العمري كعوان: شخصية "خَلاَّ" في "التابعة" مُتمرّدة ولهجة الشرق منحتها الصّلابة
16 مارس 2025
يشهدُ الموسم الرّمضاني في الجزائر لهذه السّنة إنتاجاً وفيراً للأعمال والمسلسلات الدرامية الجزائرية مقارنة بالمَواسِم السّابقة، وعلى كثرة الإنتاج وتفاوت المُستويات، برز إلى السّطح بَعضٌ منها لتشهد إقبالاً مُهِمّاً لدى المشاهدين، حسب الأصداء الّتي نراها على مواقع التّواصل الاجتماعي.
من بين هذه الأعمال، نجد مسلسل "التّابعة" الّذي كتبته منال مسعودي وأخرجه أنور الفقيه، حيث يتمّ عرضه كلّ ليلة على قناة "النّهار"، وتدُور أحداثه في إحدى قُرى شرق الجزائر، حين تعود الفتاة "ياقوت" إلى مسقط رأسها بعد سنواتٍ من الهروب، لِتحاول الانتقام ممّن كانوا سببا في تحطيم حياتها وعائلتها، لتدخل في صراعاتٍ عائلية دائمة وسط مكائد في عالم السّحر والشّعوذة والجريمة.
العمري كعوان لـ" الترا جزائر": "التّابعة" لم يكن مجرّد مسلسل بل كان مساحة للتّعلّم والتّطوّر وأتمنّى أن يلمس الجمهور هذا التّفاعل الإيجابيّ بين الأجيال المختلفة في الأداء على الشّاشة
ما يُلفت الانتباه في هذا العمل، هو ذلك التناغم المُلاحَظ بين الأسماء الشابّة والممثّلين القديرين، إضافة إلى حواراتٍ ذاتَ لهجة خاصة من مناطق شرق الجزائر التي تغيير كثيرا عن الأعمال المقدّمة، ما مَنَحَ نفس مختلف خفّف سطوة اللّهجة العاصمية التي قد طغت بعض الشيء على ما يقدّم من أعمال.
للحديث عن هذا العمل الفني الذي يجمع أسماء جميلة من مختلف الأجيال، نُحاور اليوم الممثّل القدير العمري كعوان الّذي يمثّل فيه دور البطولة في دور " خَلاَّ" المشعوذ.

العمري كعوان (1965)، فنّان ومنتِج سينمائي ومخرج مسرحي جزائري من مواليد ولاية سطيف شرق الجزائر، مقيم بالعاصمة، ويُدِير حاليا شركة "أنيسيم برود" للإنتاج السّينمائي.
يُعتبر العمري كعوان من بين الأسماء التي برزت في فن "الوان مان شو" في الجزائر، وقد بدأ مشواره الفني نهاية فترة السبعينات من خلال المسرح، حيثُ برز نشاطه أكثر في فترة الثمانينات، وعمل على تطوير أسلوبه الخاصّ في الأداء الفرديّ، مقدّماً عروضًا جمعت بين الكوميديا والطّرح الاجتماعي.
لدى العمري كعوان تجربة ملفتة في صناعة الأفلام وفي المسرح، وقد أنتج مؤخرا فيلمًا قصيرًا بعنوان "كولاتيرال" بدعم من وزارة الثقافة والفنون في الجزائر، حيث تمّ تصويره في ولاية جانت (جنوب الجزائر)، وما يزال في مرحلة المونتاج استعدادًا للعرض والمشاركة قريباً في مختلف المهرجانات السينمائية.
من بين الأعمال المسرحية التي قدّمها الفنان، نجد "جن وبلعْطُوه"، حيث نال العرض شهرة واسعة. كما قدّم الفنان 1487 عرضًا في مختلف ولايات الجزائر وخارجها، وقد تحصل أيضا على جائزة أفضل ممثل في إسبانيا عام 2002.
أمّا حاليا يشتغل العمري كعوان على مسرحية "الرجال لا يبكون"، التي قام بتأليفها وإخراجها.
يعمل الفنان حاليا على تقديم ورشات مسرحية متخصصة في "الوان مان شو" عبر مختلف ولايات الوطن، بدعم من وزارة الثقافة والفنون، حيث يتمّ تدريب الشباب على مهارات الأداء الفردي، الكتابة المسرحية، والتفاعل مع الجمهور، مما يسهم في تطوير المسرح الجزائري وتخريج جيل جديد من فناني المسرح الممارسين لعروض "الوان مان شو".
في الدراما، شارك العمري كعوان في العديد من المسلسلات، أهمها "شفيقة بعد اللقاء"، "شجرة الصباح"، "الرّهان"، "يما" وغيرها ...
في هذا الحوار، يتّحدث الفنّان عن تجربته في بطولة مسلسل "التّابعة"، عن القضايا المُعالَجة في العمل، اللّهجة، ظروف التّصوير وتقديم العمل للمُشاهِد، وعن تأمّلاته وتجربته مع أسماء فنية شابّة وأخرى لها تجربة طويلة، إضافة إلى آرائه حول إشكالات الدّراما الجزائرية.
- ما الذي جذبك في دور " خَلاَّ"؟ وهل تظنّ أنّ القصّة جديدةٌ موضوعًا ومعالجةً على الدّراما الجزائرية؟
في الحقيقة، لا يُعَدُّ موضوع السّحر والشّعوذة جديدًا في الدّراما الجزائرية أو العالمية، لكنّ الأمر يختلف من عمل إلى آخر بشكل أساسيّ من ناحية زاوية المعالجة وطريقة السّرد.
قد يكون "التّابعة" قد قدّم رؤى مختلفة أو أعمق لهذا العالم، بينما في مسلسل "يمّا" مثلاً، كان هناك بُعد دراميّ آخر مرتبِط بالصّراعات العائلية والاجتماعية.
أمّا من حيث الأدوار، فدوري سابقاً في مسلسل "يمّا" كان يتطلّب شخصيّة مُعقّدة ذاتَ دوافع خاصّة، بينما لا يُمكنني الحُكم على "التّابعة" بالكامل دون مشاهدته وتحليل طريقة التّناول والإخراج. ولكنّ الأهمّ دائمًا هو التّجديد في الطّرح والمعالجة حتّى لو كان الموضوع مُكرّرًا.

