04-مايو-2016

تستقطب مبادرة مدرسة اللاجئين العشرات من الطلبة الجزائريين(الترا صوت)

بعيدًا عن حسابات السياسة والحدود وعمليات ترحيل اللاجئين الأفارقة من الجزائر نحو بلدانهم الأصلية، أقدم عديد الشبان من مدينة " تيزي وزو"، شرق العاصمة الجزائرية، على مبادرة خيرية أطلقوا عليها اسم "مدرسة اللاجئين"، وهي تهتم بتقديم الدروس للأطفال غير المتمدرسين في مدارس الجزائر والقادمين من مالي والنيجر والذين دفعتهم ظروف بلدانهم إلى الهروب رفقة عائلاتهم من جحيم العنف والفقر.

تهتم "مدرسة اللاجئين" بتقديم الدروس للأطفال غير المتمدرسين والقادمين من مالي والنيجر رفقة عائلاتهم هربًا من الفقر والعنف

بالرغم من تمتعهم بالحماية واستفادتهم من مساعدات من طرف الدولة الجزائرية، وذلك بالتنسيق بين الجهات الرسمية والهلال الأحمر الجزائري فضلاً عن تلقيهم لإعانات من طرف المواطنين، إلا أن معاناة اللاجئين الأفارقة واحدة ومتواصلة ومصيرهم هو التسول في شوارع الجزائر.

مبادرة "مدرسة اللاجئين" بحسب الشباب الذين أطلقوها تهدف إلى "انتشال هؤلاء الأطفال الأبرياء من الشارع وتحصينهم بالتعليم ودفعهم نحو الحلم"، هكذا يقول إسماعيل، أحد المهتمين بالمبادرة،  لـ"الترا صوت"، ويضيف: "المبادرة منفردة ولا ترعاها أي جهة رسمية وهي تعنى بتعليم هؤلاء الأطفال ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة في بلدانهم". وقد أطلق المبادرة الثلاثي يونس علي سليمان وحبيب جعفر ونسيم بلواعر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصًا "فيسبوك" و"تويتر" من أجل استقطاب العشرات من الطلبة المهتمين بالمبادرة.

اقرأ/ي أيضًا: اللاجئون السودانيون في الأردن.. الأزمة متصاعدة

هي إذًا التفاتة بسيطة يشرف عليها شباب جزائري، معظمهم طلبة جامعة، وقد أطلقوها من عاصمة "القبائل" الجزائرية، واحتضنتها ساحة المدينة حيث جمعوا الأموال لشراء الأدوات الضرورية لتمويل المبادرة من أقلام وكراس وكتب الرسم والقراءة والكتابة، وعكفوا على تقديم دروس للأطفال في اللغة العربية والفرنسية في نهاية كل أسبوع، في رحلة تبدو في البداية صعبة فظروف وجود هؤلاء الأطفال في الجزائر معقدة كثيرًا، خاصة مع مطالب حكومات بلادهم بترحيلهم من الجزائر بعد استقرار أوطانهم.

منذ أشهر، وبين عشية وضحاها، وجد العشرات من أطفال اللاجئين الأفارقة أنفسهم يهيمون في شوارع الجزائر، يحترفون التسول دون وجهة محددة ويقطعون المئات من الكيلومترات من أجل ضمان ما يسدون به رمقهم. يستعطفون القلوب الرحيمة، بالإشارة فقط، من أجل الحصول على ما تيسر من المال أو الطعام وهو ما دفع الكثيرين إلى التعاطف مهم ومساعدتهم قدر المستطاع فيما يقدم الطلبة أفضل ما لديهم وهو تعليم هؤلاء وانتشالهم من الشارع.  

أطلق مبادرة "مدرسة اللاجئين" ثلاثي شاب جزائري وهي تستقطب اليوم العشرات من الطلبة وتهدف للتوسع في مختلف المحافظات

اقرأ/ي أيضًا: اللاجئون السوريون ضحايا أساطير المجاهدين

نسيم، أحد الشباب الذين تطوعوا لتعليم أطفال لاجئين من مالي والنيجر، وجد فيهم "براءة ممزوجة بالحزن والضياع"، حسب تصريحاته لـ"الترا صوت"، ويوضح: "الفكرة تهدف إلى تعليمهم اللغة العربية والفرنسية بالإضافة إلى سويعات من الرسم والتلوين وقضاء بعض الوقت معهم وإبعادهم عن عالم التسول والآفات الاجتماعية كالسرقة والاعتداءات".

ويحدثنا هشام، أحد المتطوعين في هذه المبادرة، عن البدايات: "كانت البداية صعبة خاصة من أجل إقناع هؤلاء الأطفال بجدوى التعلم وترك التسول في الشوارع، خصوصًا وأنهم غرباء عن الديار الجزائرية"، ويضيف: "لكن التعامل معهم بات سهلًا تدريجيًا لأنهم اكتشفوا أمورًا لم يسمعوا عنها من قبل وتعلقوا بها فبرزت طفولتهم التي حاول بؤس اللجوء قتلها فيهم".

"رحلة نحو المجهول"، هكذا هي رحلة آلاف اللاجئين الأفارقة من بلدانهم نحو الجزائر، وهي التي عرضت أطفالهم الصغار إلى التسول وقد كبرت سواعدهم على طلب المساعدة، وهي التي كان من الأولى أن تتعود على الكتابة والرسم، و"يبقى التعليم هو منقذ طفولة تكبر في رحلات الهجرة من الجنوب نحو الشمال"، يقول الطالب إلياس أوعمران، أحد المتفاعلين مع المبادرة لـ"الترا صوت"، مضيفًا أنه "يشعر بفرحة وسعادة برفقتهم وهو يعلمهم الحروف ويتبارز معهم في تلوين الأشكال والفراغات في الكراس".

دعوات كثيرة أرسلت مؤخرًا عبر شبكات التواصل الاجتماعي لتعميم مبادرة تعليم الأطفال اللاجئين الأفارقة وتوسيعها لتشمل مختلف المحافظات الجزائرية، بهدف رفع شعار "فرحة طفل لاجئ" ورسم ابتسامة على شفاه مزقتها الحروب والنزاعات.

اقرأ/ي أيضًا:

الكفّار للاجئين.. أهلًا وسهلًا!

أطفال سوريا اللاجئين إلى دول الشمال.. إنه الألم