مجتمع

الدكتور شلال حمودي: غياب التحاليل الجينية المُنتظمة يُعيق تتبّع متحوّرات كورونا في الجزائر

19 يونيو 2025
الدكتور شلال حمودي، طبيب مختص في الأمراض الصدرية والتنفسية بالجزائر
الدكتور شلال حمودي، طبيب مختص في الأمراض الصدرية والتنفسية بالجزائر (الترا جزائر)
دليلة بلغربي
دليلة بلغربيكاتبة من الجزائر

مع عودة النشاط الوبائي لفيروس كورونا حول العالم عبر متحوّرات جديدة مثل "إكس إي س" و"نيمبوس"، تعود المخاوف تدريجيًا إلى الجزائر، خاصة مع زيادة حالات الإصابة بأمراض تنفسية تحمل أعراضًا مشابهة للزكام والإنفلونزا الموسمية. 

الفرق الجوهري بين الإنفلونزا ومتحوّرات كورونا يكمن في نمط ظهور الأعراض، حيث تبدأ أعراض كورونا تدريجيًا مقارنة ببداية الإنفلونزا المفاجئة

وعلى الرغم من عدم تسجيل موجة حادة حتى الآن، تُشير المؤشرات الصحية إلى ضرورة اليقظة والتذكير بأهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية، لا سيما في ظل تراجع مستوى التزام المواطنين بالإجراءات الاحترازية.

وفي هذا السياق، يبرز تساؤل مهم: مع ظهور متحوّرات جديدة، ما هي أفضل طرق الوقاية؟ وهل المستشفيات الجزائرية مستعدة لمواجهة موجة محتملة؟

وشهدت مصالح الاستعجالات وقاعات الإنعاش في عدد من مستشفيات الجزائر، مع بداية سنة 2025، تزايدًا ملحوظًا في عدد الحالات التي تعاني من أعراض تنفسية حادة وممتدة، تشبه إلى حد كبير أعراض فيروس كورونا. هذا التزايد أثار تساؤلات حول ارتباط هذه الحالات بمتحوّر جديد يُعرف باسم "إكس أي سي".  

وحذّر مختصون في الصحة من هذا المتحوّر، الذي تم رصده لأول مرة في ألمانيا خلال صيف 2024، مؤكدين أنه يتميز بسرعة انتشار تفوق بعض السلالات السابقة. ولهذا السبب، باتت مراقبة هذا المتحوّر ورصد تطوّره أولوية قصوى، خاصة في ظل تسجيل حالات مشابهة في مناطق مختلفة من الجزائر.

في حوار خاص مع "الترا جزائر"، تحدث الدكتور شلال حمودي، طبيب مختص في الأمراض الصدرية والتنفسية بالجزائر، حول المتحوّرات الأخيرة لكورونا ومدى جاهزية المستشفيات الجزائرية والمواطنين للتعامل معها.

ما هو المتحوّر الأكثر انتشارًا حاليًا في الجزائر؟ وهل تم فعلاً رصد متحوّر “إكس إي سي"؟

تشير المعطيات الوبائية الحديثة إلى أن غالبية المتحوّرات المنتشرة حاليًا في الجزائر، كما هو الحال في معظم دول العالم، تعود في أصلها إلى المتحوّر أوميكرون، الذي يُعد الأكثر قدرة على التحوّر والتكيف منذ ظهوره أواخر عام 2021. 

أدى هذا المتحوّر إلى ظهور سلسلة من السلالات الفرعية ذات خصائص مميزة، خاصة من حيث سرعة الانتشار وقدرتها على الإفلات الجزئي من المناعة المكتسبة سواء عن طريق اللقاح أو الإصابة السابقة.

متحوّر "إكس إي سي" أصبح حالياً المتحوّر الأكثر انتشارًا في الجزائر، وسجل ارتفاعًا ملحوظًا في الإصابات خلال شتاء 2025

ومن بين هذه السلالات، برز مؤخرًا متحوّر "إكس إي سي"، الذي تم رصده رسميًا في الجزائر، ويُعد حاليًا المتحوّر الأكثر انتشارًا في البلاد. وقد سجّل هذا المتحوّر ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الإصابات خلال موسم الشتاء لعام 2025، ما تسبب في موجة وبائية جديدة أثارت قلق الجهات الصحية. 

