12-يناير-2020

الجزائر تستقبل وفدًا ممثلًا عن المشير حفتر (فيسبوك/الترا جزائر)

في لقاء سريّ، استقبل وزير الخارجية صبري بوقادوم، وفدًا ممثلًا للمشير خليفة حفتر، قبيل ساعات عن إعلان وقف إطلاق النار بليبيا.

خرجت الخارجية الجزائرية عن صمتها في وقتٍ متأخر، بعد تداول صور عن لقائها بالوفد الليبي

وكشفت "وزارة الخارجية والتعاون الدولي للحكومة المؤقّتة" التابعة لحفتر، عبر بيان نشرته على  صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك، عن لقاءٍ جمع وزير الخارجية بوقادوم، وممثل حفتر عبد الهادي الحويج، بإقامة الدولة في زرالدة غربي العاصمة الجزائر.

اقرأ/ي أيضًا: بعد الزيارة التركية للجزائر.. مصر تعيد ضبط بوصلتها على الحلّ السياسي في ليبيا

وتابع البيان نفسه، أن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، وجّهت دعوة رسمية إلى وزارة الخارجية بحكومة عبد الله الثني، لعقد اجتماع صباح أمس السبت بالجزائر، كما أكدت وسائل إعلام ليبية، أن الوفد الليبي كانت له محادثات كثيفة مع وزير خارجية الجزائر، قبل أن يغادر الجزائر في مساء اليوم نفسه.

رغم تستّر الجزائر على اللقاء، نشرت الجهة الليبية صورًا تؤكّد لقاءها مع صبري بوقادوم، والذي ضمّ كلًا من نائب رئيس مجلس الوزراء، عبد السلام البدري، ووزير الخارجية والتعاون الدولي عبد الهادي الحويج، ووزير الداخلية المستشار إبراهيم بوشناف، ووزير الدفاع المكلّف اللواء يونس فرحات.

وخرجت وزارة الخارجية عن صمتها، في وقتٍ متأخرٍ مساء الأحد، بعدما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا عن اللقاء الذي جرى مع ممثلين عن حكومة حفتر، ببيان تؤكّد فيه أن "زيارة الوفد الليبي تندرج ضمن جهود الجزائر الرامية لتقريب وجهات النظر، بين كافة المكوّنات ومختلف الأطراف الليبية، من أجل العودة إلى مسار الحوار الشامل، للتوصّل إلى حلّ سياسيٍّ سلمي يضمن سيادة ووحدة الشعب، ويضع حدًا للأزمة التي يعانيها هذا البلد الجار".

كما شدّد بيان الخارجية، على دور الجزائر في "الإبقاء والمحافظة على جسور التواصل مع الأشقاء في ليبيا، ومع كل الفاعلين وكل القوى الخيرة في هذا البلد الشقيق، لتغليب لغة الحكمة والإنخراط في مسار الحوار السياسي الشامل، الكفيل وحده بضمان تجاوز ليبيا للأزمة التي طال أمدها".

مبادرات الحوار

من جانبه الخبير الاستراتيجي والباحث الأكاديمي، عبد القادر دريدي، اعتبر زيارة وفدٍ ممثّل عن المشير خليفة حفتر إلى الجزائر، بمثابة النجاح الأوّل للدبلوماسية الجزائرية في الملف، مشيرًا إلى أن "الدبلوماسية الجزائرية بدأت تستعيد عافيتها، وتمكّنت من فرض نفسها كمتغير ثابت في إشكالية الأزمة الليبية، بعدما تم استبعادها لسنوات."

وتابع الاستاذ الجامعي عبد القادر دريدي، في حديث لـ "الترا جزائر" أنّ الجزائر عبّرت عن موقفها بكل وضوح "ما يعكس تغيرًا في تعاطيها مع محيطها الدولي، وهذا أمر جد إيجابي".

