الجزائر تُعزّز المساعي القانونية الأفريقية لتصنيف الاستعمار كجرائم حرب
14 مارس 2025
تعملُ أربع دول أفريقية، هي الجزائر وجنوب أفريقيا وغانا ونيجيريا، على تطوير آليات سياسية وقانونية لتنفيذ القرار الأفريقي الذي يطالب بـ "تصنيف الاسترقاق، الترحيل والاستعمار كجرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية".
وقبل هذه الخُطوة، نظّمت عدة دول، وعلى رأسها الجزائر، لقاءات واجتماعات للمطالبة باتفاق "تجريم الاستعمار والتعويضات لصالح الشعوب الأفريقية". ومن المُنتظر أن يعرض هذا الملف على جلسات الأمم المتحدة بعد مصادقة الاتحاد الأفريقي عليه في الدورة الـ38 لمؤتمر رؤساء الدول والحكومات، التي ستُعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
من الناحية السياسية، اعتبر الباحث المتخصص في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، عمار سيغة، أنّ هذا القرار يُعد "ردًّا قويًّا على فرنسا لمنعها من مواصلة مناوراتها في أفريقيا والتدخل المستمر في شؤون القارة، وبالتالي فرض هيمنتها على مستقبل الأجيال الأفريقية".
فريد مصمودي لـ" الترا جزائر": نقل ملف تجريم الاستعمار في أفريقيا إلى الهيئات الدولية يتطلّب توفير الآليات القانونية اللازمة وحشد الخبراء المُتخصّصين في مجالات الحقوق والقانون الدولي
وأضاف أن هذا القرار يُعتبر خطوة مهمة نحو التحرر من السيطرة الفرنسية، لا سيما في ظلّ تواجد قواتها العسكرية وتهربها من مسؤولياتها تجاه الجرائم ونهب الثروات.
وأشار سيغة إلى أن "الضغط الدبلوماسي"، بما في ذلك مطالب التعويضات إذا اعترفت فرنسا بجرائمها، سيبقى أحد الأدوات الأساسية في التسوية، خاصة فيما يتعلق بالاستعمار الفرنسي.
وتابع قائلاً إنّ التحدي الحالي بالنسبة لفرنسا هو "تحدي اقتصادي" بسبب ارتفاع الدين الداخلي والعجز في الميزانية.
وأضاف أنّ الجالية الأفريقية في فرنسا يمكن أن تمارس "الضغط المرن" على باريس، مما يساهم في تمكين القارة الأفريقية من الحصول على اعتراف فرنسا بجرائم الاستعمار وما تستحقّه من تعويضات.
في هذا السياق، أكد سيغة أنّ الجهود الدبلوماسية للقارة الأفريقية تُظهر أهمية هذه القضية لكل دولة، لافتا إلى أنّ الجزائر بصدد تمرير قانون لتجريم الاستعمار، وهو خطوة هامة نحو تحقيق وحدة القرار الأفريقي بشأن الاستعمار كموروث تاريخي مؤلم.
الانتقال من السياسي نحو آليات قانونية
وفقًا للمختصين، تتمثّل الخُطوة المقبِلة لنقل الملف إلى الهيئات الدولية في توفير الآليات القانونية اللازمة، بالإضافة إلى حشد الخبراء المتخصصين في مجالات الحقوق والتعويضات والقانون الدولي، كما أوضح أستاذ القانون بجامعة الجزائر، فريد مصمودي، في تصريحاته.
بعد النجاح في إقرار الأرضية السياسية (اللائحة)، أكد مصمودي لـ" الترا جزائر" أنّ المرحلة القادمة تتطلب "تفكيرًا جماعيًا على مستوى الدول الأربعة الأفريقية لوضع خطوات عملية وتنفيذ اللائحة ضمن إطار قانوني يسمح بإحالتها إلى الهيئات والمحاكم الدولية المعنية".
في سياق متابعة مسار الاستعمار، من الواضح أنّ شعوب القارة الأفريقية لا تزال تعاني من ممارسات الاستعمار وخاصة الجزائر، التي ما زالت تحصي مخلفاته حتّى اليوم. هذه الملفات المُتعلقة بالحروب والإبادة الجماعية والتمييز العنصري تتطلب معالجة جادة.
يعتبر المختصون أن المسؤولية الدولية تشكل عنصرًا أساسيًا في هذه القضية، حيث "لا تسقط بالتقادم" وفقًا للقوانين الدولية المعمول بها.
تنفيذ هذه القوانين يتطلب تدويلًا دوليًا كما يُتوقع ذلك في الحالة الأفريقية من خلال "لائحة تجريم الاستعمار"
اللافت أنّ المسؤولية الدولية هي نظام قانوني يترتب عليه أن تقوم الدولة المتسببة في الأضرار بتعويض الدولة الأخرى المتضررة.