يأتي ذلك خاصة في ظل ضعف التغطية بالتلقيح المعزز وعودة مظاهر التراخي في الالتزام بالإجراءات الوقائية في بعض المناطق.

هل ظهرت أولى حالات المتحوّر "نيمبوس" في الجزائر؟
حتى الآن، لم يتمّ تسجيل أو تأكيد أي حالة إصابة مثبتة رسميًا بمتحوّر "نيمبوس" في الجزائر، بحسب تصريحات الجهات الصحية. 

ومع ذلك، تثار احتمالات جدية بوجود هذا المتحوّر في البلاد بشكل غير موثق، خاصةً بالنظر إلى بعض المؤشرات الوبائية التي لوحظت خلال الأسابيع الماضية.

ففي أواخر شهر مايو وطوال شهر يونيو 2025، لوحظت زيادة غير معتادة في عدد الحالات المصابة بأعراض تنفسية مشابهة للإنفلونزا والزكام، مثل الحمى، السعال الجاف، التهاب الحلق، وآلام الرأس والعضلات. كما سجلت حالات عدوى متتالية داخل العائلات وأماكن العمل، مما دفع بعض الأطباء إلى الاشتباه في احتمال تسلل متحوّر جديد إلى المجتمع.

ويُعرف متحوّر "نيمبوس"، الذي ظهر أولًا في بعض الدول الأوروبية، بقدرته العالية على الانتقال، وبأعراضه التي تشبه الإنفلونزا الموسمية، ما يجعل تمييزه صعبًا دون فحوصات مخبرية دقيقة.

ما هو الفرق بين الإنفلونزا ومتحوّرات فيروس كورونا؟

رغم التشابه الكبير في الأعراض بين الإنفلونزا الموسمية ومتحوّرات فيروس كورونا، خاصة تلك المنحدرة من سلالة أوميكرون، هناك فروقات دقيقة تساعد الأطباء في التمييز بينهما، خصوصًا خلال مراحل التشخيص الأولية.

الأعراض المرتبطة بالمتحوّرات الجديدة عادة ما تكون خفيفة إلى معتدلة، لكنها قد تشكل خطرًا أكبر على الفئات الهشة مثل المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة

نمط ظهور الأعراض:  الإنفلونزا تتميز ببداية مفاجئة وحادة، حيث تظهر الأعراض فجأة خلال ساعات، مصحوبة بارتفاع ملحوظ في درجة الحرارة، وألم حاد في العضلات، وقشعريرة، وشعور عام بالتعب.
بالمقابل، تبدأ أعراض متحوّرات كورونا تدريجيًا، وغالبًا ما تكون خفيفة في البداية ثم تتطور خلال أيام، مما يصعب ربطها بالفيروس في الأيام الأولى.

الحمى: تكون الحمى عادة أكثر ارتفاعًا وحدة في حالات الإنفلونزا مقارنة بمتحوّرات كورونا مثل أوميكرون، التي قد تسبب حمى خفيفة أو قد لا تظهر حمى إطلاقًا، خاصة لدى الملقحين أو الأشخاص الذين لديهم مناعة سابقة.

فقدان حاستي الشم والتذوق: يعتبر فقدان الشم والتذوق من العلامات المميزة للإصابة بكوفيد-19، رغم أن هذه الأعراض أصبحت أقل شيوعًا مع المتحوّرات الأخيرة. بالمقابل، نادرًا ما تحدث هذه الأعراض في حالات الإنفلونزا.

أعراض مشتركة: كلا المرضين يشتركان في أعراض مثل آلام العضلات، التعب العام، والسعال، ما يزيد من صعوبة التمييز بينهما بدون فحوص مخبرية.

أعراض إضافية لكوفيد: يُلاحظ في حالات كوفيد وجود ألم أو حكة في الحلق بشكل واضح، إلى جانب أعراض تنفسية أخف من تلك المصاحبة للإنفلونزا في بعض الحالات.

هل المتحوّرات الجديدة تُسبب أعراضًا أشد من السلالات السابقة؟

المتحوّرات الجديدة لفيروس كورونا، التي تنتمي في الغالب إلى سلالة أوميكرون، تُسبب عمومًا أعراضًا خفيفة إلى معتدلة لدى معظم الأشخاص، خصوصًا الذين لديهم مناعة مكتسبة عبر التلقيح أو إصابة سابقة. 

