28-ديسمبر-2024
وزير المالية لعزيز فايد

وزير المالية لعزيز الفايد خلال عرض مشروع قانون المالية 2025 (صورة: أرشيف)

 تسعى السلطات للخروج من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي "غافي" وتحقيق مكافأة المجموعة الدولية بحلول 2025، حيث تمّ إقرار إصلاحات تشريعية وقرارات إضافية لتحقيق هذا الهدف، مثلما أعلن وزير المالية لعزيز فايد، خلال اجتماع للجنة الحكومية للوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

إصدار قوانين وإطارات تنظيمية لمكافحة الجرائم المالية ووضع استراتيجيات لمكافحة الفساد 

في اجتماع مجموعة العمل الدولية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لم تتمكّن الجزائر من تجاوز امتحان مجموعة العمل المالي، مما أدّى إلى إدراجها على القائمة الرمادية.

جهود للخروج من القائمة

ورغم إصدار قوانين وإطارات تنظيمية لمكافحة الجرائم المالية، بما في ذلك استراتيجيات لمكافحة الفساد وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وملاحقة العديد من المسؤولين في قضايا فساد، إلاّ أنّ الجزائر أخفقت في الخروج من هذه القائمة.

وتشمُل القائمة الرمادية البلدان للدول التي تخضع تعاملاتها المالية لمزيد من المراقبة وتعاني من أوجه قصور في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ولكنها تعمل على تحسين أوضاعها بالتعاون مع المجموعة.

ويترتّب على الإدراج في القائمة تبعات سلبية على اقتصاد الدولة وتداعيات على مواطنيها، إذ قد تؤدي إلى تردّد المؤسسات المالية في التعامل مع دول القائمة الرمادية بسبب زيادة مخاطر الامتثال؛ ممّا قد يؤدي إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي والتجارة الخارجية.

بالإضافة إلى ذلك فإنّ وجود دولة في القائمة الرمادية يمكن أن يؤدي أيضاً إلى زيادة التدقيق من قبل المنظمات الدولية وعقوبات محتملة.

وجرت إضافة الجزائر مع لبنان وأنغولا وكوت ديفوار ليرتفع بذلك عدد الدول المتضمنة في هذه القائمة إلى 24 دولة.

بورصة الجزائر

تقدّم مكافحة الفساد

وفي تقريرها الخاص بالجزائر اعترفت مجموعة العمل المالي بالجهود التي بذلتها السلطات الجزائرية.

وقامت بتقليص عدد هذه الإجراءات الموصى بها من 74 إلى 13 إجراءً فقط مما يدلّ على إرادتها الشديدة في مواءمة المنظومة الوطنية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب مع أفضل الممارسات وفق ما ذكرته وزارة المالية، وذلك في تعليق أوردته وكالة الأنباء الرسمية بعد ثلاثة أيام من قرار اللجنة.

تطوير نظام فعال فيما يتعلق بالمعلومات الأساسية والمستفيدين الفعليين وتحسين نظامها للإبلاغ عن المعاملات المشبوهة

والتزم الجانب الجزائري بمواصلة العمل بالتنسيق مع الهيئات التقنية لمجموعة العمل المالي لتنفيذ خطة عملها بتحسين الرقابة التي تقوم على المخاطر خاصة بالنّسبة للقطاعات ذات المخاطر العالية لا سيما من خلال اعتماد تدابير جديدة وعمليات تقييم جديدة للمخاطر وأدلة مراقبة جديدة وخطوط توجيهية.

وعلاوة على ذلك، القيام بإجراء عمليات التفتيش وتطبيق عقوبات فعالة ومتناسبة ورادعة وتطوير نظام فعال فيما يتعلق بالمعلومات الأساسية والمستفيدين الفعليين وتحسين نظامها للإبلاغ عن المعاملات المشبوهة.

وبالإضافة إلى ما سبق، تمّ وضع إطار قانوني ومؤسساتي فعال في مجال العقوبات المالية التي تستهدف تمويل الإرهاب وتطبيق تصور قائم على المخاطر لمراقبة المنظمات غير الربحية دون تعطيل أو ردع الأنشطة المشروعة بشكل غير مبرر.

تدارك التأخير التشريعي

وعلى غير  العادة، تعاملت السلطات بهدوء لافت وإذعان مع توصيات فريق العمل، ولم تحاول إنكار هذا الإخفاق المرحلي ولم تنجر وراء خطاب العدو الخارجي والمؤامرة المكلف، فلم يتمّ إبداء أيّ تحفظ علني على هذا التصنيف ما دام صدر عن مؤسسة دولية معترف بها.

