اقتصاد

الجزائر ومُنتديات الأعمال.. هل تنجح في جذب استثمارات نوعية؟

2 مايو 2025
شراكات اقتصادية
شراكات اقتصادية (صورة: أرشيف)
أسماء بهلولي
أسماء بهلولي صحافية من الجزائر

استضافت الجزائر خلال الشهر الماضي خمس وفود اقتصادية من دول متعددة، بما في ذلك الصين وروسيا والسعودية وتركيا، في خطوة جديدة نحو تنويع علاقاتها الاقتصادية.

وتأتي هذه المنتديات في وقت تشهد فيه الجزائر تغييرات في إطار قوانينها الاقتصادية، ما يعكس اهتمامًا متزايدًا من قبل المستثمرين الأجانب. 

تُثير هذه الزيارات تساؤلات حول مدى قدرة الجزائر على ترجمتها إلى مشاريع استثمارية حقيقية

وبالرغم من ذلك؛ تُثير هذه الزيارات تساؤلات حول مدى قدرة الجزائر على ترجمتها إلى مشاريع استثمارية حقيقية، وكيفية التعامل مع التحديات الاقتصادية التي قد تظهر نتيجة لهذه الشراكات. 

كما يطرح هذا التوجه فرصًا جديدة للبلاد، ولكن يبقى السؤال الأساسي حول مدى قدرة النظام الاقتصادي الجزائري على استيعاب هذه الفرص وتحقيق النمو المستدام.

هل يمكن لهذه المنتديات أن تسهم في جذب الاستثمارات الملموسة، أم أنها مجرد خطوات أولية على طريق طويل لتحقيق التنمية المستدامة؟

ماذا تحقق منتديات الأعمال؟

توافدت خمسة وفود اقتصادية من دول مختلفة، ما يعكس اهتمامًا متزايدًا من قبل المستثمرين الأجانب في السوق الجزائرية، ويعدّ هذا الزخم الكبير، الذي شمل ممثلين من الصين، روسيا، السعودية، تركيا، والاتحاد الأوروبي، يثير تساؤلات عدة حول السبب وراء هذا التحول اللافت في مشهد الاستثمارات الأجنبية بالبلاد.

في السنوات الماضية، كانت الجزائر تتلقى غالبية مشاريعها الاستثمارية من شركائها التقليديين، خاصة فرنسا، التي كانت تهيمن على معظم العقود والاتفاقيات. فما الذي جعل الجزائر اليوم تبدو وجهة أكثر جذبًا لمستثمرين من مختلف أنحاء العالم؟

نهاية الاحتكار الفرنسي في الاستثمارات

يرى الخبير الاقتصادي والنائب البرلماني عبد القادر بريش أنّ الجزائر بصدد بناء منظومة استثمارية جديدة تقوم على التنوع والانفتاح، وهو ما يمثل تحوّلًا جذريًا في السياسة الاقتصادية للبلاد. 

النائب عبد القادر بريش لـ" الترا جزائر": هذا التوجّه الجديد يترجم نجاح الإصلاحات القانونية الكبرى التي شهدتها الجزائر، وعلى رأسها قانون الاستثمار الجديد

كما يعكِس هذا التوجه فكرًا استراتيجيًا جديدًا يتجاوز الاعتماد على شريك واحد كما كان الحال سابقًا، ويؤكد أن الجزائر لا يمكنها الاستمرار في الارتباط بمصالح اقتصادية أحادية، بل تحتاج إلى تعزيز الشراكات المتعددة.

وأضاف في تصريح لـ" الترا جزائر" أنّ هذا التوجّه الجديد يترجم نجاح الإصلاحات القانونية الكبرى التي شهدتها الجزائر، وعلى رأسها قانون الاستثمار الجديد، الذي ضمن بيئة استثمارية أكثر مرونة. 

وقد ساهمت هذه الإصلاحات في توفير حوافز تشجيعية وجذب استثمارات من دول كبرى، وهو ما يعزز الفرص التنموية للبلاد في مختلف المجالات.

تنويع الشراكات.. ضرورة استراتيجية

بريش يوضح أنّ الجزائر اليوم تتبنى مقاربة استثمارية متعددة الأقطاب، حيث أصبحت الشراكة مع الصين تعد أولوية، نظرًا لخبرتها في نقل التكنولوجيا، بالإضافة إلى الديناميكية الكبيرة التي يتمتع بها مستثمروها. 

من جانب آخر، تمثل تركيا شريكًا قويًا في مجالات البناء والصناعات التحويلية والنسيج، بينما يأتي الاتحاد الأوروبي ليكمل هذا التنوع من خلال توفير التكنولوجيا المتقدمة، خاصة من دول الشمال مثل ألمانيا وهولندا.

ويؤكد بريش أيضًا أن الشراكة مع الدول العربية والإفريقية تمثل ركيزة أساسية للجزائر، بحيث يمكنها أن تكون بوابة عبور إلى الأسواق الأفريقية، خاصة مع التقارب الثقافي واللغوي. 

ويشدد على أن قانون الاستثمار الجديد أسهم في تعزيز الشفافية، وضمان العدالة في التعامل مع جميع المستثمرين، سواء كانوا وطنيين أو أجانب.

منتديات الأعمال: خطوة نحو تعزيز الثقة

إن عقد عدة منتديات أعمال متعددة الأطراف في ظرف عشرة أيام فقط، لم يكن مجرد صدفة، بل هو مُؤشّر واضح على التحول الكبير في سياسة الجزائر الاقتصادية.

ويرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف أنّ هذه المنتديات تمثّل نقطة فارقة في تعزيز التعاون الاقتصادي مع دول جديدة، فقد تم توقيع العديد من الاتفاقيات الهامة، منها اتفاقيات مع الصين في مجالات الصناعات التحويلية والبنية التحتية، بالإضافة إلى تفاهمات مع روسيا والسعودية في نفس القطاعات. 

الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف لـ" الترا جزائر": التحدي الأكبر أمام الجزائر هو كيفية تحويل هذه التفاهمات والاتفاقيات إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع،    في علاقة بالبيروقراطية والبنية التحتية

وأضاف أنّ المنتدى التركي شهد تعزيزًا كبيرًا للتعاون في قطاعات البناء والنسيج والصناعات الغذائية.

وقال إنّ المنتديات الاقتصادية كانت الفُرصة المثالية لكسر الصورة النمطية عن مناخ الأعمال في الجزائر، إذ وفرت منصة للتفاعل المباشر بين المسؤولين الجزائريين والمستثمرين الأجانب، مما ساهم في تبادل الرؤى وتعزيز الثقة بين الطرفين، كما ساعدت على تقديم مشاريع جاهزة يمكن تفعيلها في المستقبل القريب.

تحديات 

هذه الديناميكية الجديدة تعكس بداية مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي، ويبدو أن الجزائر قد بدأت في جني ثمار سياسة التنويع في الشراكة، حيث جذب اهتمام العديد من القوى الاقتصادية الكبرى. 

وإذا استمرت هذه الحركية، فإن الجزائر قد تدخل في مرحلة جديدة من الاستثمارات الكبرى التي تسهم في تحقيق التنوع الصناعي والاقتصادي، بعيدًا عن الاعتماد على القطاعات التقليدية.

لكن في النهاية، يبقى التحدي الأكبر أمام الجزائر هو كيفية تحويل هذه التفاهمات والاتفاقيات إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع، حيث إنّ التحديات المتعلقة بالبيروقراطية، والبنية التحتية، والقدرة على تطبيق الإصلاحات، ستظل تحديات رئيسية يتعين التغلب عليها لضمان أن التحولات الاقتصادية هذه لن تبقى مجرد اتفاقات على الورق.

تُمثّل المنتديات الاقتصادية فرصة ذهبية لإعادة تشكيل صورة الاقتصاد الوطني، وجذب الاستثمارات من أسواق متنوعة، لكن النّجاح في تحقيق تطوّر ملموس يعتمد على قدرة الجزائر في تنفيذ مشاريعها المستقبلية بشكل فعال، وتجاوز التحديات التي قد تعترض طريقها.

الكلمات المفتاحية

الجزائر العاصمة

الاستدانة الخارجية بين الشيطنة والحاجة الاقتصادية.. أي خيار للجزائر لسد العجز؟

تَتحفظ السلطات الجزائرية منذ انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية سنة 2019 عن اللجوء إلى الاستدانة الخارجية من أجل تمويل الموازنة العامة أو المشاريع الاستراتيجية، والعامل الرئيسي الذي شَجع عدم اللجوء إلى القروض الخارجية هو ارتفاع النسبي لأسعار النفط، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على استقرار احتياطي الصرف، والذي يَصل اليوم في حدود 63 مليار دولار.


آسيان

انضمام قريب للجزائر إلى معاهدة منظمة آسيان..أي فوائد سياسية واقتصادية؟

تتجه الجزائر إلى الانضمام الرسمي قريبا إلى معاهدة الصداقة والتعاون لرابطة أمم جنوب شرق آسيا "آسيان"، بعد أن أعلن هذا التكتل الجهوي ترحيبه بالانضمام الوشيك للبلد المغاربي الباحث عن تنويع شراكاته السياسية والاقتصادية، واسترجاع العلاقات الممتازة التي كانت تجمعه بعدة دول من هذه المجموعة في مقدمتها إندونيسيا وفيتنام، والتي يجب أن تترجم في شراكة اقتصادية بحاجة لها البلاد الهادفة إلى أن تتحول…


ميناء الجزائر العاصمة (صورة: ولاية الجزائر)

خيارات عديدة لتطوير استقبال السفن.. هل الجزائر بحاجة فعلا لميناء الحمدانية العملاق؟

أصبح ملف تطوير أداء الموانئ يشكل أحد المحاور الرئيسية التي تعمل الحكومة الجزائرية على تسريعها في الفترة الأخيرة، بإصدار مجموعة من القرارات الخاصة بذلك، ومتابعة مدى تنفيذها ميدانيا بهدف رفع مساهمة المرافئ في تسريع السيرورة الاقتصادية للبلاد، وبالخصوص مع تزايد الاهتمام العالمي بهذا القطاع جرّاء التوترات الحادثة في عدة مناطق، والتي تحاول خلاله الحكومة جعل موانئها نقطة أساسيا للمبادلات التجارية ومركز…


الدفع المالي

"الكاش" ممنُوع.. هكذا تتغير قواعد اللعبة في سوق العقارات بالجزائر

بين ليلة وضحاها، تغيّرت قواعد اللعبة في سوق العقارات بالجزائر، ولم يعُد "الكاش" سيد الموقف كما كان في السابق، وتراجعت الصفقات التي كانت تُبرم خلف الأبواب المغلقة أو عبر وسطاء غير رسميين. لكن، هل انتهى فعلاً عهد البيع والشراء نقدًا في الجزائر؟

باخرة غراندي نافي فيلوتشي
أخبار

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟

دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.

السيدة
أخبار

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر

عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.


بوعلام صنصال (الصورة:فيسبوك)
أخبار

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه

يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.

حجز ذخيرة
مجتمع

تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟

تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.

الأكثر قراءة

1
أخبار

نواب يخطرون المحكمة الدستورية حول تهميش دور المعارضة البرلمانية


2
راصد

دعوة نائب لإلغاء الفلسفة من التعليم تثير استهجانا واسعا.. ومعلقون: كيف يجهل أهمية أم العلوم؟


3
أخبار

جامعة سيدي بلعباس الأولى مغاربيا في تصنيف دولي مرموق.. هل هي ثمار الإنجليزية؟


4
أخبار

التهمت هكتارات من الأراضي الفلاحية.. كيف تُواجه الحكومة "الأحواش"؟


5
ثقافة وفنون

حوار| عبد القادر عفّاق: التّقمص غير المُغازِل عنصرٌ أساسي للخَلقِ في السينما