19-مايو-2016

لم تكن الجامعات متاحة بشكل عفوي لأبناء الجزائريين في ظل الاحتلال الفرنسي(AP)

يحتفل الطلبة الجزائريون على اختلاف تخصصاتهم والمنظمات الطلابية التي ينتمون إليها، في الـ19 من آيار/مايو من كل عام، بالعيد الوطني للطالب المصادف لذكرى إضراب الطلبة الجزائريين في اليوم نفسه من عام 1956، أي بعد سنتين من انطلاق ثورة التحرير ضد الاحتلال الفرنسي، والذي انتهى بالتحاق جموع الطلبة بصفوف "جبهة التحرير الوطني".

شن الطلبة إضرابًا شاملًا عن الدراسة يوم 19 آيار/مايو عام 1956 مساندة لمطلب الاستقلال

اقرأ/ي أيضًا: الآداب والعلوم الإنسانية في الجزائر.. إلى أين؟

لم تكن المدارس والمعاهد والجامعات متاحة بشكل عفوي لأبناء الجزائريين في ظل الاحتلال الفرنسي منذ هيمنته على البلاد عام 1830، لكن النخبة القليلة التي تمكنت من دخول هذه المنابر العلمية انسجمت مع مساعي الحركة الوطنية في النصف الأول من القرن العشرين، وانخرطت في اتجاه نشر الوعي بضرورة الاستقلال، من خلال المنشورات والتجمعات والنشاطات الفنية والرياضية المختلفة.

ما بين 8 و14 تموز/يوليو 1955 انعقد في باريس المؤتمر التأسيسي لـ"الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين"، وصفة "المسلمين" كانت تستعمل يومها من باب التمييز الحضاري عن الفرنسيين، حضره ممثلون عن منظمات طلابية، بما فيهم ممثلون عن "الاتحاد الوطني للطلبة الفرنسيين".

رفع المؤتمر ثلاثة رهانات هي جمع شمل الطلبة الجزائريين وضرورة انخراطهم في الحياة السياسية وإزالة الغبار عن اللغة العربية التي كانت عرضة لسياسة الطمس التي باشرتها السلطات الفرنسية، في مسعى "فرنسة" المجتمع الجزائري.

إلقاء القبض على الطالب الجزائري عمارة رشيد يوم 7 كانون الأول/ديسمبر عام 1955 وموته تحت التعذيب، أثار حفيظة الاتحاد، فنظم مؤتمرًا استثنائيًا أواخر آذار/مارس 1956، بحضور تونسي ومغربي، وتمخض عن مساندة الطلبة لثورة التحرير التي كانت قد انطلقت في الفاتح من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1954.

الحماس الطلابي لمطلب الاستقلال دفع بالقيادة السياسية للثورة إلى دعوة الطلبة الجزائريين إلى ترك مقاعد الدراسة والالتحاق بصفوف الكفاح، فشن الطلبة إضرابًا شاملًا عن الدراسة يوم 19 آيار/مايو عام 1956، مع بيان برروا فيه خطوتهم التي أربكت سلطات الاحتلال وأنعشت صفوف الثوار.

هذه الخلفية التاريخية الكبيرة للحركة الطلابية في الجزائر، تضعنا أمام جملة من الأسئلة تتعلق بواقع الطالب الجزائري اليوم، من حيث وعيه المعرفي والسياسي ومدى مساهمته في الحياة العامة، في ظل الرهانات التي يتعين على المشهد الجزائري أن يخوضها في المجالات كلها.

لم تعد الجامعة الجزائرية اليوم تلعب دورها في التثقيف والتوعية وصيانة المكاسب العامة للمجتمع

اقرأ/ي أيضًا: أي مستقبل لدراسة العلوم السياسية في الجزائر؟

يقول الطالب غريسي بهاز من مدينة المشرية، 650 كيلومترًا غربًا، إن الطالب الجزائري اليوم أصيب في حماسه العلمي أصلًا، أي ما هو مطلوب منه أساسًا، فكيف بالحماس إلى أن يلعب دورًا وطنيًا. يضيف: "باتت الثانويات والجامعات مجرد تجمعات للحصول على الشهائد، بعيدًا عن أي وعي بأن تلعب دورها في التثقيف والتوعية وصيانة المكاسب العامة للمجتمع".

ويتساءل الطالب بهاز، الذي يستعد لخوض غمار امتحان الثانوية العامة نهاية الشهر الجاري: "ما معنى أن يكون عيد الطالب موعدًا لشن إضرابات احتجاجًا على سوء الخدمات عوض أن يكون موعدًا للمراجعة والضغط من أجل تحسين السياسات؟ هناك منظمات طلابية تنشأ بصفتها أذرعًا للأحزاب السياسية لا أذرعًا للجمهورية".

من جهتها تشير كوثر. م، طالبة الأدب العربي بجامعة بومرداس، لـ"الترا صوت" إلى التعسف المرتكب في حق الطالب الجزائري الجديد بالحكم عليه بالسلبية من غير مراعاة السياقات السياسية والاجتماعية التي نشأ فيها. تقول: "الخطوات العملاقة التي باشرها الطالب الجزائري خلال ثورة التحرير والسنوات التي تلت الاستقلال الوطني كانت في ظل منظومة وطنية تملك مشروعًا، أما طالب اليوم فيعيش في ظل منظومة وطنية مستقيلة معنويًا من أداء مهامها". وتختم بالقول: "دعونا من إطلاق الرصاص على سيارة الإسعاف وتعالوا ندخل إلى ثقافة اقتراح البدائل".

اقرأ/ي أيضًا:

ورطة اختيار التخصص الجامعي

الكتاب مع طلبة الجزائر في الشارع