التعليم المُقاوم.. كيف واجهت المدارس الحُرّة الاستعمار الفرنسي في الجزائر؟
15 أبريل 2025
لم يكُن السلاح الوحيد في يد الجزائريين هو البندقية، بل كان للقلم دوره الريادي في المقاومة خلال الفترة الاستعمارية.
عبد الحليم قابة: تأسيس المدارس الحرّة كان ردًا مباشرًا على السياسات التعليمية الفرنسية
وبرز التعليم كجبهة نضالية في زمنٍ كثرت فيه محاولات طمس الهوية وسلب الانتماء، إذ لا يقلّ أهمية عن ميادين الكفاح المسلح، وسط سياسة المستعمر الفرنسي الممنهجة التي استهدفت محو اللغة والدين والتاريخ.
التعليم ..جبهة مقاومة ثقافية
وقفت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، في صدارة هذه الجبهة، رافعة راية الوعي ومشيدة للمدارس الحرة كحصون ثقافية في وجه آلة التجهيل الفرنسية.
ومُنذ تأسيسها عام 1931، تحرّكت الجمعية بثبات في مسار الإصلاح والتّنوير، فأنشأت شبكة من المدارس الحُرّة التي وفّرت تعليمًا عصريًا ومتجذرًا في الهوية الجزائرية.
لم تكن هذه المدارس مجرد فضاءات للتعلم، بل كانت منابر لغرس القيم الوطنية والدينية في عقول الناشئة، في وقت كانت فيه الإدارة الفرنسية تمارس تضييقًا ممنهجًا على التعليم باللغة العربية وتسعى إلى فرض مناهجها الاستعمارية.
وأوضح رئيس الجمعية، عبد الحليم قابة، بمناسبة إحياء يوم العلم المصادف ليوم الـ16 نيسان/ أبريل أنّ التعليم كان في صلب رؤية الجمعية منذ البداية، حيث اعتُمد فتح المدارس الحرة كرد مباشر على السياسات التعليمية الفرنسية التي كانت تخدم أهدافها الاستعمارية.
وأكد قي تصريحات للوكالة الرسمية، أنّ الجمعية لجأت إلى التعليم في المدارس، والمساجد، والتجمعات الشعبية، لنشر الوعي الوطني والديني بين الجزائريين، وحمايتهم من الاستسلام للمحتل.
وقد تقاسم رواد الجمعية المهام في مختلف مناطق البلاد؛ حيث تولّى الشيخ عبد الحميد بن باديس عمالة قسنطينة، والبشير الإبراهيمي عمالة وهران، والطيب العقبي عمالة الجزائر.
الشيخ عبد الحميد ابن باديس كان رمزًا للمقاومة الثقافية وكان يعتبر العلم أساس التحرر والتعليم أقوى سلاح ضد الاستعمار
وبالرغم من محاولات الإدارة الفرنسية لإفشال هذه المبادرة، إلا أنّ التجاوب الشعبي كان قويًا، إذ بادر المواطنون إلى تجهيز هذه المدارس والإقبال عليها بكثافة.
ومع انتشارها، ظهرت مدارس رائدة مثل دار الحديث بتلمسان، مدرسة الفلاح بوهران، ابن خلدون بالشلف، ومدرسة التربية والتعليم بقسنطينة.
وكان لجهود معلمين مخلصين أمثال محمد الحسن الفضلاء، عبد القادر قداح، وإسماعيل العربي، دور بارز في تطوير هذه المؤسسات.
ويؤكد رئيس مؤسسة عبد الحميد بن باديس، عبد العزيز فيلالي، في تصريحات مماثلة أنّ ابن باديس لم يكن مجرد عالم، بل كان رمزًا للمقاومة الثقافية، حيث آمن بأن "العلم أساس التحرر"، معتبراً أن التعليم هو السلاح الأقوى في مواجهة الاستعمار.
المدارس الحرة: منابر للوعي
أصبحت جمعية العلماء بمثابة حجر الزاوية في نشر التعليم باللغة العربية، ومواجهة محاولات فرنسة المجتمع الجزائري.
ويكشِف التقرير السنوي للجمعية لعام 1951 عن نتائج مثيرة للإعجاب، حيث بلغ عدد المدارس الابتدائية التابعة لها 125 مدرسة، تضم 300 قسمًا، ويشرف عليها 275 معلمًا.
كما فاق عدد التلاميذ المتمدرسين بها 16,000 تلميذ، بينهم أكثر من 5,700 فتاة، إضافة إلى 20 ألف تلميذ مسجّل في الأقسام الليلية، خُصصت لمن يتابعون تعليمهم في المدارس الفرنسية نهارًا.
وقد حرصت الجمعية على إعداد مناهج تعليمية متوازنة ومعاصرة، تجمع بين علوم الدين واللغة العربية والتاريخ، إلى جانب مواد حديثة مثل الحساب والهندسة والرسم، بهدف إعداد جيل متكامل من حيث الفكر والعقيدة والانتماء الوطني.
رد الجمعية على السياسة التعليمية الاستعمارية
خطّط الراحل ابن باديس لإنشاء كلية تستقبل خريجي هذه المدارس، وهو ما تحقق بإنشاء معهد ابن باديس سنة 1947 وربطه رسميًا بجامع الزيتونة.
ومع تزايد تأثير هذه المدارس، شددت الإدارة الفرنسية الخناق، فأصدرت سلسلة من القوانين للحدّ من نشاطها، من بينها منشور ميشال (1933) الذي فرض رقابة صارمة، ومرسوم روني (1935) الذي منع المعلمين من التعليم دون ترخيص، واشترط تدريس القرآن دون تفسير.
أمّا قرار شوتون (1938) فكان الأشدّ، حيث اعتبر العربية لغة أجنبية، وفرض إتقان الفرنسية على المعلمين.
وفي مُواجهة هذا التضييق، كتب البشير الإبراهيمي كلمته الشهيرة:"بدأت دعوة المعلمين إلى المحاكمة، ونحن نقدر أنها ستُعمم... وسنتلقى الأحكام بنفوس مطمئنة، وحسبنا شرفًا أن يكون ذلك في سبيل ديننا ولغتنا، وحسبنا فخرًا أن تكون التهمة: فتح مدرسة بدون رخصة."
الكلمات المفتاحية