- لقد كانت اللّهجة من بين الأشياء الملفِتة في هذا العمل. هل ساعدتك أصولك على إتقان الكلام والحوارات؟ وهل تعتقد أنه من الجيّد التّركيز على لهجة واحدة في العمل الواحد؟
أظنّ أنّ لهجة الشّرق الجزائريّ قد ساعدتني بشكل كبير في إتقان دور " خَلاَّ" في مسلسل "التّابعة"، لأنّها تحمل الكثير من الخصوصية اللّغوية والثّقافية الّتي تُناسب تلك الشّخصية، خاصة أنّها تنتمي إلى منطقة تستخدِم هذه اللّهجة.
هنالك نقاط عديدة أفادتني من هذه النّاحية: التّعبير الطّبيعي والعفويّ، لأنّ لهجة الشّرق الجزائري تمتاز بمخارج حروفٍ قوية وأسلوب حديثٍ مميّز، ما يجعل الأداء أكثر إقناعًا وطبيعيًا في تقديم دوري.
إذا ما كانت شخصية " خَلاَّ" تحمِل طابع متمرّد، فإنّ لهجة الشّرق تمنحُها الصّلابة، لأنّها غالبًا ما تُستخدم في سياقات مليئة بالحزم والقوّة.
ضِف إلى ذلك، الإحساس بالواقعية، حيثُ أنّ استخدامي لها جعل الشّخصية تبدو أكثر حقيقية وواقعية، وهذا ما يساعد المشاهدين على الاندماج في القصة وتصديق الأداء.
يأتي بعد ذلك التّنوع في النّبرة والانفعالات، حيث نجد أنّ هذه اللّهجة غنية بالتّعابير والتّشديدات الصّوتية التي تعكس مختلف المشاعر، من الغضب إلى السّخرية والتّحدّي، ما أتاح لي حرية أكبر في التّعبير عن الشخصية بطرق متعددة.
بالنّهاية، تضفي هذه اللّهجة طابع محلّي مُميّز. في الدراما، يمنح استخدام لهجة معيّنة للشّخصية هوية واضحة، وهذا ربّما ساعد على إبراز " خَلاَّ" كشخصية ذات طابع خاص ميّزها عن بقية الشخصيات.
- احكِ لنا ظروف تصوير العمل، البيئة والمنطقة المختارة للتصوير، وتجربتك مع الأسماء الشّابة التي شاركت في المسلسل.
لا شك في أنّ تجربة العمل في مسلسل "التّابعة" كانت مميّزة جدًا بالنسبة لي، خاصة أنني كنت أمام جيل جديد من الممثّلين الشّباب.
لم يكُن العمل مع فنّانين أقلَّ خِبرة تحديًا، بقدر ما كان فُرصة لتبادل المعرِفة والخِبرة، لقد لمستُ فيهم حماسًا كبيرًا ورغبة في التّعلم، وهذا أمر إيجابيّ جدًا لأيّ مُمثّل في بداية مشواره.
خِلال التّصوير، كنتُ أحرص على تقديم بعض النّصائح لهم، سواءً في التّعامل مع الكاميرا، التّحكُّم في الأداء، أو حتّى كيفية إدارة المشاعر في المشاهد الصعبة.
لهجة الشّرق الجزائريّ ساعدتني بشكل كبير في إتقان دور " خَلاَّ" في مسلسل "التّابعة"، لأنّها تحمل الكثير من الخصوصية اللّغوية والثّقافية الّتي تُناسب تلك الشّخصية
لقد شعرتُ أنّهم كانوا متقبّلين جدًا لهذه التّوجيهات، بل إنّهم أبدوا اهتمامًا كبيرًا بتطوير أنفسهم، وهذا ما جعل الأجواء في موقع التّصوير مُريحة وتعاونية.
إنّ التّعاون بين الأجيال في أيّ عمل فنيّ يُضيف دائمًا بُعدًا جديدًا ويخلق نوعًا من التّكامل.
يأتي الفنّان الشابّ بروحه المُتجدّدة، بالطّاقة، والتّقنيات الحديثة في الأداء، بينما الفنان ذو الخِبرة يُضيف العُمق والتّوجيه. أعتقد أنّ هذا المزيج هو ما يجعل أيّ عمل ناجحًا.
رُبّما كان التّحدي الأكبر هنا، مساعدة بعضهم على تجاوز رهبة الكاميرا والضّغط النفسيّ الّذي قد يرافق تصوير المشاهد الصّعبة. لكن مع مرور الوقت، أصبحوا أكثر ثقة، وهذا كان مكسبًا لهم ولي شخصيًا، لأنّ نجاحهم في المشاهد يعني نجاح العمل كَكُل.
- كيف كان العمل مع الفنّانة القديرة جميلة عراس؟