لا تزال تحديات تكوين الكوادر الطبية تشكل عقبة كبيرة أمام جاهزية القطاع الصحي لمواجهة الأزمات المستقبلية

الأعراض عادةً ما تكون كلاسيكية، لكنها تختلف في شدتها ومدتها من شخص لآخر، وتشمل: الحمى، الصداع، آلام الحلق، التعب العام، والسعال، مع تسجيل زيادة في حالات تعاني من أعراض تنفسية شبيهة بالزكام.

رغم الطابع الطفيف لهذه المتحوّرات، إلا أنها قد تشكل خطرًا أكبر على الفئات الهشّة مثل المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة، مما يجعل الوقاية والمتابعة الطبية أمورًا ضرورية.

هل توجد تحاليل جينية منتظمة لتتبع الفيروس محليًا في الجزائر؟

حتى الآن، لا تُجرى تحاليل جينية منتظمة وواسعة النطاق لتتبع تطور الفيروس وتحوراته بشكل ممنهج على المستوى الوطني في الجزائر.

تحاليل PCR متوفرة في العديد من المخابر الاستشفائية العمومية وبعض المخابر الخاصة، وتُستخدم أساسًا لتأكيد الإصابة، لكنها لا تسمح بتحديد نوع المتحوّر بدقة.

أما تقنية تسلسل الجينوم الكامل للفيروس (le séquençage génétique)، وهي الأداة الرئيسية لتحديد السلالات والمتحورات بدقة، فتُجرى فقط في عدد محدود من المخابر، أبرزها معهد باستور الجزائر، الذي يُعتبر المرجع الوطني في هذا المجال.

هل أدت موجات كوفيد-19 السابقة إلى تحسينات ملموسة في بنية المستشفيات في الجزائر؟

كان لجائحة كوفيد-19 تأثير واضح وواسع على القطاع الصحي في الجزائر. كما أدت الموجات المتتالية للفيروس إلى تحريك عجلة الإصلاحات على مستوى البنية التحتية للمستشفيات، خاصة في تجهيز مصالح الاستعجالات وتوسيع قدرات أقسام الإنعاش.

حتى الآن، لا تُجرى تحاليل جينية منتظمة لتتبع تطور فيروس كورونا ومتحوراته على المستوى الوطني

خلال فترات الذروة، دفعت الحاجة الماسة إلى مواجهة الضغط الكبير على المستشفيات إلى إعادة تهيئة بعض الأجنحة وتوفير تجهيزات إضافية مثل أجهزة التنفس الاصطناعي وأسِرّة الإنعاش، بالإضافة إلى تحسين آليات استقبال وفرز المرضى، ما ساعد على تنظيم التكفّل بالحالات الحرجة بشكل أفضل. كما تم إعادة الاعتبار لبعض المستشفيات التي كانت تعاني من التهميش.

مع ذلك، ورغم هذه التحسينات الملموسة، لا تزال هناك تحديات كبيرة، خصوصًا في مجال تكوين الكوادر الطبية والشبه طبية، إذ لا تزال برامج التكوين المستمر ضعيفة في العديد من المؤسسات الصحية، مما يؤثر على جاهزيتها للتعامل مع الأزمات الصحية المستقبلية.

ما توصياتكم للوقاية في ظل ظهور هذه المتحوّرات الجديدة؟

مع عودة النشاط الفيروسي وظهور متحوّرات جديدة مثل "إكس إي سي" و"نيمبوس"، تبرز الحاجة إلى تجديد الالتزام بالإجراءات الوقائية الأساسية لحماية النفس والآخرين، خصوصًا الفئات الهشّة مثل المسنين والمصابين بأمراض مزمنة.

  • يُنصح بتجنّب زيارة كبار السن أو الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة عند الشعور بأي أعراض تنفسية، حتى وإن كانت خفيفة، للحد من خطر نقل العدوى.
  • يجب الامتناع عن التداوي الذاتي عند ظهور أعراض مثل الحمى، السعال، أو التعب، لأن الاستعمال العشوائي للأدوية قد يؤخر التشخيص أو يفاقم الحالة الصحية. ويُنصح بمراجعة طبيب مختص لتحديد نوع العدوى والعلاج المناسب.
  • ارتداء الكمامة ضروري خاصة في الأماكن المغلقة أو في التجمعات، حيث يمكن أن تنتقل العدوى بسهولة.
  • غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون أو استخدام المعقمات الكحولية من الإجراءات الأساسية التي تقلل من انتقال الفيروسات.

