03-يناير-2020

محمد السعيد بلعيد، مليكة بن دودة, يوسف سحيري, عبد العزيز جراد (تركيب/الترا جزائر)

تقنية التحكيم بالفيديو التي تعرف بالـ "var"، والتي لا تُستعمل في ملاعب كرة القدم الجزائرية، يبدو أنّها أصبحت تُستخدم في السياسة، وأصبحت من خلالها العودة إلى تصريحات سابقة لأيّ شخصٍ سهلًا، ومع الإعلان عن الحكومة الجزائرية الجديدة أصبح الـ "var" هو الكابوس الذي يؤرّق بعض الأسماء.

أثار وزير الصناعة الجديد فرحات آيت علي، ضجّة على مواقع التواصل فور إعلان اسمه ضمن تشكيلة الحكومة

عبد العزيز جرّاد الذي لم يكن معروفًا لدى عموم الجزائريين قبل إعلان اسمه وزيرًا أوّل، سرعان ما تحوّل إلى "نجم"، عندما قيل إنه خضع لتقنية الـ "var"، من خلال التصريحات والكتابات المنسوبة إليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

اقرأ/ي أيضًا: حكومة تكنوقراط.. أبطال في الرياضة والسينما ووزراء من عهد بوتفليقة؟

وفي الوقت الذي خاب فيه أمل كثيرين واكتفوا بقراءة بعض تصريحاته الصحافية القليلة، راح البعض يرّوج لفكرة أنه كان يمتلك حسابا في تويتر، وسرعان ما قام بحذفه فور الإعلان عن ترؤسه للحكومة الجزائرية.

معارضون حتّى يتوزّرون

ولأنّ الحساب المفترض للوزير جرّاد غير موجود حاليًا، فقد تفنّن كثيرون في نسب تصريحات إليه. لا أحد متأكّد من صدقيتها؛ كثيرٌ منها يبدو فيها معارضًا راديكاليًا للنظام الذي همّشه سنين عديدة، بعد أن تقلّد مسؤوليات كبيرة في الدولة، منها الأمانة العامّة لوزارة الخارجية والأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، في عهد الرئيس الأسبق اليامين زروال.

ومثلما درجت عليه العادة في الحكومات الجزائرية المتعاقبة، لم ينف جرّاد صحّة الحساب المنسوب إليه، رغم أن بعض المقرّبين منه قالوا إن الحساب المفترض الذي أثار تلك الضجّة كان "مفبركا".

لم يتوقّف الجدل مع تقنية الـ "var"، التي استخدمها البعض ضدّ عبد العزيز جرّاد، حتى كشف كثير منهم "وجوهًا أخرى" لمختلف الوزراء الذين أعلن عن أسمائهم محمد السعيد بلعيد الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، وقال بعض المعلّقين إن سبب التأخّر في إعلان الحكومة، يعود إلى أن رئيس الجمهورية والوزير الأوّل نفسهما استعملا هذه التقنية في الكشف عن "الماضي الاجتماعي" لبعض الأسماء المقترحة.

وفور الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة، امتلأت شبكات التواصل الاجتماعي، بصور مقتبسة من منشورات سابقة منسوبة لوزراء جدد، بعضهم كان معارضًا راديكاليًا للسلطة قبل أيّام فقط، ومعارضًا للعملية الانتخابية ومدافعًا شرسًا عن "الحراك الشعبي" الرافض للرئاسيات التي توجّت بهذه الحكومة، مما أثار سخط الداعين للانتخابات الذين عبّروا عن خيبة أملهم الكبيرة.

نالت المنشورات السابقة المنسوبة للممثل المسرحي والتلفزيوني الشاب يوسف سحيري، الذي أصبح كاتبًا للدولة مكلّفًا بالصناعة السينماتوغرافية، اهتمامًا واسعًا من قبل روّاد شبكات التواصل الاجتماعي الذين تناولوها بالتعليق.

تبون رئيسك أم لا؟

ونقل الكاتب والسيناريست عيسى شريط، صورًا لمنشورات سابقة منسوبة لسحيري يقول في إحداها "متأكّد أن انتخابات 12 كانون الأوّل/ديسمبر لن تكون، لأنّه إذا فعلًا تمت سأكون أوّل من يحرق في قارب وليس بالطائرة".

