10-يوليو-2020

المطار الدولي بالجزائر العاصمة (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

لم تجد وضعية العالقين بالخارج، عقب غلق الحدود الجوية والبرّية والبحرية تسوية نهائية بعد، حيث ما تزال أزمة هؤلاء مستمرّة، وتبدو رحلتهم خارج الديار بلا عودة، إذ لا يزال كثير من الجزائريين موزّعين على أكثر من عشر دول عربية وأجنبية، وباتت وسائل التواصل الاجتماعي منصّتهم الوحيدة لإرسال نداءات الاستغاثة، بغيّة العودة إلى الوطن، فقد صارت محنتهم مأساة إنسانية، وبعد قرابة أربعة أشهر يقبع الآلاف من هؤلاء خارج الديار، دون مأوى، ولا مساعدات مالية، وتحت رحمة مصير مجهول.

انتقل رضا إلى جامعة ليون الفرنسية، قصد إعداد مذكرة التخرج ووجد نفسه عالقًا لعدّة أشهر

 في سياق متصل، يجدر التذكير أنه قد تقرّر تمديد غلق الحدود الجوية والبرّية والبحرية خلال المجلس الوزاري الماضي، وهذا ما أطفأ بصيص الأمل في عودة حركة الملاحة الجوية أو البحرية وعودة العالقين إلى الوطن.

اقرأ/ي أيضًا: فنادق تركيا تطرد جزائريين بسبب عدم التزام الجزائر بدفع تكاليف الحجز

حلمٌ يتحوّل إلى كابوس  

قصة رضا تشبه وضعية الكثير من الطلبة الجزائريين بالخارج، ففي شهر كانون الثاني/جانفي الماضي، انتقل رضا إلى جامعة ليون الفرنسية، قصد إعداد مذكّرة التخرّج من الجامعة، وتشاء الأقدار أن يجد نفسه معلّقًا خارج بلده، بعيدًا عن أهله بعد تعليق الرحلات بين باريس والجزائر.

تضاعفت متاعب رضا مع إجراءات الحجر الصحّي في فرنسا، حيث لم يتمكّن من إيجاد عمل يومي، يُمكّنه من تسديد حاجياته الأساسية، وتوفير إيجار السكن، حيث قال في حديثه لـ "الترا جزائر"، إنه يعاني من وضعية صعبة ويعيش في ظروف مأساوية، رغم تضامن أفراد من الجالية الجزائرية والجمعيات المحليّة معه.

 لم تتوقّف مشاكل الشاب عند حبسه بالخارج، بل إن حلم التخرج قد يضيع منه هذه السنة، إذا لم يتمكن من تقديم مذكّرته خلال الأيام القادمة، حيث ذكر رضا أنه اقترح على إدارة الجامعة إجراء عرض المذكرة عبر تقنية الحضور المرئي، لكن الإدارة رفضت المقترح، بحسب أقواله.

احتجاجات العالقين

في سياق آخر، تداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة توثّق جانبًا من معاناة الجزائريين العالقين بمدينة أليكنت الإسبانية، ومختلف المدن الأوروبية، حيث نظم هؤلاء وقفات احتجاجية أمام القنصليات، مطالبين بتوضيحات عن مآل وضعيتهم، وتواريخ الإجلاء، كما تناقلت صفحات كثيرة جوانبا من معاناتهم بعد أربعة أشهر خارج الوطن.

وفي غياب إحصائيات رسمية، يتم تداول معلومات مختلفة حسب مصادر إعلامية، مفادها أن عدد العالقين يتراوح ما بين 15000 إلى 30000 جزائري، يتوزّعون على الكثير من البلدان والقارات. 

محنة الخارج والداخل

 في هذا السياق، تكشف قصّة الهواري، مأساة هؤلاء العالقين بالخارج وعائلاتهم بالداخل، هذا الشاب الأربعيني الذي يشتغل تاجر ألبسة وأحذية نسائية من مدينة وهران، يسافر ككل سنة إلى مدينة أليكنت الإسبانية خلال فترة التخفيضات.

يصرح الهواري في اتصال مع "الترا جزائر"، أنه مع بداية تعليق الرحلات بين أليكنت ومدينة وهران غرب البلاد بسبب الجائحة، اعتقد أن الأزمة لن تتعدّى أسابيع معدودة، إلا أنه مع مرور الوقت تعقدت الوضعية أكثر فأكثر، حيث شدّدت السلطات الإسبانية إجراءات الحجر الصحي، وزادت مخاوفه مع انتشار الوباء وسط المدينة، حيث كشف الهواري أنه كان على شفا حفرة من الانهيار النفسي والعصبي، حين ضاقت به سبل العيش الكريم هناك، ورغم وجود جالية إسلامية ومغاربية، إلا أن ظروف الحجر المنزلي والصحّي، تسببت في تراجع أشكال التضامن والتلاحم.

تزايدت معاناة الهواري مع إحساسه بالذنب لترك زوجة حاملًا وابنة في الخامسة من العمر حسب قوله، دون دخل مادي وبعيدًا عن الأهل، لكنه لم ينس شكر أصدقاءه وأقاربه في مدينة وهران على تكفلهم بالعائلة، متسائلًا إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ مطالبا السلطات بالإسراع في إيجاد مخرج في أقرب الأوقات.

الجزائرأجلت أكثر من 13000 مواطنًا جزائريًا عبر مختلف مطارات العالم

تجدر الإشارة إلى أن الجزائرأجلت أكثر من 13000 مواطنًا جزائريًا، عبر مختلف مطارات العالم، وتطالب الكثير من الجمعيات المتكفّلة بقضايا الجالية الجزائرية في الخارج السلطات العمومية، بالإسراع في التكفل المادي والمعنوي بالعالقين في الخارج، والتدخّل لإجلائهم وإنهاء معاناتهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نحو انفراج أزمة الجزائريين العالقين في مطار إسطنبول بسبب كورونا

الجزائريون العالقون في تركيا لن يعودوا قبل انقضاء فترة الحجر الصحّي