25-أكتوبر-2019

المجلس الشعبي الوطني الجزائري (السلام أونلاين)

يبدو أن مسلسل رفع الحصانة عن نوّاب البرلمان، وأعضاء المجلس الأمّة، لم تنته حلقاته بعد؛ فقد اجتمعت يوم الخميس 17 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، لجنة الشؤون القانونية والإدارية لمجلس الأمّة، لدراسة طلب وزير العدل، بتفعيل إجراءات رفع الحصانة البرلمانية، عن عضوي المجلس علي طالبي وأحمد أوزاغي، وذكرت حسب مصادر إعلامية، أنّ شخصيات أخرى من غرفتي البرلمان ومجلس الأمّة، بانتظار إجراءات رفع الحصانة النيابية عنهم.

تحدّثت الصحافة الجزائرية في كثير من المناسبات عن صفقات بيع وشراء وتلاعب بقوائم الانتخابات النيابية

الإفلات من القانون

في هذا السياق، يقول فيصل بوصيدة، المختصّ في القانون الدستوري، في اتصال مع "الترا جزائر"، إن الحصانة البرلمانية، تعدّ نوعًا من أنواع الحماية القانونية والسياسية، يفرضها الدستور لأعضاء مجلس النوّاب، قصد تمكين النائب من أداء مهامه الوظيفية بحرّية تامّة، "بعيدًا عن المضايقات وضغوطات السلطة التنفيذية أو من أيّ جهة أو هيئة أو أفراد".

اقرأ/ي أيضًا: رفع الحصانة عن بهاء الدين طليبة.. سجن "الحرّاش" يُسقط الشائعات

وأوضح بوصيدة، أنّ النصوص القانونية والدستورية، تنصّ أن النائب خارج النشاط المصادق عليه في القانون العضوي، مقيّد بقيد إجرائي، ويكون مسؤولًا عن أفعاله أمام القضاء والقانون؛ فالنيابة لا يُمكن أن تكون غطاءً ضدّ العقوبة التي يفرضها القانون على الجميع، وعلى قدم المساواة.

المال السياسي والفساد

في ذات السياق، يرى كثير من متابعي الشأن السياسي، أن فترة حكم الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، شهدت بروز طبقة سياسية جديدة، لها امتدادات وعلاقات بعالم المال والأعمال، وكان بوتفليقة يسعى إلى توسيع الولاءات السياسية ودعم رجال الأعمال، بينما سعى آخرون إلى البحث عن الغطاء السياسي والقانوني، لنشاط الأعمال التجارية الريعية، و"الزبائنية"، وكان البرلمان ومجلس الأمّة هدف بعض رجال الأعمال والمال للحصول على الحصانة البرلمانية والإفلات من العقاب.

من جهتها، تحدّثت الصحافة الجزائرية في كثير من المناسبات، عن صفقات بيع وشراء وتلاعب بقوائم الانتخابات النيابية، وتعيينات مشبوهة في مجلس الأمّة مقابل أموال باهظة، ولطالما تبادل رؤساء أحزاب الموالاة بشكلٍ علني، التهم بـ"البزنسة" بالمقاعد النيابية.

تجدر الإشارة أن النائب بهاء الدين طليبة، الموجود رهن الحبس الاحتياطي، أورد بيانًا، قُبيل رفع الحصانة النيابية عنه، جاء فيه أن نجلي الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، طلبا منه دفع مبلغ بـ7 مليار سنيتم، مقابل إدراج اسمه على رأس قائمة الانتخابات النيابية بولاية عنابة شرقي البلاد.

نوّاب يعتدون على الأصول

في هذا السياق، أكّد النائب البرلماني عن جبهة للعدالة والتنمية، لخضر بن خلّاف، أن الحصانة البرلمانية أصبحت "حصان طروادة" لقضايا الفساد والاعتداء على القانون، دون أن يترتّب على ذلك تبعات قانونية، مؤكّدًا في حديث إلى "التر جزائر"، أنّ طلبات رفع الحصانة عن بعض النواب، كانت تصل إلى إدارة المجلس عن طريق وزارة العدل، ولكن دون تفعيلٍ أو متابعةٍ، كون بعض النوّاب كانوا يتمتّعون بنفوذ سياسي، وحماية من المحيط الرئاسي. مضيفًا أنّ أن بعض الشكاوى، تضمّنت حتّى اعتداءات على الأصول من طرف بعض ممثلي الشعب.

وبخصوص موقف حزب جبهة للعدالة والتنمية تجاه الحصانة البرلمانية، أكّد نائب مدينة قسنطينة شرقي البلاد، ضرورة توفير حماية قانونية للنائب، قصد ممارسة صلاحياته السياسية دون خوف من السلطة التشريعية، لكنه استطرد قائلا: "إن حزب العدالة والتنمية، ناضل من أجل تقييد الحصانة البرلمانية ضمن القانون العضوي، وتحديد إطاره في العمل النيابي فقط، ولا تسوغ الحصانة التعدّي على القانون، والحماية الشخصية من المتابعات القضائية، في قضايا الفساد والرشوة".

ودعا بن خلاف، المحسوب على التيّار الإسلامي، إلى تفعيل رفع الحصانة بأثر رجعي، في حقّ كثير من النواب، اعتدوا على مواطنين بالسلاح، وتعسّفوا في استخدام السلطة للتعدّي على ممتلكات الغير.

إفلات من العقاب

 يُبرز نذير لخضاري، المحامي والناشط الحقوقي، في حديثه إلى "الترا جزائر"، أن الحصانة البرلمانية هي امتياز منحه الدستور، على غرار كلّ دساتير العالم لممثلي الشعب، إلّا أن هذه الحصانة في القراءة القانونية، ولا سيما المواد 126-127من الدستور، تمنح الحصانة في الأعمال التي يقوم بها ممثل الشعب، لإسماع صوت من يمثله، أمّا في ما يخصّ الجنح والجنايات التي يرتكبها هذا الأخير، فالقانون لا يمنح له الحصانة المُطلقة، موضّحًا "أن الامتياز الوحيد هو لإرجاء محاكمته كأيّ مواطن عادي فيما بعد؛ فكلّ القوانين تنصّ على أنه يمتثل للمتابعة القضائية مباشرة بعد رفع الحصانة عنه، أو التخلّي عنها طواعية، واستغرب المحامي، فكرة أنّ الحصانة أصبحت وسيلة للإفلات من العقاب، وهذا بتدخّل من رجال السياسة، على حدّ تعبيره.

نذير لخضاري: أصبحت الكتل السياسية، ترفض بكل جرأة رفع الحصانة عن نوّاب ارتكبوا عدّة جنح وجرائم 

 وأردف المتحدّث قائلًا: "أصبحت الكتل السياسية، ترفض بكل جرأة رفع الحصانة عن نوّاب ارتكبوا عدّة جنح وجرائم، ومن هنا استغلّت هذا المبدأ العالمي، الذي من المفروض أن يُعطي حرّية أكبر لممثل الشعب في مواجهة السلطة، إلا أن استغلالها السياسي جعل منها وسيلة للإفلات من العقاب".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

من أجل البرلمان.. "حرب الكراسي" تندلع في الجزائر

المال السياسي بعبع الانتخابات البرلمانية الجزائرية