ولم يستبعد الباحث دريدي، احتمالية احتضان الجزائر اجتماعًا لأطراف الأزمة الليبية قبل مؤتمر برلين، مشيرًا إلى أن لقاء وفدٍ يمثّل قوّات حفتر بالخارجية الجزائرية، يدخل في هذا الإطار، خاصّة وأنّ الجزائر تعرّضت لإقصاء متعمّد في هذه الأزمة في السنوات الماضية، يفرض عليها التعامل بروية وبدون ضجة قد تقلّل من جدوى مساعيها.

وتابع المتحدّث "هذا استعداد مبدئي، وعبرت عنه الجزائر في أكثر من مناسبة، ولكن تجربتها مع المبادرات السابقة في الأزمة نفسها، تجعلها تتشارك في مرافقة مسار الحوار مع عدّة أطراف. هناك أطراف أوروبية وعربية ومغاربية يجب أن تكون مجتمعة ومتّفقة على رؤية واضحة بشأن الحل."

وأوضح الباحث أن "زيارة الوفد الليبي عن جبهة حفتر إلى الجزائر، يؤكدّ أن الاجتماع الأوروبي الأخير ببروكسل، تمكن من الضغط على فرنسا وإقناعها بأن الأزمة الليبية لا تتحمّل مزيدًا من التصعيد العسكري".

في السياق نفسه يقول دريدي: "بعد اجتماع بروكسل، زار وزير الخارجية المصري الجزائر، ثم وفد عن حفتر، وهذا دليل واضح على نجاح التكتّل الأوروبي، في الضغط على فرنسا، ومن ثمّ على حفتر والدول الداعمة له."

وبخصوص تأخّر الجزائر في الإفصاح عن هذا اللقاء، ردّ الخبير الاستراتيجي، أن السبب يتعلّق بالأعراف الدبلوماسية التي تتبنّاها الجزائر وهو "أن وفد حفتر ليس وفدًا رسميًا من المنظور الدولي، ولا يمثّل الدولة الليبية، وبالتالي فإن استقباله يدخل في إطار تحضير أرضية تفاهمات مبدئية، يتمّ الانطلاق منها للعمل بشكلٍ جاد في مؤتمر برلين."

كما أردف أن "تستّر الجزائر راجع أيضًا إلى أن مسؤولي الدبلوماسية الجزائرية، لا يمكنهم الإجابة إعلاميًا على بعض الأسئلة، التي قد تنجر عن الإعلان عن هذا اللقاء، مثل موقفها من شرعية حكومة عبد الله الثاني، وشرعية برلمان طبرق، وغيرها من الألغام التي فضّلت الجزائر تفاديها"

التزام ..

في هذا السياق، دعت الجزائر، اليوم الأحد، كافة المكوّنات الليبية إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، والعودة سريعًا إلى مسار الحوار الوطني الشامل.

وأفاد بيان لوزارة الشؤون الخارجية، أن الجزائر "ترحّب بوقف إطلاق النار في ليبيا، وتدعو كافّة المكوّنات الليبية ومختلف الأطراف، إلى الالتزام به والعودة السريعة إلى مسار الحوار الوطني الشامل، من أجل التوصل إلى حلّ سياسي سلمي يراعي المصلحة العليا لليبيا وشعبها الشقيق".

ذكّرت الجزائر بموقفها الثابت الداعي إلى ضرورة تسوية سياسية سلمية عبر حوار ليبي- ليبي

وذكّرت الجزائر بـ "موقفها الثابت الداعي إلى ضرورة تسوية سياسية سلمية عبر حوار ليبي- ليبي"، كما جدّدت دعوتها لجميع الأطراف، لـ "تغليب الحكمة ولغة الحوار من أجل إخراج هذا البلد الشقيق والجار من الأزمة التي يعاني منهان والتي ما فتئت تهدّد الاستقرار في دول الجوار وفي المنطقة برمتها."

كما تؤكّد الجزائر بأنها "ستواصل جهودها للوصول إلى حلٍّ سياسيٍّ سلميٍّ، يضمن وحدة الشعب الليبي وسيادته في كنف الأمن والاستقرار".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر تفعّل أعلى هيئة أمنية للعب دورٍ أكبر في ليبيا ومالي

دور الجزائر في الأزمة الليبية.. تقليصًا لمساحة فرنسا ومصر والإمارات