13-مارس-2020

يَدّعي الخطاب الرسمي أنّ الجزائر مقبلة على عهد جديد (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

أثار توقيف الصحافي خالد درارني، وهو بصدد تغطية تظاهرة شعبية، مع توجيه تهمة التحريض على التجمهر غير المسلّح، وسحب جواز سفره، الكثير من الجدل حول وضع حرّية التعبير والرأي في الجزائر.

يُعرف خالد درارني، بتغطيته الموضوعية والمكثّفة للحراك الشعبي بهاتفه النقال

خلال هذا الأسبوع، سيطرت قضيّة حبس الصحافيين والتضييق على العمل الإعلامي على نقاشات مواقع التواصل، حيث أطلق صحافيون هاشتاغ #الصحافة_ليست_جريمة، ونظم آخرون وقفات احتجاجية أمام محكمة سيدي امحمد بالعاصمة.

اقرأ/ي أيضًا: صدمة بعد حبس بلعربي ووضع درارني تحت الرقابة القضائية

يُعرف خالد درارني، بتغطيته الموضوعية والمكثّفة للحراك الشعبي بهاتفه النقال، وخلال فترة احتجازه، طرحت عليه عدّة أسئلة، من بينها سبب التظاهر يوم السبت، ومواقفه السياسية.

يَدّعي الخطاب الرسمي أنّ الجزائر مقبلة على عهد جديد، تُؤَسّس لبناء جمهورية ثانية، ويُجامل خطاب الحكومة الحراك الشعبي، بوصفه "أنّه مبارك وأنقذ الدولة الوطنية"، حيث تعهّد عبد المجيد تبون، باحترام الحرّيات الفردية والجماعية وحرّية الإعلام والصحافة.

من جهته، أكّد وزير الاعلام عمّار بلحيمر، على دور الصحافة في محاربة الفساد وإرساء معالم دولة القانون.

كان من السذاجة الاعتقاد، أن الخطاب السلطوي حول حرّية الإعلام سينعكس عنه انفتاح إعلامي، ومساحات أكبر من الحرّية الإعلامية.

 وكما هو ملاحظ، فإن الواقع مغاير تمامًا على مستوى الممارسة الصحافية وداخل إدارات التحرير، أين بات يشعر الكثير من الصحافيين بالتضييق والمراقبة، وفرض الرقابة على مواد تتعلّق بتغطية المظاهرات الشعبية، أو نقل مجريات محاكمة النشطاء ومعتقلي الرأي، وحظر فتح المجال السمعي البصري، أمام أساتذة ونشطاء تُعرف عنهم مواقفهم الناقدة للسلطات.

من جهة أخرى، ما يزال ملف الإشهار العمومي، محتكرا من طرف الدولة، رغم الوعود الانتخابية بتعديله وفتح النقاش حول حيثياته، حيث يُستخدم الإشهار العمومي وفق المنطق الريعي، فهو يعدّ منذ سنوات طويلة وسيلة لشراء الذمم، وتهديدًا وطريقة لمعاقبة المؤسّسات الإعلامية الناقدة للنظام السياسي.

وكما هو معتاد، لا تكتفي السلطة باستدعاء الصحافيين، بل تتعامل مع الكثير منهم وفق المنطق والعقل الأمني، إذ يتعرّض عدد كبيرة منهم إلى ضغوط نفسية ومادية، قصد الدفع بهم إلى الهجرة أو ترك المهنة، كما هو حاصل للكثير من الإعلاميين حاليًا.

"الصحافة ليس جريمة"، هو شعار أطلقه صحافيون تعبيرًا منهم عن دقّ ناقوس الخطر حول مصير المهنة ومستقبلها، كما يبيّن رفضهم للتعامل الأمني والقضائي مع المؤسّسات الإعلامية والصفحات والمواقع الإلكترونية، التي تحاول نقل حقائق عن استمرار الحراك الشعبي، وكشف النقاب عن انشغالات الطبقة السياسية والحقوقية، حول التجاوزات الحاصلة في مجال حقوق الإنسان والمواطنة.

تتغنّى السلطة بمحاربة الفساد، لكنّها في المقابل، تقمع أحد أهمّ الأدوات الرئيسية التي تساعد على الكشف عنه، والسلاح الأنجع في مكافحة ظاهرة الرشوة والمحسوبية والفساد.

يشكّل اعتقال وسجن الصحافيين، مشهدًا من مشاهد الدولة الشمولية والأحادية، التي ترفض الرأي والرأي الآخر، وهي بلا شكّ ممارسات قمعية ومتعدية على حرّية الرأي، وتكذّب كلّ الخطابات الرسمية التي تسوّق لسيناريو احترامها للصحافة وحرّية التعبير.

قد لا ترغب السلطة في نقل استمرار الحراك الشعبي كل يوم جمعة وثلاثاء، لكن هذا لا يعد حلًا أبدًا في ظلّ وجود الإعلام المواطناتي، ومنصّات التواصل الاجتماعي، التي تعج بما يحدث في الشارع حقًا.

إن الإدارة الأمنية والمحاكم، أبانت عن محدوديتها في التعامل مع ملف الصحافة

إن الإدارة الأمنية والمحاكم، أبانت عن محدوديتها في التعامل مع ملف الصحافة، وعلى السلطات إدراك الرهان الحقيقي الذي يتمثّل في فتح المجال الإعلامي بشكلٍ عاجلٍ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

صحافيون يطالبون بإنهاء معاناة زملائهم في السجون

صحافي يشتكي احتجازه لمدّة 8 ساعات بمركز أمني