20-سبتمبر-2021

مواطن جزائري يجلس أمام ملصقات دعائية لمرشحين في انتخابات سابقة (صورة أرشيفية/ رياض كرامدي/ أ.ف.ب)

تتخوّف الأحزاب السياسية في الجزائر، من عراقيل القانون الانتخابي، وتعقيداته في استِكمال ملفّات الترشّح تحسّبا للانتخابات البلدية والولائية المنتظر تنظيمها في الـ27 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وألحّت الأحزاب على السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات على ضرورة إيجاد أرضية تفاهم بينها وبين المكوّنات السياسية من أجل تعزيز حظوظها في المشاركة الانتخابية واستقطاب النّاخبين للاقتراع.

أطلقت عدة أحزاب نيتها للتحالف في الانتخابات المقبلة وتشكيل تكتّلات قويّة تحسّبًا للاستحقاقات

وشددت الأحزاب على محور مهم في عملية الترشيحات، الذي يتعلق بمنظومة قانون جمع التوقيعات من النّاخبين، الذي سبق وأن تطرّقت إليه "الترا جزائر"، حيث وصفت الأحزاب التي راسلت رئيس السّلطة محمد شرفي، أن عدد التوقيعات المطلوب بحسب القانون الانتخابي بـــ"غير العقلاني"، مشيرة إلى أنه أغفل المحيط الانتخابي في الجزائر، إذ " لم يتعامل قانون الانتخابات بواقعية مع البيئة الانتخابية"، كما جاء في الرسالة.

اقرأ/ي أيضًا: "حرب" التّوقيعات.. رِهان الانتخابات المحلية في الجزائر

مسألة الوقت

ولتوضيح ذلك أكثر نشير هنا، إلى أن "القانون فرض على الأحزاب والقوائم الحرة عددًا من التوقيعات حيث على الحزب الذي يريد الترشح في 1541 بلدية و58 مجلسًا ولائيًا أن يجمع أكثر من 800 ألف توقيع وهو عدد تعجيزي ولا يساعد على المشاركة بفاعلية في المحلّيات".

بناءً على تلك المعطيات، اقترحت الأحزاب الموقعة على الوثيقة حصلت "الترا جزائر" نسخة منها، "إعفاء الأحزاب التي جمعت التوقيعات في التشريعيات الأخيرة أو على الأقل الممثلة في البرلمان من جمع التوقيعات أو تسقيف عدد التوقيعات وطنيًا كما جرى في التشريعيات وليكن السقف هو 25 ألف توقيع على مستوى 25 ولاية وحد أدنى 300 توقيع لكل ولاية.

الملفت للنّظر في هذا المقترح الإجرائي، أن الأحزاب السياسية والأحرار على حدّ سواءً، يواجهون تحديًا كبيرًا في عملية جمع التوقيعات، على الرغم من أن القانون الانتخابي قد خفّض العدد المطلوب من 100 إلى 35 توقيعًا لكل مقعد مطروح للمنافسة في المجالس البلدية أو الولائية.

القوة في التكتّلات

وعلى المستوى الإجرائي دائمًا، وتبعًا أيضًا لنفس المخاوف الحزبية، طالبت الأحزاب السياسية توضيحات أكثر عمقًا حول عملية التّحالفات السياسية، إذ طالبت هذه الأحزاب هيئة الانتخابات بضرورة "الإسراع في إصدار مذكرة توضيحية تتعلّق بشرح آلية تشكيل التحالفات الحزبية في الانتخابات المحلية، خاصّة وأن القانون لم يوضّح هل تكون هذه التحالفات وطنية أو يمكن إقامتها بين الأحزاب على مستويات محلية".

وفي ضوء ذلك، اقترحت الأحزاب "السّماح بتشكيل تحالفات انتخابية على المستوى الوطني أو المحلّي، بتزكية من رؤساء الأحزاب المتحالفة سواءً في بداية جمع التوقيعات أو في نهايتها مع ضمان استفادة كل حزب متحالف من النّسبة التي يحصل عليها التحالف في الانتخابات".

وتُلقي البيئة الانتخابية في الجزائر، تحسّبًا للانتخابات المحلية، بظلالها على مقدرة الأحزاب في الاستعداد لخوض المنافسة المحليّة، لهذا باشرت عديد المكونات السياسية في الجزائر، لإجراء تحالفات سياسية، من أجل جمع التوقيعات، وتلافي المعضلة القانونية أمام السماح لها بالمشاركة.

وأطلقت عدة أحزاب نيتها للتحالف في الانتخابات المقبلة وتشكيل تكتّلات قويّة تحسّبا للاستحقاقات، إذ باشرت كل من "حركة النهضة" و"جبهة العدالة والتنمية "وهما حركتان تنتميان للتيار الإسلامي، على أن تنضم إليهما حركة البناء الوطني، باشرتا عدّة مشاورات لعقد تشكيلة انتخابية واحدة، تحت مسمى تحالف يمكن أن تنضم إليه أحزاب أخرى تتقاسم التوجه والأفكار والأهداف السياسية المسطّرة نفسها على المستوى المحلي.