جميلة عرّاس فنّانة كبيرة ومُخضرمة، ولها مكانة خاصة في الدّراما الجزائرية.
من خلال تعاملي معها في عدّة أعمال مثل شفيقة بعد اللّقاء، دوّار الشّاوية، الرّهان، وأخيرًا التّابعة، أستطيع القول إنّها فنّانة مُحترفة إلى أبعد الُحدود، تُعطي الدّور حقّه وتساعد كل الزملاء في الوصول إلى الأداء الأفضل.
في "التّابعة"، كان لديّ مع جميلة عرّاس مشاهد قوية، حيث جسّدتُ شخصية " خَلاَّ" وهي لعبت دور "رزڨة"، شقيقتي في المسلسل.
كانت كواليس التّصوير مليئة بالانسجام مع جميلة عرّاس ، وكانت تُضفي لمستها الخاصة على كلّ مشهد، ممّا يجعل التمثيل أمامها تجربة مُمتعة وتحديًا في الوقت نفسه.
جميلة عراس ليست فقط ممثّلة قديرة، بل أيضًا إنسانة راقية، تحترم زملاءها وتحرص على تقديم عمل متكامل.
- في رأيك، ما الّذي تفتقر له الأعمال الدّرامية المحلية؟! وما نقاط ضعفها وقوّتها؟
أظنّ أنّ الأعمال الدّرامية الجزائرية قد تطوّرت بشكل ملحوظ في السّنوات الأخيرة، لكنّها ما تزال تعاني من بعض النّقائص الّتي تعيق وصولها إلى مستوى المنافسة العربية والدّولية.
لا تصل الأعمال الجيّدة إلى الجمهور الواسع بسبب غياب استراتيجيات تسويق فعّالة محليًا ودوليًا
بناءً على خبرتي في المجال، يمكن تلخيص نقاط الضّعف والقوة فيما يلي:
غالبًا ما تفتقر النّصوص في أعمالنا إلى الحبكة القوية والحوار العميق، ما يجعل العديد من الأعمال سطحية أو متوقَّعَة.
من جهة أخرى، نلمس في بعض الحالات ضعف في الإخراج والتّقنيات الفنية، فرغم توفّر الإمكانيات، إلا أنّ بعض الإنتاجات تعاني من إخراج ضعيف أو تقنيات تصوير ومونتاج غير احترافية.
من جهة أخرى، نجد غياب التّنوع في المواضيع، حيث أنّ الكثير من الأعمال تكرّر نفسها (الدّراما العائلية، الكوميديا التّقليدية)، وهذا ما يُقلّل من التّجديد والإبداع.
هناك أيضا ضعف التّرويج، حيث لا تصل الأعمال الجيّدة إلى الجمهور الواسع بسبب غياب استراتيجيات تسويق فعّالة محليًا ودوليًا، إضافة إلى مشاكل الإنتاج والتمويل، حيث تعاني المشاريع من ضعف التّمويل الّذي يؤثّر على جودة الإنتاج.
نُلاحظ أنّ الدراما الجزائرية بدأت تجذب نوعا ما مشاهدين من خارج الجزائر، ما يفتح الباب أمام فرص انتشار أوسع
أمّا بخصوص نقاط قوة الدّراما الجزائرية، فنجد غنى التّراث الثّقافي والتّاريخي، حيث تمتلك الجزائر مخزونًا هائلًا من القصص المُلهمة، سواء من التّاريخ أو الواقع الاجتماعيّ، والّتي قد تكون مصدرًا رائعًا للإبداع.
من ناحية أخرى، لا يمكن إغفال المواهب التّمثيلية القوية، فهناك ممثّلون قادرون على تقديم أداء مميّز، لكنّهم يحتاجون إلى نصوص وإخراج يعكس إمكانياتهم الحقيقية.
ضف إلى ذلك، تحسّن الجودة الفنية في بعض الأعمال، حيث بدأت بعض الإنتاجات الحديثة في استخدام تقنيات تصوير وإخراج أكثر احترافية، ما يعكس الرّغبة في تطوير هذه الصّناعة.
لا ننسى أيضا اهتمام الجمهور المحليّ والعربي بالمحتوى الجزائري، حيث نُلاحظ أنّ الدراما الجزائرية بدأت تجذب نوعا ما مشاهدين من خارج الجزائر، ما يفتح الباب أمام فرص انتشار أوسع.
في النّهاية، أعتقد أنّ "التّابعة" لم يكن مجرّد مسلسل، بل كان مساحة للتّعلّم والتّطوّر، وأتمنّى أن يكون الجمهور قد لمس هذا التّفاعل الإيجابيّ بين الأجيال المختلفة في الأداء على الشّاشة.
الكلمات المفتاحية

