31-مايو-2021

يواجه المترشحون للتشريعيات تحدّيات صعبة (تصوير: بلال بن سالم/أ.ف.ب)

هل بإمكانكم أن تُقنِعوا الشعب ببرامجكم؟ هل بإمكانكم أن تخرجوا للشعب في مختلف ربوع الوطن، وتعرضون أفكاركم وأهدافكم دون خوفٍ أو توجّس من حالة الصدّ أو الرّفض أو الاستخفاف في عيون الشعب أو ما اصطلح عليهم بمواطني مناطق الظلّ؟ هل يمكن أن يواجه مترشّح للانتخابات التشريعية شابًا في عمر العشرين سنة، ليقول له: "حاول أن تأمل، أن تنظُر للمستقبل بنظرة متفائلة، فيما يرمقه الأخير بنظرة تائهة، كيف لي أن أضع الأمل في كفكم وأنا كل يوم جمعة أخرج للشارع كغيري من الجزائريين تحت شعار: "كليتوا البلاد يا السراقين؟

التشريعيات المقبلة تعيدنا إلى طرح أسئلة حول أداء البرلمان السابق وأعضائه ودورهم في السابق

كثيرة هي الأسئلة، التي يطرحها الصحافي والمواطن على حدّ سواء على المترشّحين للحملة الانتخابية، عن فحوى الترشّح، في ظلّ التململ والغليان في الشارع، ووعود السلطة لإحداث القطيعة عن الماضي وإعطاء الفرصة للشباب في النضال والمرافعة في المؤسسات الدستورية.

اقرأ/ي أيضًا: التشريعيات الجزائرية.. أسبوع حاسم أمام الأحزاب والقوائم المستقلة

خطوة وأربع مستويات

ترّشح عدد من الأسماء في الانتخابات المقبلة، يفرِض سؤالًا جوهريًا يتّصل أساسًا بعدة مستويات، على وصف من خلال عدّة مستويات أهمّها؛ أولًا المرتبط سياسيًا بالعهدة الأخيرة للمجلس الشعبي الوطني الأخير، وأعضائه وماذا قدموا للمواطن.

أما المستوى الثاني، فهو متعلق بفترة العهد النيابية التي تخللتها احتجاجات ومسيرات وحراكًا شعبيًا وجه أصابع الاتهام لمختلف الأحزاب السياسية وبشتى مشاربها الأيديولوجية بوصفها ضليعة في الأزمة التي وقعت فيها البلاد، أو ما سمّي إعلاميًا بوجوه الفساد.

 أما الثالث فيتعلق بثقة المواطن في الانتخابات كوسيلة للفعل الديمقراطي والوجوه التي تمارس حقا ديمقراطي من خلالها، بينما الرابع وهو الأكثر بروزًا في الشارع هذه الأيام، وهو مسألة إقناع الجزائريين في ظلّ هذه المعطيات السياسية والاجتماعية بأن التغيير ممكن.

الحلم الجزائري

في الميدان، أجمع مترشحون خلال الأيام الأولى من بدء الحملة الانتخابية على كلمة "التغيير" أو عبارة بناء "الجزائر الجديدة" التي تبنّاها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أو "إبقاء الأمل".

وعلى هذا الأساس، أقرّت المرشحة عن حزب "جيل جديد" حياة صحراوي، أنها وفي سياق حملتها الانتخابية بالعاصمة الجزائرية، تفاجأت لرفض أحد الشباب لها بسبب حملها العلم الجزائري، موجهًا لها سؤاله: "كيف تحمِلين العلم الجزائري؟ ليس من حقك أن تحملي هذا العلم، إنّكم تريدون منصبًا في البرلمان ستسرقون كما فعل سابقون، لن تستطيعوا فعل شيء، ولا أمل لنا".

وأكّدت مرشحة حزب "جيل جديد" على أن "المأمورية ليست سهلة لإقناع الجزائريين وخاصة الشباب لاستعادة الأمل"، ورّدت على سائلها: "لا تفقدوا الأمل، فكلّ شخص عليه أن يفعل ما يستطيع لتحقيق الحلم الجزائري. لدينا الحق في أن نحلم"، داعية المواطنين أن يختاروا الأفضل و"ممن سيقدمون الكثير من مجهوداتهم لخدمة البلاد" على حدّ تعبيرها.

