15-سبتمبر-2019

تراهن السلطة الحالية على المسؤولين المٌبعدين في زمن الرئيس السابق (تصوير: بلال كرامدي/ أ.ف.ب)

ظلّت المؤسّسة العسكريّة في الجزائر تدعو إلى الانتخابات الرّئاسيّة قارنة دعوتها بعبارة "في أقرب الآجال"، إشارة منها إلى ضرورة تسريع الأمر "تجنّبا للانزلقات المحتملة".

لجأت السلطة الحالية إلى محمّد شرفي بصفته أحد ضحايا الزّمن البوتفليقي المغضوب عليه شعبيًّا

بعد أن أفشل الحراك الشّعبيّ والسّلمي هذا المسعى مرّتين، بعد استقالة الرّئيس عبد العزيز بوتفليقة، مطلع نيسان/أفريل الماضي، بما وضع رئيس الدّولة عبد القادر بن صالح في وضعية تسلّل دستوريّ، عاد قائد الأركان أحمد قايد صالح وقال "إنّه من الأجدر أن تتمّ دعوة الهيئة الناخبة بدءا من 15 أيلول/سبتمبر الجاري". بعدها، أعلن رئيس الدولة عبد القادر بن صالح أمس الأحد، أن الانتخابات الرئاسية في الجزائر، ستكون يوم 12 كانون الأوّل/ديسمبر القادم.

اقرأ/ي أيضًا: صورة بوتفليقة تنوب عنه في المحافل.. والجزائريون يسخرون من الصدمة

رغم أنّ قوى الحراك قابلت هذه الدّعوة بالرّفض والسّخرية، في ظلّ رؤيتها أنّ مناخات النّزاهة غير متوفّرة، منها استمرار نور الدّين بدوي في إدارة الحكومة، وهو الذّي أشرف على ثلاثة انتخابات وصفت بالمزوّرة في زمن بوتفليقة، إلا أنّ الثلاثي الحاكم، رئيس الدّولة ورئيس الحكومة ورئيس الأركان، اجتمع وقرّر إحالة قانون جديد للانتخابات على غرفتي البرلمان، وإقرار تشكيل سلطة وطنيّة تكون مشرفة على العمليّة الانتخابيّة بكلّ تفاصيلها ومراحلها.

ورد في بيان اجتماع الحكومة، أنّ هذه الهيئة ستكون مستقلّة ماليّا وإداريّا. وأنّها تملك الحقّ في الاستعانة بالوجوه التّي تراها جديرة، سواء في حقل القضاء أو في فعاليات المجتمع المدنيّ، وأنّها ستكون مسيّرة من طرف شخصيّة مشهود لها بالنّزاهة والكفاءة.

ظلّت التّكهنات سارية المفعول بخصوص هذه الشّخصية، على مدار أيّام، إلى أن تمّ اليوم الأحد الإعلان عن تكليف وزير العدل المقال في زمن الرّئيس بوتفليقة والحقوقيّ محمد شرفي (1946)، بسبب ما قيل يومها إنّه وقّع على مذكّرة توقيف وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل المقرّب من المحيط الرّئاسي.

ويرى مراقبون أنّ السّلطة الحالية مدنيّة وعسكريّة، في مسعى إقناعها الشّارع الجزائريّ بخيار الانتخاب، لجأت إلى محمّد شرفي بصفته أحد ضحايا الزّمن البوتفليقي المغضوب عليه شعبيًّا، حتّى تعطي انطباعًا بنزاهة الانتخابات وجدّيتها، في ظلّ انتشار الدّعوة إلى مقاطعتها، من طرف القوى المختلفة للحراك.

كتب الإعلاميّ إسماعيل طلاي، في تدوينة فيسبوكيّة له أنّ القايد صالح يعيد الاعتبار للوجوه التّي أقيلت أو همّشت سابقًا، "فعيّن محمّد شرفي مرورًا بكريم يونس، ووزير العدل الحالي، وصولًا إلى علي بن فليس رئيسًا للجمهورية".

من جهته، يقول الإعلاميّ فاروق بن شريف لـ "الترا جزائر"، إنّ ما يجب أن تُدركه القوى الحاكمة أنّ الحراك الشعبيّ لا يرفض الانتخابات من حيث المبدأ، "بل يرفض شروط تنظيمها. ولن يشفع لها تعيين وجوه توصف بالنظيفة في تسيير العملية، ما دام الإشراف العام عليها موكولًا لوجوه نافذة ليست كذلك، وبقيت مدرجة ضمن الباءات المطالبة بالرحيل".

تخرّج محمّد شرفي من المدرسة الوطنيّة للإدارة، وتولّى ما بين سنتي 1972 و1989 منصب قاضي التّحقيق والنّيابة العامّة في أكثر من محكمة. ثمّ الأمانة العامّة لوزارة العدل إلى غاية 1991، فمستشارًا لدى المحكمة العليا إلى غاية 1997،  فوزارة العدل عام 2012.

هل يستطيع أحمد قايد صالح جعل الانتخابات الرّئاسيّة حقيقة هذه المرّة، بعد أن فشل في المرّتين السّابقتين؟

ساهم الدّخول الاجتماعيّ وزوال إكراهات فصل الصّيف في استعادة الحراك الشّعبيّ والسّلميّ لكثير من أنفاسه، كما لوحظ في الجمعة الثّلاثين، فهل يستطيع أحمد قايد صالح جعل الانتخابات الرّئاسيّة حقيقة هذه المرّة، بعد أن فشل في المرّتين السّابقتين؟

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مناورة بوتفليقة حول الضمير الديني للجزائريين

عبد العزيز بوتفليقة.. ختام "قسري" لسيرة رمادية