وقالت الأستاذة إكرام بلباي في إفادة دراستها الأكاديمية حول "المسؤولية الدولية عن الاستعمار الاستيطاني الفرنسي في الجزائر"، إنّ هذه المسؤولية "تنشأ نتيجة الإخلال بالتزام دولي، مما يترتب عليه تحميل المسؤولية للشخص الذي أخل بتلك الالتزامات".
جبر الضّرر.. إصلاح الذّاكرة التاريخية
هل يُمكِن للمستعمرات القديمة إصلاح الضّرر النّاتج عن الاستعمار؟، يُطرح السؤال حول إمكانية "جبر الضّرر" النّاتج عن الاستعمار، حيث يعتبِره البعض مجرّد مفهوم غامض أو صيغة فضفاضة، ما لم يتم تفعيله بما يتماشى مع القوانين الدولية التي تم وضعها سابقًا، مع تكييفها لتواكب التحديات والمخلفات التي خلفها الاستعمار حتى اليوم.
ورغم صعوبة الوصول إلى مرحلة جبر الضّرر أو بعبارة أخرى إعادة ترميم الجروح العميقة التي خلفتها المظالم التاريخية، خاصة تلك التي تشكّل كسورًا تنتقل عبر الأجيال، إلّا أنّه يمكن التّخفيف من حدّتها من خلال المساءلة المواجهة، والإقرار بالأفعال.
تتنوّع هذه المظالِم ما بين أضرار مادية كآثار التفجيرات النووية التي تمثل جزءًا من تاريخ وجغرافيا الشعوب المتضررة.
وفي هذا السياق، أشار أستاذ العلاقات الدولية عبد الكريم مسيعد في حديثه لـ"الترا جزائر"، إلى أنّ الالتزام بالقواعد القانونية من قبل الأطراف المختلفة لا يزال غير متاح، مضيفًا أنّ تنفيذ هذه القوانين يتطلب تدويلًا دوليًا كما يُتوقع ذلك في الحالة الأفريقية من خلال "لائحة تجريم الاستعمار".
المُساءلة.. ترميم الجُروح
يُتيح الإقرار الدولي بفتح ملف جرائم الاستعمار والنظر في هذه القضايا المجال لما يُعرف بـ"المساءلة الدولية". وتعني هذه الخطوة ضرورة ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم في عدة دول أفريقية، خاصة وأن آثار الاستعمار ما زالت قائمة حتى اليوم، بل أصبحت تمتد لتشمل تجارب نووية أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية، مما جعلها جرائم عابرة للجغرافيا.
وتتطلّب هذه المُلاحقة الجنائية إطارًا قانونيًا قويًا يتيح تنفيذها وفقًا للاتفاقيات الدولية التي تحظر هذه الأفعال ضد الإنسانية.
وفيما يتعلق بالأدلة، يُطالب العديد من المعنيين بجمع جميع الوثائق والشهادات التي تدين الاستعمار بمختلف أشكاله. وتدعو هذه المطالبات إلى محاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم، وتقديم اعتذار رسمي عن الأضرار التي لحقت بالشعوب، مع الاعتراف بالماضي المرير، وتعويض الأفارقة عن الأضرار المادية والمعنوية التي سببتها هذه الحقبة.
ربح الموقِف السياسي
تنصُّ اللائحة على أهمية "بناء جبهة مشتركة وموحدة" من أجل العدالة، ودفع التعويضات عن الجرائم التاريخية والفظائع الجماعية التي ارتُكبت ضدّ الأفارقة وأبناء الأصل الأفريقي، بما في ذلك الاستعمار والفصل العنصري والإبادة الجماعية.
وبعد خُطوة أديس أبابا، تمكّنت الدول الأفريقية من تحقيق مكسب سياسي، مما يُعتبر تحولًا في الوعي الجماعي نحو تأسيس خطوات مشتركة لاستعادة الحقوق التاريخية للشعوب الأفريقية.
تسعى الدول الأفريقية المعنية إلى الحصول على "تعويضات مالية للدول والمجتمعات الأفريقية المُتضرّرة من الاستغلال الاستعماري"، بالإضافة إلى مطالبات باستثمارات في البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية لدعم التنمية الاقتصادية في القارة.
من جهتها، أعلنت الجزائر عن إعادة فتح ملف تجريم الاستعمار، بهدف صياغة قانون يدين المظالم التاريخية التي تعرض لها الشعب الجزائري، وذلك وفقًا لتصريحات إبراهيم بوغالي رئيس المجلس الشعبي الوطني.
ويُنظر أيضًا إلى إعادة صياغة هذا القانون بما يتماشى مع المستجدات والوثائق الجديدة، الأمر الذي من شأنه أن "يلزم فرنسا بالاعتراف بالجرائم ضد الإنسانية ومسؤوليتها عنها، بما في ذلك الإبادة الجماعية والتجارب النووية، ويفتح المجال للمساءلة الجزائية والمدنية".
الكلمات المفتاحية