الحسناوي وفاظمة.. قصة حب لم يقتلها المنفى وخلدتها الأغاني
"مثل فاظمة والحسناوي، هذا ما حدث لنا، أحبك وتحبينني، لكن والدك قال لا"، هذه الجُمل هي مطلع أغنية لفنان طابع الفولكور القبائلي مراد قرباص، تلك الأغنية التي لا تغيب عن أي عرس في منطقة القبائل في الجزائر، يتراقص الناس عند سماعها فهي أغنية باعثة للبهجة والفرح.

كمال داود.. كاتب جزائري فرنسي يُفلسِف لـ"الخيانة"
يثير الكاتب والروائي الفرنكو جزائري كمال داود في كل مرة، موجة جديدة من الجدل، بما يطرحه في تصريحاته وكتبه مقالاته التي تثير الصدمة لدى جزائريين يعتقدون أنه يتعمد استفزاز ذاكرتهم وتاريخهم، من أجل استمالة النخب الفرنسية ومؤسساتها الثقافية والإعلامية.

هارون الكيلاني: "شهيد بين عصرين" توثّق أوّل "محرقة" ارتكبتها فرنسا بالجزائر
يعكف الفنان الجزائري هارون الكيلاني على إطلاق "شهيد بين عصرين"، ملحمة فنية تستحضر ذاكرة المقاومة والصمود في مدينة الأغواط، وتسلّط الضوء على أول محرقة جماعية في التاريخ الحديث اقترفها الاستعمار الفرنسي سنة 1852.

تغييرات مصيرية في مسار كيليا نمور تحضيراً لأولمبياد 2028.. وخط الرياضة يسير مع الفن والتأثير
أعلنت البطلة الأولمبية الجزائرية كيليا نمور عن مرحلة جديدة في مسيرتها الرياضية، تتمثل في تغيير ناديها ومدربها استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية المقررة في لوس أنجلوس عام 2028، حيث ستخوض هذا التحدي الكبير تحت الراية الجزائرية.

قضية منع الصحفي رؤوف حرز الله من السفر تتفاعل.. منظمات حقوقية تندد ووزير الاتصال يلجأ للقضاء
أكدت منظمة شعاع الحقوقية أن قرار منع الصحفي الجزائري عبد الرؤوف حرز الله من السفر، دون إشعار رسمي أو إجراءات قضائية معلنة، يعدّ انتهاكاً صارخاً للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل حرية التنقل وحقوق المواطنين الأساسية.

دومينيك دوفيلبان يهاجم "الخطاب الحربي" لبرونو روتايو ضد الجزائر.. ويشيد بجورجيا ميلوني
انتقد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، بشدة الخطاب العدائي تجاه الجزائر الذي تبناه بعض السياسيين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتايو، محذرًا من العواقب الخطيرة لهذا النهج الذي وصفه بـ"الخطاب الحربي" وغير الواقعي.

إصلاح نمط تكوين الدكتوراه.. هل هي خُطوة لتصحيح المسار الأكاديمي؟
تنجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث تغيير جوهري في نمط التكوين في طور الدكتوراه، من خلال اعتماد نموذج "مضاف الدكتوراه"، الذي يهدف إلى ربط التكوين بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.