 وجاء في منشور آخر منسوب ليوسف سحيري، قبل الانتخابات الأخيرة "تبون ليس رئيسي ونسيت حتى الأربعة الآخرين".

وعلّق عيسى شريط، على المنشورات السابقة المنسوبة ليوسف سحيري قائلًا بلهجة جزائرية: "وضرك.. كي داروك وزير منتدب مكلّف بالسينما.. رئيسك ولا لالا؟.. تحرق ولا ما تحقرش؟".

ولم تسلم المنشورات السابقة المنسوبة لوزيرة الثقافة الجديدة مليكة بن دودة من تقنية الـ var، لكثير من رواد شبكات التواصل الاجتماعي، ونقل البرلماني السابق عدّة فلاحي لصورًا لما قال إنّها منشورات سابقة لبن دودة جاء فيها "سياسة تكميم الأفواه، وتعتيم الإعلام، وتخويف الأحرار تُضعف الانتخابات وتقوّي الحراك".

ونقل فلاحي صورًا أخرى منسوبة لبن دودة تقول فيها "الحديث عن استدعاء الهيئة الناخبة انطلاقًا من ثكنة.. تقييمٌ واضحٌ للجنة الوساطة والحوار لمن اعتقد أنّها شيء فاعل في حلّ الأزمة"، وأخرى تقول فيها "القائد صالح يتصرّف كفرعون، لا مجال إلا الحوار مع الحراك أيها الفريق".

وتعليقًا على مجمل تلك التصريحات السابقة المنسوبة للوزيرة الجديدة كتب عدّة فلاحي يقول: "لا تستهينوا بالدودة فبعد التحاقها بوزارة الثقافة ستتحول إلى حنش".

لعبة السياسة

وبدوره أثار وزير الصناعة الجديد، الخبير الاقتصادي المعروف فرحات آيت علي، ضجّة فور إعلان اسمه ضمن تشكيلة الحكومة، وهو الذي كان مديرًا سابقًا للحملة الانتخابية للواء علي غديري المحبوس حاليًا، وأصبح بعد ذلك من أشدّ المعارضين للسلطة وللعملية الانتخابية.

وبطريقتها الخاصّة، هنّأت الصحافية حدّة حزام آيت علي قائلة: "فرحات آيت علي، أنت كفاءة، سعيدة بتعيينك، ولن أتهجّم عليك لأنك قبلت الوزارة، مثلما تهجّمت عليّ لأنّي شاركت في الحوار".

ومع الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة، عاد اسم أستاذ الاقتصاد فارس مسدور إلى التداول، وهو الذي فشل في جمع التوقعيات من أجل الترشّح للرئاسة. لا يعود سبب عودته إلى أنه أصبح وزيرًا في الحكومة الجديدة؛ وإنما بسبب إسناد حقيبة وزارة التجارة إلى خصمه اللدود كمال رزيق، الذي كان قد اتهمه بالسرقة العلمية.

واستعاد ناشطون مقالًا نُشر عام 2013، يصرّح فيه فارس مسدور أن زميله في جامعة البليدة كمال رزيق، يكون قد سرق أطروحة دكتوراه ونسبها إلى نفسه، وأنّه "لا يمتلك شهادة البكالوريا، ولم يدرس مرحلة ليسانس، وإنّما لجأ إلى التزوير والتدليس من أجل التسجيل في الماجستير، وأن مجمل بحوثه المنشورة مسروقة من هنا وهناك".

ما تزال تقنية الـ "var" المستوحاة من لعبة كرة القدم، تُثير الجدل في المشهد السياسي الجزائري

وأمام تلك الاتهامات الخطيرة التي مرّت في السابق مرور الكرام، يتساءل ناشطون إن كانت حقيقية أم لا؟، وكيف لم يحقّق فيها، وما مصير الوزير ومصداقية الحكومة إن كانت صحيحة؟ وما تزال تقنية الـ "var" المستوحاة من لعبة كرة القدم، تُثير الجدل في "لعبة السياسة" في الجزائر، في زمن كشفت فيه التكنولوجيا كلّ شيء.   

اقرأ/ي أيضًا:

حكومة بدوي تسلم "مفاتيح" صلاحياتها لسلطة الانتخابات

سقوط آخر الباءات.. الوزير الأوّل نور الدين بدوي يستقيل