04-نوفمبر-2019

لا تستغل السلطات الجزائرية أي فرصة لانتعاش قطاع السياحة في البلاد (Getty)

احتلت الجزائر المرتبة الرابعة، ضمن قائمة المناطق التي توجّه لها الفرنسيون في عطلة "عيد كلّ القدّيسين" الذي يحتفل به المسيحيون الكاثوليك بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر من كلّ عام، ما قد يمثّل مفاجأة في بلدٍ يبقى فيه قطاع السياحة ضمن آخر اهتمامات السلطات، وتركز الصحافة العالمية على موضوع التضييق على الأقلّيات الدينية فيه في الفترة الأخيرة.

 غيوم روستاند: "تُكلّف الرحلة من مرسيليا إلى مراكش أقلّ من تذكرة القطار أو الطائرة إلى باريس"

المُلفت في هذه الإحصائيات، حول وجهة الفرنسيين هذا العام خلال هذه المناسبة الدينية، أنّ الجزائر جاءت حتى قبل تونس التي تُصنَّف ضمن أفضل الوجهات في شمال أفريقيا.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| صلاح الدين شلاح: المسيحيون الجزائريون يُنظر إليهم وكأنهم غيّروا دينهم

أفضل دول السياحة

وأجرى موقع "ليلغو" المختصّ في خدمات السفر والسياحة، استطلاعًا حول أفضل المدن التي يزورها الفرنسيون لقضاء عطلة "عيد كلّ القدّيسين" المصادف للفاتح تشرين الثاني/نوفمبر، ووصل إلى أن الجزائر العاصمة، جاءت كرابع مدينة يقصدونها لقضاء عطلة هذه المناسبة الدينية، وذلك بعد كل من مراكش المغربية التي حلت أولًا ونيويورك الأمريكية، ومدينة سانت دينيس دو لوريونيون بجزيرة لوريونيون، الواقعة في المحيط الهندي والتابعة سياسيًا للإدارة الفرنسية.

 وحسب غيوم روستاند، المتحدّث الرسمي باسم موقع "ليليغو" فيعود سبب ذلك إلى "المناخ المتقلب الذي يتميّز به شهر تشرين الأوّل/أكتوبر في فرنسا"، مستدركًا أن الأمر يعود أيضًا إلى المنافسة التي تفرضها شركات الطيران بخفض أسعار السفر إلى الخارج بشكلٍ كبير، ما يجعل التوجّه إلى الجزائر أو مراكش أقلّ تكلفة حتّى من التنقّل جوًا من مدينة فرنسية إلى أخرى.

وقال روستاند في هذا الإطار: "قد تُكلّف الرحلة من مرسيليا إلى مراكش تكلفة أقلّ من تذكرة القطار أو الطائرة إلى باريس. إن السفر إلى الطرف الآخر من العالم أقلّ تكلفة في بعض الأحيان من السفر إلى فرنسا".

وتقدّمت الجزائر في هذه الإحصائيات، على بلدان أخرى تُصنّف ضمن الوجهات السياحية المعروفة مثل لشبونة ولندن، وحتى روما الإيطالية التي جاءت سابعًا ضمن الوجهات المفضّلة للفرنسيين في هذه العطلة الدينية، رغم أن الفاتكان، عاصمة المسيحيين الكاثوليك تقع ضمن نطاقها.

ولم تُشر الدراسة إلى عدد الفرنسيين الذين زاروا الجزائر خلال هذه المناسبة المسيحية، لكن يبقى تنقل الأشخاص بين البلدين يميل لصالح الجزائريين، فقد منحت السفارة الفرنسية في الجزائر العام الماضي، 297 ألف تأشيرة لهم.

ظروف خاصّة

 تنقّل الفرنسيين بكثرة إلى الجزائر في هذا الظرف السياسي، هو ما يُلفت الانتباه اليوم، خاصة في سياق الجدل القائم بين الحكومة والكنيسة البروتستانتية، والذي جعل بعض الأطراف في فرنسا، تدعو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتحرّك من أجل حماية المسيحيين في الجزائر.

لكن يبدو أنّ هذه الأجواء لم تمنع الفرنسيين من اختيار الجزائر، بالنظر إلى أنّ أسقف الجزائر المطران بول ديفارج، أكّد في تصريحات سابقة أنه ليس هناك أي مشكل في حرّية ممارسة الشعائر الدينية في الجزائر.

وقال ديفارج "إنّني أتكلم بصفتي مسؤولًا عن الكنيسة الكاثوليكية وأؤكد انه ليس هناك أي مشكل في حرية ممارسة الشعائر الدينية في الجزائر". وأضاف أن "حرّية ممارسة الشعائر الدينية يكفلها ويضمنها القانون الساري في البلاد".

الجزائر غير آمنة؟

يُقابل سفر الفرنسيين إلى الجزائر في "عيد كل القديسين"، والذي تسبقه احتفالات "الهلوين" المصادفة ليوم 31 تشرين الأوّل/أكتوبر، تحذيرات أميركية موجّهة لرعاياها، بعدم التحرّك خلال تلك الفترة بسبب مسيرات الحراك يوم الجمعة الماضي، ويبدو أن المخاوف الأمريكية المفرطة تُخفي وراءها أغراضًا سياسية غير معلنة.

وكانت واشنطن حذّرت رعاياها وموظفيها في سفارتها بالجزائر، ودعتهم إلى توخي الحيطة بمناسبة مظاهرات الجمعة الماضية، التي تزامنت مع إحياء ذكرى ثورة التحرير.

وقالت السفارة الأمريكية في الجزائر إن "على موظفي السفارة تجنّب المناطق التي تشهد تظاهرات وعدم المشاركة فيها، أو التواجد بالقرب منها حتى وإن كانت مسيرات سلمية".

في السنوات الأخيرة تخّلت عدة دول غربية خاصّة الأوروبية، عن المخاوف والتحذيرات التي كانت توجّهها لمواطنيها الراغبين في زيارة الجزائر، بعد تصنيفها ضمن قائمة الدول الآمنة، وكانت آخر هذه الدول إيطاليا وألمانيا.

الاعتماد على قطاع المحروقات جعل السلطة تهمل الكثير من القطاعات الحيوية وعلى رأسها السياحة

وتظلّ كل هذه العوامل المترادفة التي تصبّ في خانة انتعاش السياحة الأجنبية في الجزائر، غير مستغلّة من طرف السلطة، وخارج اهتمامها وأولوياتها، رغم كل الفرص التي قد يوفّرها توطين مناصب عمل جديدة، ودعم مداخيل البلاد المالية خارج المحروقات.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

غلق الكنائس في الجزائر.. إجراءات قانونية أم انتهاك للحرّيات الدينية؟

رهبان تيبحيرين.. أرواح بريئة أم ورقة سياسية رابحة؟