الكلمات المفتاحية

المدرسة العليا للأساتذة

رفع سنوات تكوين الأساتذة..تحسين للمستوى أم تمطيط بلا جدوى؟

أثار قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رفع مدة التكوين بالمدارس العليا للأساتذة التي يتخرج منها رجال التدريس في الأطوار التعليمية الثلاثة جدلًا وسط المتابعين للشأن التربوي، بين من رأى في ذلك تمطيطًا لا فائدة منه كون مشكل ضعف مستوى المتخرجين لا علاقة له بمدة التكوين، وبين من رحّب بهذا القرار الذي سيزيد من التراكم المعرفي للأساتذة قبل دخول عالم الشغل.


المخدرات-و-انواعها.jpg

بعد دخوله حيّز التنفيذ.. 20 معلومة تهمّك حول القانون الجديد لمكافحة المخدرات

دخل قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية المعدّل حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، حاملاً جملة من التعديلات التي تعكس توجه السلطات نحو تشديد الرقابة على تعاطي وترويج هذه المواد، في ظل ما تصفه الجهات الرسمية بتنامي التحديات المرتبطة بهذه الظاهرة.


new born

تسعير الولادة حسب جنس المولود .. جدل يغزو مواقع التواصل ومختصون يوضحون

أثار فيديو لطبيبة نساء وتوليد تداولته مواقع التواصل الاجتماعي موجة جدل واسعة في الجزائر، بعد أن روت فيه أنها سمعت من إحدى مريضاتها عن وجود تسعيرة مختلفة للولادة في بعض العيادات الخاصة، تُحدّد حسب جنس المولود، حيث يُطلب مبلغ أعلى عند ولادة الذكور مقارنة بالإناث.


الشواطئ الجزائرية

غلاء الفنادق يعيق السياحة الداخلية.. حلم العائلة الجزائرية يصطدم بحسابات الجيب

في كل صيف، ومع ارتفاع درجات الحرارة، تتحوّل المدن الساحلية الجزائرية إلى حلم جماعي يتسلل إلى مخيلة الكثير من العائلات، خاصة القاطنة في الهضاب والجنوب. لكن ما إن يبدأ التخطيط لرحلة سياحية داخلية، حتى تصطدم العائلة الجزائرية بسؤال واقعي بسيط: "هل نقدر على كلفة عطلة صيفية؟".

بوضياف
راصد

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين

في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

علي ذراع
أخبار

وفاة الصحفي علي ذراع بعد صراع مع المرض

توفي مساء أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة الإعلامي علي ذراع عن عمر ناهز 78 سنة بعد صراع مع المرض، حسب ما أفاد به أقاربه.


حالة الطقس في الجزائر
أخبار

طقس الجزائر: حرّ شديد ورعد وضباب

توقعت مصالح الأرصاد الجوية، اليوم الأربعاء 16 تموز/جويلية 2025، تسجيل موجة حر وتساقط أمطار رعدية معتبرة محليا على عدة ولايات من الوطن.

الارسيدي
راصد

"الإسلاميون استحوذوا على مفاصل الدولة".. الأرسيدي يشعل مواقع التواصل وشخصيات من حمس تنتفض

أثار حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) جدلاً واسعاً مجدداً في الساحة السياسية الجزائرية، بعدما أورد في لائحته الأخيرة، الصادرة عن المجلس الوطني، اتهامات مباشرة لما وصفه بـ"تيار الإسلام السياسي" بالاستحواذ على مفاصل الدولة والسعي لطمس أسس الهوية الوطنية.

الأكثر قراءة

1
أخبار

بطلب من الجزائر.. اجتماع طارئ لمجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي على سوريا


2
أخبار

طقس الجزائر.. درجات حرارة قياسية في 6 ولايات جنوبية


3
مجتمع

رفع سنوات تكوين الأساتذة..تحسين للمستوى أم تمطيط بلا جدوى؟


4
أخبار

الجزائر تدين العدوان الإسرائيلي على سوريا وتدعو مجلس الأمن لتحمّل مسؤولياته


5
أخبار

مصنع وهران يطلق سيارة "فيات غراند باندا" قبل نهاية 2025