28-فبراير-2023

من أمام جامعة الجزائر (فيسبوك/الترا جزائر)

أثار امتحان الدكتوراه في علوم الإعلام والاتصال بجامعة عبد الرحمان ميرة ببجاية، حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما تمت صياغته باللغة الفرنسية بدل العربية التي تدرس بها كل العلوم الإنسانية والاجتماعية في الجزائر، ليعيد بذلك الحديث مرة أخرى حول خطط الحكومة للتخلص من لغة الاستعمار في المنظومة التعليمية.

تفاجأ كثير من المترشحين لمسابقة الدكتوراه  بجامعة بجاية في تخصص الاتصال الجماهيري والوسائط المتعددة بصياغة سؤالي مادتي التخصص والمنهجية باللغة الفرنسية

ولم يقتصر هذه المرة اختلاف الرؤى بشأن الامتحان على عامة الناس بين ساخط على الفرنسية ومتقبل لها فقط، إنما النقاش كان في الأساس بين أساتذة جامعيين استنكر كثير منهم هذه الطريقة، الأمر الذي جعل إدارة الجامعة تنشر بيانًا لتوضيح ما أقدمت عليه، ولكشف الأجواء التي جرى فيه امتحان الترشح لمرحلة الدكتوراه.

امتعاض الطلبة

تفاجأ كثير من المترشحين لمسابقة الدكتوراه تخصص الاتصال الجماهيري والوسائط المتعددة الذي نظم بجامعة بجاية، بصياغة سؤالي مادتي التخصص والمنهجية باللغة الفرنسية، وهو ما لا يتناسب مع المسار الدراسي لأغلب المترشحين الذين درسوا هذه المواد باللغة العربية، بالنظر إلى أن تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية تدرّس باللغة الأم في الجزائر.

ووصف أحد المشاركين في الامتحان الأجواء التي شهدها امتحان الدكتوراه بجامعة بجاية بالقول إن "الكثير من المرشحين لمسابقات الدكتوراه في علوم الإعلام والاتصال بجامعة عبد الرحمن ميرة، عبروا عن امتعاضهم واستيائهم بسبب صياغة الأسئلة باللغة الفرنسية، الأمر الذي أدى إلى حدوث ملاسنات لفظية ومطالب بتدخل المسؤولين، ومغادرة البعض قاعات الامتحان، ناهيك عن سوء فهم وعجز في تفكيك الأسئلة بالنسبة للبعض الآخر".

وأضاف "نعم يمكن احترام لغة التدريس بجامعة بجاية بسبب اختيار اللغة الفرنسية، ولكن هذه المسابقة وطنية ولا تخص طلبة جامعة بجاية فقط، خاصة وأن طلبة الجامعات الأخرى يتلقون دروسهم باللغة العربية فقط".

وفي تعليقه على الموضوع، اعتبر داني يوسف في منشور على حسابه بموقع فيسبوك أن الأمر له علاقة بالحركات الانفصالية، وقال في هذا الإطار إن "ما حدث في جامعة بجاية يسمى ضرب هيبة الدولة، امتحان دكتوراه في العلوم الإنسانية بلغة فرنسية، وعند احتجاج الطلبة يخاطبهم المدير بالحرف الواحد ممنوع العربية".

يتساءل المتحدث، ماذا ينتظر وزير التعليم العالي حتى يوفد لجنة تحقيق في هذا العبث والهراء؟ هذه الاستفزازات المقصودة والمتكررة ماهي إلا رسالة للتيار المحسوب على فرنسا أنهم ضد اللغة العربية، على حد قوله.

أما أستاذ الإعلام والاتصال نصر الدين مزاري فقال "بعيدًا عن فكرة اللغة الفرنسية، ألهذه الدرجة، يُصاغ الامتحان بهذه البساطة والسهولة وبدون صياغة علمية أو إشكالية جوهرية؟، ما طُرح، يمكن أن يجيب عليه المترشح في أقل من 15 دقيقة.."