محمّد لخضر حمينة.. حكّاءُ وقائعِ سنين السّينما الجزائرية
لم يكن أحدٌ ليتوقّع رحيل محمد لخضر حمينة المخرج العربي والأفريقي الوحيد الحائز على السّعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي سنة 1975،في نَفس اليوم الّذي عُرِضَت فيه النّسخة المُرمّمة من فيلمه الشّهير "وقائع سنين الجمر" في ذكراه الخمسين، خلال فعاليات نفس المهرجان في دورته 78.

الحسناوي وفاظمة.. قصة حب لم يقتلها المنفى وخلدتها الأغاني
"مثل فاظمة والحسناوي، هذا ما حدث لنا، أحبك وتحبينني، لكن والدك قال لا"، هذه الجُمل هي مطلع أغنية لفنان طابع الفولكور القبائلي مراد قرباص، تلك الأغنية التي لا تغيب عن أي عرس في منطقة القبائل في الجزائر، يتراقص الناس عند سماعها فهي أغنية باعثة للبهجة والفرح.

كمال داود.. كاتب جزائري فرنسي يُفلسِف لـ"الخيانة"
يثير الكاتب والروائي الفرنكو جزائري كمال داود في كل مرة، موجة جديدة من الجدل، بما يطرحه في تصريحاته وكتبه مقالاته التي تثير الصدمة لدى جزائريين يعتقدون أنه يتعمد استفزاز ذاكرتهم وتاريخهم، من أجل استمالة النخب الفرنسية ومؤسساتها الثقافية والإعلامية.

أنصفته الترجمة.. نحو تخفيف الحكم على المؤثر الجزائري "عماد تان تان"
طلبت النيابة العامة في غرونوبل، بفرنسا، "إعادة تصنيف" التهم الموجهة إلى المؤثر الجزائري عماد ولد إبراهيم المعروف بـ"عماد تان تان"، ما يعني التوجّه نحو تخفيف الحكم الصادر ضدّه في قضية دعوته على منصة التواصل الاجتماعي "تيك توك" إلى "ارتكاب أعمال إرهابية في فرنسا."

عودة الجنرال حسان إلى واجهة المخابرات الجزائرية.. من يكون؟
أُعلِن، رسميًا، اليوم السبت الرابع والعشرين أيار/ماي 2025 عن عودة الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، المعروف باسم "الجنرال حسان"، إلى واجهة المخابرات الجزائرية بعد سنوات من الغياب.

عشية المؤتمر السابع.. ياحي: "الأرندي" لم تسقطه التداعيات الخطيرة بعد الحراك
قال الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي "الأرندي"، مصطفى ياحي، اليوم السبت، إنّ الحزب لم تسقِطه "التداعيات الخطيرة" التي كانت بعد الحراك الشعبي في 2019.

باسم منظمة وطنية.. إيقاف 4 أشخاص بتُهمة الاحتيال في ملف السكن الاجتماعي بوهران
أوقفت فرقة مكافحة الجرائم الكبرى بأمن ولاية وهران (غرب)، شبكة إجرامية مختصة في النصب والاحتيال على المواطنين، بعد استغلال ملف السكن الاجتماعي لتضليل الضحايا وتحقيق مكاسب غير مشروعة.