التحالفات الحزبية تطغى على انتخابات "السينا".. سيناتورات "هجينة" مُنتظرة
على بُعد ساعات من فتح صناديق الاقتراع أمام الناخبين على مستوى مقرات المجالس الولائية لاختيار أعضاء مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) في إطار التجديد النصفي كل 3 سنوات. تضبط التشكيلات السياسة الروتشات الأخيرة على وقع تحالفات سياسية مُحكمة لضمان تدارك تفاوت التمثيل الحزبي عبر المجالس المنتخبة على المستوى الوطني.

تجريم الاستعمار...هل يتبنّى الأفارقة مُبادرة "التعويضات والظّلم الكولونيالي"؟
من المُنتظر أن تُطرح قضية العدالة التاريخية عن الظلم الاستعماري على طاولة القمة الأفريقية على مستوى الرؤساء المقررة يومي 15 و16 شباط/ فبراير الحالي بأديس أبابا.

أحمد عطاف في الشرق الأوسط.. ترتيب الأوراق مع سوريا ولبنان
أعادت الجزائر ترتيب علاقاتها مع سوريا ولبنان بناءً على الوضع السياسي والمؤسساتي الجديد للبلدين، وباشرت بالنّسبة لدمشق علاقة سياسية جديدة مع السلطة الحاكمة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

المخرج عباس فيصل: تمثيل الجزائر في مهرجان "العودة" الفلسطيني شرف لا يقدّر بثمن
عباس فيصل ممثل مسرحي ومخرج سينمائي صاعد متخصص في صناعة الأفلام الوثائقية، حاصل على شهادتي تقني سامي في المحاسبة والتسيير، وليسانس في علم المكتبات والمعلومات، يترأس نادي الفن السابع بالجزائر العاصمة، شارك في عدد من المهرجانات الدولية وسيكون له حضور في مهرجان فلسطيني قريبا، سيتحدث عنه وعن تيمته وعن فيلمه الذي سيعرض ضمن هذه الفعالية، كما سيتطرق عبر حواره مع "الترا جزائر" إلى السينما…

هزة أرضية بشدة 5.1 درجات تضرب ولاية المدية
سُجلت، اليوم الثلاثاء، هزة أرضية قوية، بلغت شدتها 5.1 درجات على سلم ريشتر.

هزة أرضية تضرب بومرداس بقوة 4.6 على سلم ريشتر
سُجّلت صباح اليوم الثلاثاء، هزّة أرضية بقوة بلغت حوالي 4.6 درجات على مقياس ريشتر.

بورحيل: التقنيات الرقمية تُشكل خطرًا على القصّر
أكد رئيس السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، سمير بورحيل، على ضرورة اتخاذ خطوات قانونية وتنظيمية شاملة لحماية القصر وضمان احترام حقوقهم الرقمية.