الجزائر/ فتيحة زماموش
تكبيرات في مساجد الجزائر بمكبرات الصوت، دون مصلين، شوارع خالية، وأيادي ترفع للسماء ليرفع الله البلاء، وتهاني العيد عبر الهاتف الجوال أو بالرسائل القصيرة وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، هكذا كانت صبيحة عيد الفطر في الجزائر ،عيد استثنائي بسبب انتشار فيروس " كورونا".
لم يتقبّل الكثيرون عملية غلق المساجد وعدم تأدية الصلاة في بيوت الله، بينما عمد البعض إلى تأديتها جماعات في الفضاءات جنب العمارات أو سطوح المنازل، أو في حدائق البيوت، مع الحفاظ على التباعد والفاصل بين جميع الأفراد، وذلك تبعا لفتوى من وزارة الشؤون الدينية التي أجازت الصلاة في البيوت جماعة.
صورة تألّم لها الكثيرون، ممن تعودوا على أداء الصلاة في مسجد الحي، كما عبّر العم مولود سلامي لـ"الترا جزائر"، إذ يقضي معظم أوقاته المسموح بها بسبب إجراءات الحجر الصحي بجانب مسجد الشيخ البشير الإبراهيمي بمنطقة " المدنية " (صالومبي) سابقا بالعاصمة الجزائرية، مضيفا أنه يحنّ إلى صلاة الجماعة في المسجد.
كما غابت مظاهر البهرجة التي اعتاد عليها الجزائريون في العيد، إذ غالبا ما يوزع الشباب الحلويات و التمور والحليب أمام المساجد، في تضامن وتراحم فيما بين المصلين.
الغلق الشبه تام ...
الجزائريون استغلوا الساعات القليلة التي سمحت بها الحكومة خلال أيام العيد أي من الساعة السابعة صباحا إلى الواحدة ظهرا، لتأدية واجب التهاني وصلة الأرحام سيرا على الأقدام بعدما تم منع سير حركة السيارات وحتى الدراجات، في تدابير احترازية لاستمرار تسجيل حالات الإصابة بالوباء.
عرفت شوارع العاصمة الجزائرية، سكونا غير معهود في أول أيام العيد، وحتى بالمدن الداخلية، تنفيذا لقرار الحكومة الأخير القاضي بمنع السيارات خلال يومي العيد، في ظروف صنعتها الأزمة الوبائية، غير أن هناك حركة خفيفة في محيط المستشفيات.
ولم يفوّت الأطفال فرصة الاحتفال بالعيد كالعادة، وارتداءهم ملابس جديدة، واللعب أمام البيوت، في ظل غلق مدن الألعاب، وفضاءات الترفيه في كل المدن الجزائرية، إذ منعت كل الفضاءات الترفيهية تخوفا من انتقال العدوى.
العائلات تمسكت بالعادات ولكن
رغم الحجر المنزلي، وحالة الغلق الشبه التام في المدن، إلا أن الأسر والعائلات انتهزت ساعات الصباح لتقديم تهاني العيد سواء للأقارب أو الجيران، قبل أن يبدأ توقيت الحظر الجزئي بعد وقت الظهيرة.
كما تجتمع العائلات الجزائرية في البيوت، حول مائدة القهوة المزينة بمختلف أصناف الحلويات، وهي عادة متجذرة في احتفالات الجزائريين بعيد الفطر المبارك، إذ تعكف ربات البيوت على تحضير الحلويات في الأيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم، لتزيين مائدة القهوة التي يجتمع حولها أفراد العائلة الكبرى، وتقديم البعض منها كهدايا .
من جهتها، نبّهت مصالح الأمن عبر الدوريات عبر الأحياء، المواطنين، إلى ضرورة الالتزام بمواعيد الحجر الصحي خلال يومي العيد، بعد أن أعلنت الحكومة عن فرض عقوبات صارمة ضد كل من يخالف التعليمات.
وسائل التواصل تفي بالغرض ..
اشتكى الكثيرون من عدم اكتمال فرحة العيد، كما قالت السيدة نجية سراوي لـ" الترا جزائر"، بأنها لم تتمكن من زيارة أهلها في "عين الدفلى" غرب العاصمة الجزائرية، بسبب منع التنقل، مكتفية ببتقديم التهاني عن طريق الاتصال الهاتفي مع العائلة، مشددة على أن الوضع الحالي ، يضطر الجزائريين إلى التكاتف مع الأطباء والالتزام بتدابير الحجر، معللة بقولها أنّ " دفع الضرر خير من جلب المنفعة"، بينما يظل العيد فرصة للتراحم والتسامح والفرحة.
ذلك ما لم يتمكّن الكثيرون من القيام به خاصة فيما اتصل بزيارة الأهل والأقارب وصلة الأرحام، إذ حالت الظروف الطارئة، بسبب "كورونا" ، وقرارات الحكومة الجزائرية الأخيرة، دون أن يتمكن الآلاف من التنقل عبر الولايات، في مقابل إصرار السلطة الجزائرية في تجاوز هذه المحنة بالصبر وبأقلّ الأضرار .
ويسري اليوم الأحد حتى صباح الثلاثاء، قرار تعديل فترة الحجر الصحي في كامل الجزائر، بدء من الساعة الواحدة ظهرا حتى السابعة صباحا، مع تجميد كامل لحركة النقل والمرور، واعتبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في رسالة تهنئة للجزائريين بحلول العيد، هذه التدابير الجديدة، ضرورية للحفاظ على سلامة المواطنين، برغم القلق الذي ينتابهم، بسبب طول فترة الحجر الصحي.
https://www.youtube.com/watch?v=Yq0EiGZrFlU
وحث الرئيس تبون الجزائريين " الشباب إلى الصبر على تحمل ما تبقى من المسافة ، والصبر والانضباط وروحِ المسؤولية "، ودعا الجزائريين إلى المزيد المزيد من مساعدة الدولة في مكافحة انتشار فيروس كورونا، والالتزام بأقصى انضباط بتدابير الحجر الصحي، لضمان عودة سريعة إلى الحياة وتدوير العجلة الاقتصادية، خاصة وأن الجزائر تجاوزت عتبة الثمانية آلاف إصابة بفيروس كورونا، شفي منهم 4426 شخص، وسجلت 592 وفاة، منذ ظهور فيروس كورونا في البلاد في 26 شباط/ فيفري الماضي.
انتهى/