وأضاف مزاري قائلًا "معنى هذا أنه من تجيد التعبير بالفرنسية، يمكنك الإجابة على سؤال الامتحان في 15 دقيقة".

وبدوره يتفق الاستاذ المحاضر بكلية الاعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3 الدكتور أحمد عظيمي مه هذا الرأي، وعلق على الأسلوب الذي صيغ به سؤال الامتحان "أهذا هو المستوى باللغة الفرنسية؟ خليكم في العربية أفضل لأنكم ستضحكون عليكم آخر أفريقي فرانكوفوني".

بعد الضجة التي أثيرت حول الامتحان، سارعت جامعة بجاية  إلى إصدار بيان تحاول فيه التبرير للضجة التي تسببت فيها بسبب تفضيل الفرنسية على العربية في سؤال الامتحان.

وقالت الجامعة إن كلية العلوم الانسانية والاجتماعية لجماعة عبد الرحمان ميرة ببجاية "تتأسف" عما أسمتها (حملة مغرضة) شنتها بعض الأطراف على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب تنظيم مسابقة الدكتوراه الطور الثالث في علوم الإعلام والاتصال، وخاصة فيما يتعلق بلغة امتحان مادة منهجية البحث".

وأضاف بيان الجامعة أن "هدف هذه الحملة هو ضرب مصداقية مسابقة الدكتوراه"، مضيفة أنه "تم توفير كل المستلزمات لإجراء المسابقة في ظروف جيدة من حيث الاستقبال والتنظيم، في ظل احترام القوانين والنصوص التنظيمية السارية المفعول".

 وأوضح البيان ذاته أن "لجنة الدكتوراه في علوم الإعلام والاتصال قامت بصياغة الأسئلة بلغة التدريس المعمول بها في الجامعة، وتمت قراءة الأسئلة باللغتين العربية والفرنسية لجميع المترشحين، حتى يتسنى لهم فهم الأسئلة والإجابة عنها باللغة التي يفهمها المترشح، وتمت عملية التصحيح حسب اللغة التي اختارها المترشح وفقا لنموذج الإجابة المعدّ باللغتين.

غير أن أحد المشاركين في المسابقة التي رفض الكشف عن اسمه أكد لـ "الترا جزائر"،  قال إن ترجمة الأسئلة باللغة العربية لم تتم بكل الأقسام التي أجريت بها المسابقة، وهو ما دفع بعض المترشحين إلى مغادرة قاعة الامتحانات بسبب عدم شرح الأسئلة لهم.

خارج السرب

يذكر أن جامعة بجاية لا تصنف ضمن الجامعات الجزائرية الخمس الأولى، بالرغم من تحجج إدارتها منذ سنوات بالالتزام بالفرنسية لغة للتدريس لمختلف التخصصات سواءً الاجتماعية أو العلمية والتقنية.

وحرصت الحكومة في السنوات الأخيرة على التوجه نحو استبدال الفرنسية بالإنجليزية مستقبلًا في مجال التعليم، وذلك بالشروع في تعليمها في الطور الابتدائي ابتداء من السنة الدراسية الحالية، وتشجيع تقديم مذكرات التخرج بالجامعات بالإنجليزية بدل الفرنسية.

حرصت الحكومة في السنوات الأخيرة على التوجه نحو استبدال الفرنسية بالإنجليزية مستقبلًا في مجال التعليم

وسواءً كان الجدل الذي وقع بشأن امتحان تخصص الاعلام بجامعة بجاية عفويًا، أو متعمدًا كما تقول الجامعة، فإن تفادي هذه المواقف التي قد تتسببا أحيانًا في غضب على مستوى الرأي العام ينطلق من سن قوانين واضحة قابلة للتطبيق تلزم باستعمال اللغة الوطنية من قبل الجميع وفي كل الإدارات مهما كانت المبررات والحجج.