكرت كل المترشحين الذين يمارسون مهامهم حاليًا بصفة دائمة لدى المجالس الشعبية المحلية بضرورة التقيد الصارم بأحكام الأمر رقم 21-01 المتعلق بنظام الانتخابات المعدل والمتمم لاسيما المواد 1-2 و3 (289) و(300) منه وذلك ضمانا لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية.

أرقام..

ووفق الحصيلة النهائية للسلطة المستقلة فإن عدد الملفات المقبولة للتصريح بالترشح لانتخابات تجديد نصف أعضاء مجلس الأمة، بلغ 426 ملفًا من أصل 629 ملفا تم إيداعها منذ بداية العملية يوم 23 يناير الماضي.

وأوضح ذات المصدر أن عدد ملفات التصريح بالترشح المودعة لدى السلطة المستقلة للانتخابات إلى غاية يوم 16 فبراير الجاري، بلغ "629 ملفا، منها 410 ملفات لمنتخبين تحت رعاية 23 حزبا سياسيا، و219 ملفا من قبل منتخبين أحرار"، حيث تم قبول "426 ملفا، منها 249 ملفا لمترشحين تحت رعاية 20 حزبًا سياسيًا و177 ملفا لمترشحين أحرار"، ويتعلق الأمر بـ"202 ملفا من قبل أعضاء المجالس الشعبية الولائية و224 ملفا من قبل أعضاء المجالس الشعبية البلدية".

الهيئة الناخبة المنتظرة للتصويت للتجديد النصفي لأعضاء "السينا" تبلغ 27241 منتخبًا عبر الوطن

وتُقدر الهيئة الناخبة التي من المرتقب أن تساهم في التجديد النصفي لأعضاء الغرفة التشريعية المقررة الأحد، 27241 منتخبا، منهم 2350 أعضاء للمجالس الشعبية الولائية و24891 أعضاء للمجالس الشعبية البلدية.