كما، اتفقت أحزاب "الفجر الجديد" و"طلائع الحرّيات" و"جيل جديد" مبدئيًا، فيما تعلق بتوحيد قوائمها في قادم الانتخابات، وخصوصًا وأن القانون الانتخابي لا يشترط ترتيب الممثلين عن كل حزب سياسي.

نظريًا، من انعكاسات هذه التحالفات السياسية–الانتخابية المنتظرة لاحقًا، أنّها تضمن تسهيل عملية جمع التوقيعات أولًا، وتقديم حملة انتخابية بأقلّ الإمكانيات والجهد والتوسّع عبر مختلف الدوائر الانتخابية، فضلًا عن تقسيم مراسيم البرامج ومخططات الحملة لجذب أكبر كتلة بشرية من الناخبين ثانيًا، إضافة إلى بناء تكتلات قوية من شأنها أن تعطي ثمارها في النتائج النهائية من حيث عدد المقاعد ثالثًا.

اقتناص الفرص

طرح متابعون للانتخابات في الجزائر، أن التحالفات السياسية هي آخر رصاصة تطلقها الأحزاب التي خسرت معركة الانتخابات النيابية، إذ ستكون - أي التحالفات- ورقة رابحة على ما يبدو من حيث مكسب المقاعد، لكنها سياسيًا تبقى ظرفية، بما تفرضه الوضعية السياسية في البلاد.

وقرأ أستاذ علم الاجتماع السياسي فريد بوطران مطلب الأحزاب المتعلّق بتوضيحات أكثر عن هذه التحالفات، لعدم قدرة بعض المكوّنات السياسية في جمع التّوقيعات أو التقدّم بغطائها السياسي الفردي لانتخابات يبدو في ظاهرها صعبة المنال، لافتًا إلى التنشئة السياسية الانتخابية في الجزائر، تبيّن أن المحليات دائمًا ورقة تحاول الأحزاب أن تلعبها وتسعى لكسبها لتوسيع خارطة تموقعها في العمق الجزائري.

وواصل الأستاذ بوطران قائلًا لـ "الترا جزائر"، إن الانتخابات المحلية تحمل دومًا خصوصية اقناع الناخب في أقصى قرية في منطقة وفي ولاية بالذهاب للانتخاب أولًا، لكنها –كما قال-تحمل أكثر خصوصية هذه المرّة، إذ تتوجّه عيون المواطن في الجزائر على الأسعار الملتهبة والمصاريف المتعلّقة بالدّخول المدرسي وضعف قدرته الشرائية، وظروف عيشه، فكيف لهذه الأحزاب أن تقنعه بجدوى انتخاب ممثلًا عنه في أقرب سلطة إدارية له في البلدية؟

وفي انتظار ما سيسفر عنه اللقاء التشاوري بين السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات والأحزاب ردًا على مطلب مبادرة اللجنة المشتركة، وفي إطار مسعى التنسيق المستمر وتبادل الرؤى بين السلطة الوطنية للانتخابات والفاعلين السياسيين في الساحة، حيث يبدو أن العملية الانتخابية برمّتها ستكون عسيرة جدًا على عديد الأحزاب نظرًا لتعقد القوانين الناظمة للفعل الانتخابي في الجزائر.

من جهته، يُشير الباحث المختص في العلوم السياسية مصطفى بوعيش، أن العملية السياسية في الجزائر باتت تضع مختلف مكونات الساحة السياسية في مواجهة صعبة حقيقة أمام الناخبين، وهو ما أتعب الفاعلين السياسيين –حسب نظرته- في التقدّم نحو الانتخابات دون مخاوف أو دون تحسس العراقيل.

وبناءً على ذلك، أضاف الأستاذ بوعيش في تصريح لـ"الترا جزائر"، أن الانتخابات القادمة، ستكون عملية صورية لمشهد سايسي " ضبابي" حسب قوله، على اعتبار أن "الثقة بين الناخبين والسياسيين فقدت موازينها منذ أسابيع الحراك الشعبي، وأثّرت على قبوله الوعود، والذهاب لاختيار ممثليه، وشاهدنا ذلك في الانتخابات النيابية"، على حدّ قوله.

لا يمكن للأحزاب أن تنجح دونما أن تكون لها قاعدة صلبة تتكئ عليها

وإضافة إلى التحالفات السياسية، فإن الانتخابات كانت دومًا تفرض منطق السياق السياسي، إذ لا يمكن للأحزاب أن تنجح دونما أن تكون لها قاعدة صلبة تتكئ عليها، في تسيير العملية الانتخابية منذ جمع ملفات الترشيح إلى غاية الحملة الانتخابية ومراقبة عملية الاقتراع وفرز النتائج.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

شرفي: سجّلنا 400 تجاوز منذ بداية الحملة الانتخابية

تبون يربط تنظيم الانتخابات المحلية بتحسن الوضع الصحي