08-يوليو-2021

قصر الحكومة الجزائرية (Getty)

لم تَحمل الحكومة الجديدة بقيادة أيمن بن عبد الرحمان مفاجآت كثيرة، وهذا نظرًا للطابع التقني والشكلي الذي كان متوقعًا من الفريق الحكومي الجديد، إذا ما استنينا عودة وزير الخارجية الأسبق رمطان لعمامرة، الذي كُلف من جديد بحقيبة الخارجية والجالية الجزائرية، ومغادرة صبري بوقادوم مقرّ "هضبة العناصر"، إضافة إلى تعيين عبد الرشيد طبي وزيرًا للعدل خلفًا لبلقاسم زغماتي الذي طُرح بقاؤه في الحكومة بقوّة.

حافظ إعلان الطاقم الحكومي الجديد على من يوصفون برجال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون

لا أثر سياسي

في السياق ذاته، لم تحمل الحكومة الجديدة أيّ لون سياسي يمكن استنتاجه، أو الوقف عليه، إذ لم تحصل الأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة على حقائب سيادية أو مناصب محورية لها تأثير مباشرة على الساحة السياسية أو الاجتماعية.

اقرأ/ي أيضًا: الإطاحة بزغماتي وبوقادوم وحقائب وزارية قليلة للأحزاب

هنا، يرى مراقبون أن الأمر كان متوقعًا، إذا يعكس صراحة ذهنية النظام السياسي، غير القادر على تغيير نمط الحكم، أو على الأقل احترام القواعد الدستورية في تشكيل الحكومة بناءً على ما تفرزه الانتخابات البرلمانية.

في هذا الصدد، قال نور الدين بكيس، أستاذ العلوم الاجتماعية، بعد اعلان عن هوية الوزير الأول وطاقم الحكومة يتأكد أن النظام لا يريد التغيير، مضيفًا "أن النظام يخوض حربًا نفسية ضد فئات واسعة من المجتمع ليثنيها عن التغيير".

رجال الرئيس  

حافظ إعلان الطاقم الحكومي الجديد، على من يوصفون برجال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على غرار وزير الداخلية كمال بلجود، ووزير الطاقة محمد عرقاب، والأشغال العمومية كمال ناصري، إضافة إلى وزير السكن والعمران والمدينة محمد طارق بلعريبي. هنا، يُطرح السؤال حول مدى انسجام الفريق الحكومي مع رؤية الوزير الأوّل، وقدرته على فرض أجندة عمل وزارية مشتركة بعيدًا عن حكومة الظل بقيادة الفريق الرئاسي.

مخاوف أيمن عبد الرحمان تجلت أيضًا في احتفاظه بوزارة المالية، وهي سابقة في تاريخ الحكومات التي أعقبت على إدارة الشأن البلاد، حيث يبدو أن الوزير الأوّل يريد التحكم في الملفات ذات الأولية المرتبة بالجانب المالي والاقتصادي.

يُشار أيضًا، إلى أنّ لمسة الوزير الأوّل في الطاقم الحكومي الجديد، كانت بارزة في اختياره لوزير الصناعة أحمد زغدار الذي تربطه به ثقة متبادلة، باعتباره أشرف على اللجنة المالية للبرلمان السابق، والتي تعاملت بشكلٍ مباشر مع وزير المالية آنذاك.

في مقابل ذلك، صنع بقاء وزير التجارة كمال رزيق في مصبه على رأس قطاع التجارة الاستثناء، رغم تميّز فترته بهزات اقتصادية واضحة، مسّت ارتفاع أسعار المواد الأساسية وندرتها، ويَعكس الإبقاء على وزير التجارة، حرص بن عبد الرحمان على المزيد من التضييق على قطاع الاستيراد والتجارة الخارجية والجباية الجمركية، خاصّة وأن الرجل عُرف بخطاباته الاقتصادية الشعبوية ذات الطابع الوطني. 

رحيل بوقادوم وعودة لعمامرة

وفي أهمّ حركة تتغيير عرفتها الحكومة الجزائرية، شكّل رحيل صبري بوقدوم من وزارة الخارجية مفاجأة لدى كثير من متتبعين، حيث خلّف إبعادُه تأويلات وتخمينات كثيرة ذهبت إلى أن الرجل قريب من المحور الإماراتي، في وقت بدأت روابط التفكّك بين الجزائر والإمارات تتضح أكثر، خاصة بعد خلافها مع منظمة "أوبك+" حول اقتراح تمديد تسقيف الإنتاج البترولي، الذي تفضله وتدعو إليه الجزائر، في مقابل ذلك تذهب قراءات أخرى إلى أن بوقدوم مرشّح لتكليفه بمهام الوساطة والدبلوماسية.

من جانبه، تطرح عودة رمطان لعمامرة لتولي حقيبة وزارة الخارجية جملة من الأسئلة السياسية، نظرًا لارتباطه بمرحلة حكم بوتفليقة، وتولّيه منصب نائبٍ لرئيس الوزراء نور الدين بدوي، في أعقاب موجة الاحتجاجات التي هزت الشارع الجزائري.

لكن بعض المراقبين يرون أن كفاءة الرجل في إدارة الملفات الإقليمية ومعرفته بالملف الليبي ونشاطه في الاتحاد الأفريقي واختياره من بين الشخصيات الدبلوماسية من طرح هيئة الأمم المتحدة، جعلته يعود إلى منصبه على رأس الدبلوماسية الجزائرية.

في القطاع التربوي، يبدو أن اختيار عبد الحكيم بلعابد على رأس وزارة التربية الوطنية تقنيًا، جاء ليُبعد المدرسة عن التجاذبات الأيدولوجية التي انهكتها؛ فالوزير الجديد القديم  ذو تكوين علمي وتقني، فهو مهندس في الإعلام الآلي ومتحصّل على دكتوراه في الرياضيات.

تبقى مشاركة الأحزاب السياسية في الحكومة رمزية رغم أهميّة بعض القطاعات الوزارية

وعلى العموم تبقى مشاركة الأحزاب السياسية في الحكومة مشاركة رمزية، رغم أهميّة بعض القطاعات الوزارية، غير أنّها لن تكون ذات دلالة سياسية، الأمر الذي حَمل عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، ليقول "نريد أن نشارك في الحكم وليس في الحكومة". 

 

اقرأ/ي أيضًا:

 

بالأسماء.. هذه هي تشكيلة الحكومة الجديدة

صورة "الجزائر الجديدة".. هل تكفي الإقالات المتوالية للمسؤولين؟