 

بين الخطاب الانتخابي والخطاب السياسي والخطاب في الميدان اختلافات كثيرة، فالعهدة السابقة للغرفة السفلى للبرلمان الجزائري المنحلّ لم تستجيب لانتظارات الجزائريين، كما قال الباحث في السياسة والتشريعات الأستاذ عبد الرحيم بلودان من جامعة باتنة شرق الجزائر، معتبرا ذلك فرق بين "الخطاب المنطوق في الحملات الانتخابية وبين الواقع في قبة البرلمان "على حدّ تعبيره.

 

وأضاف الأستاذ بلودان أن العهدة النيابية الأخيرة "اتصلت برموز الفساد وأحزاب كانت موالية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة أو تلك المنخرطة في سياساته".

بعيدًا عن وظيفة النواب في الغرفة التشريعية، من الصعوبة إقناع الجزائريين اليوم بجدوى نائب في البرلمان"، يضيف المتحدث لأن ذلك مرتهِن – حسبه-  بما يقدّمه ملموسًا للمواطنين ومدى نقل انشغالات دائرته النيابية في هذه المؤسسة.

تحوّلات سياسية

في القاعدة القانونية، المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكنها تنتفي لمّا تتعلّق بالمسؤول الجزائري من خلال نظرة الشارع الجزائري، الذي يرى المسؤول: "رمزًا للفساد والمحسوبية والبيروقراطية"، وهو ما تكشفه دوما شعارات الحراك الشعبي منذ بدايته في الـ 22 شباط/ فيفري 2019.

ودون وضع الجميع في سلة واحدة، على عكس الصورة السابقة، ترى المرشحة عن القائمة الحرة "الجزائر أمانة" الأستاذة سمية علوي أنه طوال الفترة التي تلت الحراك الشعبي طرأت عدة تحولات على الساحة، وصفتها بـ "النضج السياسي الكبير".

وقالت الأستاذة علوي لـ "الترا جزائر"، إنّها لمست عدة خطوات دفعتها للتقدم للترشح للغرفة التشريعية أهمّها: "أخلقة الحياة السياسية وتطهير الساحة السياسية من الانتهازيين وأصحاب المال الفاسد، لأنه في الماضي القريب هذه الظروف والفرصة لم تكن متوفرة ولم يكن بإمكان الشباب والكفاءات من شتى التخصصات دخول معترك الانتخابات " على حد تعبيرها.

واعترفت المتحدثة بـ "فقدان المواطن للثقة في الأحزاب التي شاركت في صناعة المشهد السياسي في البلاد والتي كانت بطريقة مباشرة شريكة في الإفلاس السياسي الذي دفع بالشعب إلى الخروج للشارع والمشاركة بقوة في الحراك الشعبي ورفضهم لهذه الكيانات السياسية".

وتساءلت قائلة: "كيف يمكن لمن كان جزءًا من المشكل أن يحمل حلولًا يقنع بها الناخب ليمنحه صوته ويثق فيه ليمثله في قبة البرلمان".

سميّة علوي: كيف يمكن لمن كان جزءًا من المشكل أن يحمل حلولًا يقنع بها الناخب

وعن دور النائب وخصوصًا من خلال قائمة "الجزائر أمانة" قالت علوي إن "لديهم تكوين السياسي والقانوني وحس سليم يمكنها من تعزيز الدور التشريعي والمبادرة من أجل اقتراح مشاريع قوانين وآليات التطبيق، بالإضافة إلى دوره الرقابي ومتابعة المشاريع، وهو الدور الذي يسمح له بالمساهمة في خلق الثروة من خلال إصدار القوانين".

 

اقرأ/ي أيضًا:

إسقاط العتبة والتساهل في مسألة المناصفة خلال التشريعيات المقبلة

قانون الانتخابات الجديد.. نحو حلّ مشكلة المال الفاسد والعزوف الانتخاب