ولإظهار تفاعلها مع القرارات نشرت السلطات نتائج الاجتماع والتصنيف والتوصيات، في وسائل الإعلام العمومية، على عكس تقارير دولية سلبية أخرى في حق الدولة الجزائرية وإعلان عزم الدولة على تدارك تأخر التشريعات الجزائرية مقارنة بقواعد مجموعة العمل الدولي على أمل الخروج من هذه الدائرة.

اجتماع بوزارة المالية لتقييم مخاطر تبييض الأموال

إصلاحات جديدة

وتجهّز  القطاعات الوزارية سلسلة جديدة من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية للتكيّف مع التشريعات الدولية ذات الصلة والوفاء بالتزاماتها تجاه مجموعة العمل الدولية وتشمل قائمة التشريعات الجاري تجهيزها تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الذي جرى تعديله في 2023، والقانون المتعلق بالتجارة الإلكترونية وقانون الأوقاف  يهدف إلى تقييد جمع التبرعات زيادة عن القيود  السابقة، وزيادة عن إصدار مجموعة من المراسيم المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والصفقات العمومية  ومكافحة السوق الموازية للعملة الصعبة.

كما تشمل الإجراءات تعزيز قدرات خلية معالجة الاستعلام المالي المشرفة على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتعزيز أدوارها الرقابية وخصوصا على مستوى المؤسسات المصرفية والبنكية في البلاد.

وتتشكّل خلية الاستعلام المالي من 52 عضواً وهو عدد يحدّ من قدرة الهيئة على القيام بأدوارها وخصوص مراقبة العملية المالية المشبوهة للبنوك المصارف الجزائرية المملوكة للدولة أو التابعة للقطاع الخاص.

وتُضاف هذه العمليات إلى ما تمّ انجازه سابقاً من تعديلات وتغييرات ضمّت وفق ما جاء في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب 2024-2026، إدراج أحكام جديدة في قانون المالية لسنة 2025، باعتماد مفهوم الغش الضريبي الجسيم في قانون الضرائب مع تحديد العناصر والعوامل التي تميزه عن الغش الضريبي العادي.

وبالإضافة إلى ما سبق، زيادة الغرامات والمتابعات القضائية التي سيتم تطبيقها بموجب هذه التدابير، إذ سيتم الاعتراف بهذه الحالات على أنّها حالات تبييض أموال وتقديمها إلى السلطات القضائية المختصة حتى تتمكن من فتح تحقيقات مالية موازية تصنفها حالات تبييض أموال واتخاذ الإجراءات اللازمة لمقاضاتها.

 وزيادة عن ذلك؛ اعتماد نص يُجرِّم ارتكاب جريمة البيع غير المشروع للممتلكات المسروقة، واعتماد نظام قانوني لدعم الأصول الافتراضية وأنشطة مقدمي خدمات الأصول الافتراضية أي العملات الرقمية.

التصويت على قانون المالية لعام 2025

تعزيز مكافحة تبييض الأموال

كما اتخذت الجزائر إجراءات لتعزيز مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، تضمّنت إصدار نظام بنك الجزائر المتعلق بتطبيق متطلبات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من قبل المؤسسات المالية، لا سيما فيما يتعلق باليقظة تجاه الزبائن والمقاربة على أساس المخاطر، حيث يتوجب على البنوك ومؤسسة بريد الجزائر، بتحديد والتحقق من هوية العميل، قبل إقامة علاقة تجارية أو تنفيذ عملية، والتثبت من عنوانه (أو ممثله القانوني) وأي مستفيد فعلي، وكذلك الغرض والطبيعة المتوقعة للعلاقة التجارية أو العملية العرضية.

 ويتوجّب أن يكون لديهم "معرفة تامة وعميقة" بالعملاء، سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين. وبالنسبة للمعاملات مع الدول التي تمثل "خطرا عاليا" لتبييض الأموال"، فإن الجزائر لا تحظرها، لكنّها تطلب من بنوكها ومؤسساتها المالية ومؤسسة بريد الجزائر، تطبيق "تدابير اليقظة المعززة"، بما يتناسب مع المخاطر، في علاقاتها التجارية وعملياتها مع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين من هذه الدول، التي يدعو "فريق العمل المالي" التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إلى التعامل معها بحذر أو يُنصح بتفادي التعامل معها.