في ظلّ تصاعد الأعمال الإرهابية وإعادة انتشار الجماعات المسلّحة في منطقة الساحل الأفريقي، انعقد اجتماع رؤساء الدول مجموعة الساحل الخمسة زائد فرنسا، للتباحث عن سبل تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي للتمرّد الجهادي الذي بات يهدّد كامل المنطقة.
تهدف مشاركة فرنسا في اجتماع الدول الخمسة إلى تعزيز وجودها القانوي وشرعنة تدخّلها في أفريقيا
القمة كانت قمة عادية في دورتها السابعة لمجموعة "دول الساحل 5"، وهي موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والنيجر بمشاركة فرنسية، بالإضافة إلى الرئيس السنغالي والرئيس الغاني.
اقرأ/ي أيضًا: قوّات جزائرية في مالي.. وزارة الدفاع توضّح
وتهدف مشاركة فرنسا في اجتماع الدول الخمسة، إلى تعزيز وجودها القانوي ودعم شرعية قواتها على الأراضي الأفريقية وتكثيف من تواجد الحلفاء الأوربيين في المنطقة.
جدير بالذكر أن مجموعة الخمسة هي موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، وهو تحالف أنشأ في كانون الثاني/يناير 2017، يسعى إلى حشد التعاون الدولي في إطار التصدي للجماعات الجهادية وتطهير المنطقة من عصابات المتاجرة بالبشر والمخدرات وتبيض الأموال، ومساعدة الدول الفقيرة على تنمية مناطقها المعزولة.
الأهداف الفرنسية
في هذا السياق، تقول الإعلامية المهتمة بالشأن الدولي سهام غديري، إن الدورة كان ينتظر منها إعلان فرنسا سحب جزءٍ من قواتها البالغ عددها 5100 مقاتل وتخفيضه العدد إلى 4500 جندي، غير أن ماكرون أجّل هذا القرار بضغط من وزارة الدفاع الفرنسية.
نتائج عكسية
وذكرت غديري في حيث لـ "التر جزائر" أن أطراف ارتفعت أصواتها في فرنسا مؤخّرًا طالبت بتقديم نتائج أو حصيلة ثمانية سنوات من انتشار القوات الفرنسية في منطقة الساحل بدولة مالي، مشيرة إلى وجود خسائر بشرية ومادية، حيث تجاوز عدد القتلى في صفوف الجيش الفرنسي 57 جنديًا بالإضافة الى التكلفة المالية الكبيرة.
وأضافت المتحدّثة أن فرنسا تعيش مأزقًا حقيقيًا في الساحل الأفريقي، خاصة بعد فشلها في إقناع شركائها الأوروبيين بالمشاركة والدعم المالي، موضحّة أن باريس لم تحقق أيّة انتصارات مثلما تزعم، فالوقائع على الأرض تقول الإعلامية : "تؤكّد أن معدل الهجمات الإرهابية في المنطقة يشهد ارتفاعًا ملحوظًا حيث إن لا يكاد يمر اسبوع إلا وشهدت المنطقة عمليات مباشرة عبر هجمات أو انفجارات لألغام تستهدف قوات مجموعة (الساحل 5) أو حتى البعثات الأممية المنتشرة في المنطقة".
وفي تقدير المتحدثة أن الخطة المتمثلة في انشاء ما يعرف بمجموعة دول الساحل 5 لم تحقق اي نتائج على الأرض، وقالت أن الجماعات الإرهابية تمكنت من التمدد إلى بوركينافاسو التي تعاني حدودها في السنوات الأخيرة فيما يعرف بمثلث " بوركينافاسو مالي والنيجر" من هجمات متتالية خلفت مئات الضحايا في صفوف المدنين و الجنود على حد سواء .
وقالت غديري أن قوات مجموعة الساحل ليست مؤهلة لخوض حروب عصابات في منطقة تبقى جغرافيتها صعبة التامين والتحكم بالاضافة الى إمكانيات جيوش هذه الدول التي تفتقر إلى التكنولوجيا الحاصلة في مجال الاسلحة والمراقبة.
تصاعد الرفض الشعبي
من جهته، شهدت دول منطقة الساحل " خاصة مالي" رفض تواجد القوات الفرنسية، إذ يرى المتتبعون انه لم يحقق اي نتائج إيجابية، بل اتخذت الجماعات الجهادية من هذا الحضور حجة لإقناع الشباب بفكرة " الجهاد ضد المستعمر .
وقد نظمت عدة مسيرات احتجاجية في هذا الشأن في كل من مالي والنيجر رفعت فيها شعارات معادية لفرنسا، وتسأل عدة خبراء : كيف لفرنسا التي تمتلك امكانيات عسكرية و تكنولوجية جد متطورة لم تتمكن من القضاء على الجماعات المتطرفة.
ويرى أبناء هذه المناطق أن هدف باريس هو استغلال ثروات المنطقة وأن مشروع مكافحة الإرهاب ما هو إلا حجة لتبرير تواجدها والا كيف يفسر دفع الفدية الذي تنتهجه خاصة بعد فضيحة إطلاق سراح ارهابين مقابل دفع المال والإفراج عن مختطفين فرنسيين في الأشهر القليلة الماضية.
دول الساحل ضعيفة
من جانبه، يقول الخبير الأمني اكرم خريف في اتصال مع "التر جزائر" أن الاجتماع يأتي في سياق تصاعد سياسي وشعبي مطالبًا بانسحاب القوّات الفرنسية من الأراضي المالية، مضيفًا أن الفترة الأخيرة تعالت أصوات من بلدان الساحل مناهضة للقواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا واعتبرها عامل عدم استقرار .
وعن خلفيات انضمام فرنسا إلى حلف الدول الساحل الخمسة، قال خريف أن فرنسا تبحث عن شركاء سواءً في منطقة الساحل أو من حلفاء أوربيين بهدف تخفيف من التزاماتها العسكرية والبحث عن مصادر تمويل الحربي والعسكري الذي باب جدّ مكلف لفائدة عملية برخان.
ويستبعد الخبير الأمني إمكانية الدول الساحل من مكافحة الإرهاب والتصدي للجماعات الجهادية، في ظلّ انعدام الإمكانيات البشرية والمادية، ما عدا دول التشاد.
وبخصوص موقف الجزائري من تحالف الدول الخمسة G5، يقول محدثنا إن الجزائر لا تشارك في هذا التحالف الذي ترى أنه إطار موازٍ للجنة الأركان العملياتية المشتركة (CEMOC)، التي يوجد مقرّها في مدينة تمنراست أقصى جنوب الجزائر، كما ترفض الجزائر الانخراط في تحالف مكافحة الإرهاب الذي أنشأته فرنسا سنة 2017، مضيفًا أن الجزائر ضلّت تطالب بضرورة رفض أيّ تدخل أجنبي لموجهة الازمات الأمنية في المنطقة
تعتمد الجزائر على مقاربة استراتيجية تُمكن الدول الساحل من مكافحة الإرهاب في إطار تصور شامل
مقاربة الجزائر
في مقابل ذلك، تعتمد الجزائر على مقاربة استراتيجية تُمكن الدول الساحل من مكافحة الإرهاب في إطار تصور شامل وكامل، يعتمد على عصرنة جيوش المنطقة وضرورة التكامل التنموي والاقتصادي، وتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي والاعتماد على الوسائل الذاتية وإبعاد كل طرف أجنبي في التصدي للجماعات المسلحة المحلية، إذ يشكل التدخل الخارجي مطيّة للجماعات المتطرفة في حشد المناصرين.
اقرأ/ي أيضًا: