راصد

"الحجاب لا ينبغي أن يكون موجودًا بفرنسا".. تصريح لعميد مسجد باريس يجرّ عليه هجومًا واسعًا

1 مايو 2025
حفيز.jpg
شمس الدين حفيز (صورة: فيسبوك)
فريق التحرير
فريق التحرير

أثارت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها شمس الدين حفيز، عميد مسجد باريس الكبير، جدلاً واسعاً داخل الأوساط المسلمة وحتى الغربية، بعد أن اعتبر أن "الحجاب لا ينبغي أن يكون موجوداً في فرنسا اليوم".

 حفيز دافع عن نفسه بالقول إن العبارة اجتزئت من سياقها

ووردت هذه العبارة خلال ظهور العميد في مقابلة على قناة "بي أف أم تي في"، وذلك في سياق تعليقه على دعوة وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، إلى "القضاء على الحجاب" في المجال الرياضي.

ومما جاء في تصريحاته، قوله: "لقد قلتها سابقاً، وأكررها اليوم: الحجاب لا ينبغي أن يكون موجوداً في فرنسا اليوم". مشددا على أن الإسلام دين العلم والمعرفة، وأنه لا يرى ضرورة لارتداء الفتاة المسلمة للحجاب في الفضاء المدرسي أو التربوي.

واستشهد حفيز بما وصفه الموقف التاريخي لمسجد باريس خلال سنة 2004، إبان مناقشة قانون منع الرموز الدينية الظاهرة في المدارس العمومية، قائلا: "في ذلك الوقت، أنا وسلفي دليل بوبكر صعدنا للدفاع عن فكرة أن الفتاة المسلمة يجب أن تذهب إلى المدرسة للتعلم، وليس لإبراز هويتها الدينية". وأضاف أن المدرسة مكان للتعليم، ولا ينبغي أن تتحول إلى ساحة للتعبير الديني العلني، خاصة بالنسبة للأطفال.

 

ورغم هذا الموقف الذي بدا عامًّا في معارضة الحجاب، حاول حفيز التمييز بين السياقات المختلفة لارتدائه، موضحاً أنه لا يرى أي مانع في أن تضعه امرأة بالغة بإرادتها في الجامعة أو في الشارع. وقال حول هذه النقطة: "أنا لا أوافق على تهميش أو وصم النساء اللاتي يخترن ارتداء الحجاب. إذا قررت امرأة ارتداءه في الفضاء العام أو في الجامعة، فذلك شأنها ولا يجوز محاكمتها على هذا الأساس". 

ورغم محاولة العميد التخفيف من حدّة موقفه، لاقت تصريحاته ردود فعل غاضبة وحادة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها كثيرون انسياقاً وراء الخطاب الرسمي الفرنسي المتشدد تجاه الرموز الدينية الإسلامية.

وهاجم نشطاء ومؤثرون حفيز بشدة، متهمين إياه بإعادة إنتاج خطاب الدولة في مواجهة لباس ديني يمثل شريحة واسعة من النساء المسلمات. وذهب البعض إلى حدّ اتهامه بالمساهمة في "تبييض" سياسة التمييز الممنهج ضد المسلمين، فيما تساءل آخرون عن الغاية من تمويل مؤسسة دينية لا تدافع، في نظرهم، عن حقوق من تمثلهم.

 ومن أبرز الأصوات المنتقدة، كانت شنى مساودي، التي يتابعها أكثر من 10 آلاف شخص، والتي وصفت تصريحات حفيز بأنها تكرار لخطاب اليمين المتطرف، مطالبة بوقف تمويل جامع باريس "الذي يشارك في وصم النساء المحجبات"، على حد قولها. 

والمعروف أن الجزائر تساهم بنحو 3 ملايين يورو سنويا في تمويل أنشطة مسجد باريس الكبير، بالإضافة إلى منحه في السنوات الأخيرة الحصرية في منح اعتمادات شهادات الحلال للمنتجات المصدرة نحو الجزائر.

كما دعا حساب "Vanneur"، المعروف بمواقفه الساخرة واليسارية، إلى حل المؤسسة الدينية بالكامل، بينما اتهم حساب "UA"، المعني بقضايا الجالية الجزائرية، حفيز بـ"خيانة" الجالية المسلمة، قائلاً إنه "يؤذي أمهاتنا وأخواتنا ويتسبب لهن في الأذى"، مضيفاً أن "الجامع الكبير لباريس لم يعد يمثلنا".

 وانتقد كثير من النشطاء ما وصفوه بتقارب خطير بين الخطاب الديني الرسمي في فرنسا ومواقف السلطة السياسية، معتبرين أن تصريحات حفيز تؤكد ارتهان بعض القيادات الدينية للمؤسسات الحكومية على حساب الدفاع عن الحريات الدينية للمسلمين. 

وبينما رأى البعض أن دعوته لعدم ممارسة التمييز ضد المحجبات تستحق التقدير، فإن الغالبية اعتبرت أن نفيه لأحقية وجود الحجاب في الفضاء الفرنسي لا ينسجم مع واقع الحريات الفردية ولا مع الدور التمثيلي الذي يُفترض أن يؤديه عميد مسجد باريس في حماية حقوق المسلمين.

واختارت الصفحة الرسمية لمسجد باريس، من جهتها، الصمت إزاء هذا الجدل في الساعات الأولى، مع التركيز على تصريحات حفيز المتعلقة بمقتل شاب مسلم في مسجد بمنطقة لوغار، منها قوله أن "الخطابات الإسلاموفوبية غير الخجولة التي تروّج لها بعض وسائل الإعلام والسياسيين هي التي تزرع الكراهية". 

حفيز يضطر للتوضيح

وبعد يومين من انتشار تصريحاته وتداولها على نطاق واسع، نشر عميد مسجد باريس،  توضيحاً على حسابه الخاص على فيسبوك، مشيرا إلى أن عبارته "أُخرجت من سياقها" لأغراض الجدل والتهييج الإعلامي.

وقال حفيز في منشوره: "عبارة مقتطعة من سياقها تم تداولها مؤخراً، ما أثار سوء فهم وتحريفاً متعمداً. هذا هو الخطر، للأسف، حين تُستبدل الدقة بالاقتباسات المعزولة، والتعقيد بالمزايدات المثيرة للجدل". 

ولمزيد من التوضيح، أحال عميد مسجد باريس متابعيه إلى حواره مع موقع "كل شيء عن الجزائر" (TSA)، حيث قال إنه يدرك تماماً أن جملته حول الحجاب قد تكون صدمت البعض، لكنه شدد على أن المقصود لم يكن التحريض أو التحقير.

 

وقال في تصريحه لـ"TSA": "أفهم أن كلامي – وخاصة هذه العبارة التي أُخرجت من سياقها: (الحجاب لا ينبغي أن يكون موجوداً في فرنسا اليوم) – قد جُوبه بانتقادات وطرح تساؤلات كثيرة. لكن من واجبي التذكير بأن هذا القول يندرج في إطار تقليد من الحوار والمبادئ، يقوم على قناعة أن المدرسة يجب أن تبقى مساحة للتحرر، حيث لا يُفرض على أحد هوية أو لباس معين، ولا يجب أن يُجبر على ارتدائه، ولا يُدان من يختاره".

وأضاف: "قلت أيضاً، وبنفس الصراحة: ابتداءً من اللحظة التي تختار فيها امرأة وضع الحجاب بإرادتها في مكان عام كجامعة مثلاً، لا أرى في ذلك أي مشكلة. ولست في موقع يسمح لي بالحكم عليها". 

 

وتأسف حفيز لكون هذه العبارات الواضحة تم التعتيم عليها في خضم الضجيج الإعلامي والنقاشات الحامية، داعياً إلى استعادة حسّ التوازن والابتعاد عن التوظيف السياسي لموضوع الحجاب، سواء من طرف دعاة التشدد العلماني أو من قبل من يسعون لاستغلاله في خطاب الهوية والانغلاق.

وأردف يقول: "أكرر بكل وضوح: عندما أدعو إلى احترام القانون، حتى إن تعارض أحياناً مع قناعات معينة، فإنما أفعل ذلك لأن هذا القانون يضمن أن تتمكن بناتنا من الذهاب إلى المدرسة وهنّ حرات، محميات، ومتعلمات. ولكن في المقابل، أندد بأشد العبارات بكل محاولات التهميش أو الإقصاء التي تتعرض لها النساء المسلمات في الفضاء العام، تحت ذريعة ارتدائهن للحجاب".

وخلص حفيز إلى أن معركته هي من أجل الحرية – "كل الحرية" – وهي معركة لا تحتمل التوظيفات الأيديولوجية ولا الخلط المتعمد بين الدفاع عن المبادئ والوقوع في استهداف فئة بعينها، وفق ما قال.

الكلمات المفتاحية

بكالوريا

دعوة نائب لإلغاء الفلسفة من التعليم تثير استهجانا واسعا.. ومعلقون: كيف يجهل أهمية أم العلوم؟

أثار النائب البرلماني رشيد شرشار، عن حركة البناء الوطني، جدلاً واسعاً بعد دعوته إلى إلغاء مادة الفلسفة من امتحانات شهادة البكالوريا، في منشور على صفحته الرسمية على فيسبوك كتب فيه: "سوف أطالب بإلغاء مادة الفلسفة في البكالوريا... ما رأيكم؟ وماذا استفدنا منها كمادة؟".


ليا سلامي

الإفراج عن صنصال مقابل إعادة الجماجم.. "سقطة" مذيعة فرنسية شهيرة تحيي جرحا غائرا في الذاكرة الجزائرية

أعادت المذيعة الفرنسية الشهيرة ذات الأصول اللبنانية ليا سلامي، من حيث لا تريد، طرح قضية جماجم المقاومين الجزائريين المحتجزة في متحف الإنسان بباريس، بعد الطريقة التي حاورت بها مؤرخا متخصصا في الجرائم الاستعمارية خلال القرن التاسع عشر.


تنظيف المقابر

المقابر وشبح الشعوذة.. هل هي ثورة وهمية ضدّ الخُرافات في الجزائر؟

عادت قصص الشعوذة والسحر إلى الواجهة، كأنّ رماد الجن ّوالشياطين يُعاد إيقاده من جديد. بين الطقوس القديمة، وحملات تنظيف المقابر، والبرامج التلفزيونية التي تستضيف الرقاة، تتصاعد موجة من الغموض والخرافة، فتختلط الحقيقة بالأسطورة.


الروائي الجزائري رشيد بوجدرة

"زُناة التاريخ" لرشيد بوجدرة.. جدل الطبعة المنقّحة وإشكالية تناول الإعلام

أثار صدور الطبعة المنقّحة من كتاب "زناة التاريخ" للروائي رشيد بوجدرة جدلًا واسعًا في الوسطين الثقافي والإعلامي. ليس فقط بسبب محتوى الكتاب، بل للطريقة التي روّجت بها بعض وسائل الإعلام للعمل، حيث قدمته كأنه إصدار جديد تمامًا، رغم أن طبعته الأولى تعود إلى سنة 2017.



العلاقات الجزائرية الإيرانية
سياسة

العلاقات الجزائرية الإيرانية .. شراكة في مرآة الجغرافيا والسياسة

مرّت العلاقات الجزائرية الإيرانية بمحطات متباينة، شملت فترات من التقارب والتعاون، وأخرى اتسمت بالتوتر والفُتور، وصلت أحيانًا إلى حدّ القطيعة.

باخرة غراندي نافي فيلوتشي
أخبار

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟

دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.


السيدة
أخبار

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر

عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.

بوعلام صنصال (الصورة:فيسبوك)
أخبار

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه

يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.

الأكثر قراءة

1
أخبار

نواب يخطرون المحكمة الدستورية حول تهميش دور المعارضة البرلمانية


2
راصد

دعوة نائب لإلغاء الفلسفة من التعليم تثير استهجانا واسعا.. ومعلقون: كيف يجهل أهمية أم العلوم؟


3
أخبار

جامعة سيدي بلعباس الأولى مغاربيا في تصنيف دولي مرموق.. هل هي ثمار الإنجليزية؟


4
أخبار

التهمت هكتارات من الأراضي الفلاحية.. كيف تُواجه الحكومة "الأحواش"؟


5
ثقافة وفنون

حوار| عبد القادر عفّاق: التّقمص غير المُغازِل عنصرٌ أساسي للخَلقِ في السينما