21-سبتمبر-2021

ساحة "لعواد" بحي باب الواد بالعاصمة (Getty)

يُعتبر القطاع السياحي من بين أهمّ القطاعات التي مسّها الكود في رقم الأعمال والإيرادات بسبب تداعيات الأزمة الصحية، ورغم تسارع عمليات التلقيح على المستوى المحلّي والعالمي، غير أن مؤشرات تَكيُف القطاع السياحي مع الوضع ما تزال تدرك تأخرًا في انتعاش الحركة السياحة، ويَعدُ غلق الحدود الجوّية والبرّية والبحرية أمام حركة التنقل الأشخاص من بين أهم العوامل التي تقف حاجزًا أمام بعث النشاط السياحي.

الأمين العام الفيدرالية لمتعاملي الفندقة: القطاع السياحي سجل إفلاس 1200 مرفق فندقي وغلق 4000 وكالة سياحية

إفلاس الجوية الجزائرية

في هذا السياق، قال وزير النقل عيسى بكاي، إن خسائر شركة الخطوط الجوية الجزائرية في أعقاب تفشي جائحة كورونا قاربت 40 مليار دينار، وعلى رغم من عودة النشاط التجاري الجزئي، إلا أن الوضعية المالية والاجتماعية للمؤسّسة مرشّحة إلى التدهور.

اقرأ/ي أيضًا: احتفالات رأس السنة.. موسم الهجرة إلى الصحراء الجزائرية

إلى هنا، تناول اجتماعٌ حكوميٌ بحضور إطارات من وزارة النقل وإدارة شركة الخطوط الجوية الجزائرية عرضًا تضمن وضعية الشركة على الصعيد التنظيمي والعملياتي، وكذا التوازنات المالية التي تراجعت بفعل جائحة كورونا، ونظرًا للصعوبات المالية طالبت الإدارة بمساعدات مالية من طرف الدولة للحفاظ على المكسب الحيوي، كما جاء في بيان وزارة النقل.

وأقرّ البيان أن الأعباء الكبيرة التي تتحملها الشركة قالت "غير قابلة للتقليص" مثل كتلة الأجور وصيانة الطائرات والمصاريف بالعملة الصعبة في الخارج تهدّد نشاط النقل الجوي.

أزمة إدارة وتسيير

من جانبه، وتعقيبًا على طلب الدعم من طرف شركة خطوط الجوية الجزائرية، قال سليمان ناصر، الخبير الاقتصادي، إن كتلة الأجور للشركة حوالي تسعة آلاف عامل، بينما هي تحتاج إلى ثلاثة آلاف موظف وعامل فقط، وأضاف أن الشركة لم تستثمر في مجال توسيع أسطولها الجوي ووجهاتها العالمية لتكتفي بـ 50 وجهة فقط.

وأشار المتحدّث إلى أن التراجع في ربحية المؤسّسة أضعف قدراتها على الاستثمار الذي تتطلبه المنافسة في السوق، موضّحًا أن الغلق الجوي والحجر الصحي العالمي أثّر كثيرًا على الشركة لكن الأزمة تتعلّق بسوء التسيير والإدارة.

جدير بالذكر، أنّه عند بداية السنة الجارية، أنهى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مهام وزير النقل والمدير العام للخطوط الجوية الجزائرية لموافقتهما على استيراد سلع تتصل بـ "خدمات الاطعام" من الخارج وبالعملة الصعبة، رغم الوضعية المالية الصعبة وتوقف النقل الجوي التجاري.

في سياق الموضوع، قال عياش سليم، الأمين العام الفيدرالية لمتعاملي الفندقة، إن قطاع السياحة أصبح "قطاعًا منكوبًا"، وكشف عياش في حديث لـ "لتر جزائر" أن القطاع السياحي سجل خسائر تمثلت في إفلاس 1200 مرفق فندقي، وغلق 4000 وكالة سياحية، مضيفًا أنه بسبب الإفلاس تم إحالة مليون ونصف عامل وموظف على البطالة، كان القطاع السياحي يوظفهم بشكل مباشر وغير مباشر، إضافة إلى خسائر تتعلق بالجباية والضرائب واشتراكات التأمين وانعكاسات الاجتماعية للعمال المفصولين، وحذّر المتحدث من تبعات المواصلة في تجاهل القطاع الخدماتي والسياحة ودوره الحيوي في الانتعاش الاقتصادي.

في إطار المقترحات الموجّهة لقطاع السياحة في الجزائر، دعا عياش إلى الإسراع في مراجعة عميقة لقانون الاستثمار خاصّة في مجال العقار السياحي وتبسيط الإجراءات الإدارية، ملحًا على ضرورة استرجاع العقار السياحي الذي لم يتم استغلاله، وتوزيعه على متعاملين من القطاع، معيبًا في الوقت نفسه على الوكالة الوطنية للسياحة التي لا تحتوي في صفوفها متعاملين ميدانين في مجال الفندقة والسياحة والوكالات.

يرى المتحدّث أنه على السلطات أن تضع مخططًا استعجاليًا لإنقاذ ما تبقى من وكالات سياحية وفنادق في إطار الاقتصاد التشاركي والتضامني، مبرزًا ضرورة تعديل قانون 02/03 الذي ينص على تسيير الشواطئ يكون من صلاحيات للبلدية، ويدعو هنا، إلى "وضع المساحات الشاطئية تحت تصرف محترفين ومتعاملين اقتصاديين بدل البلطجة والسوق الموازية، وإلغاء الضريبة على استيراد المواد الفندقية من طرف المتعاملين في مجال الفندقة، والتي بلغت 60 في المائة من تكلفة البضاعة".

يتساءل عياش سليم في سياق آخر، عن دوافع استمرار تعليق رحلات العمرة مقارنة بما يجري  في دول الجوار، ويعلّق هنا، أن الحكومة تحاول تنشيط السياحة الداخلية، لكن "الوكالات بحاجة إلى قروض مالية لإعادة تنشيط السياحة والمرافق الفندقية التي هجرها السواح منذ سنتين تقريبًا".

تجارب قاسية

مع استمرار الأزمة الصحّية، لم يصمد فندق ماريوت الواقع ببلدية باب الزوار شرق العاصمة أمام إجراءات الحجر الصحي المفروضة بسبب فيروس كورونا، هنا، يقول عميروش أحد عمال الفندق المحال على البطالة في نيسان/أفريل 2020 بسبب تبعات الإجراءات الجديدة، ويعترف المتحدّث أن ما عاشه خلال تلك الفترة يَعدٌ من أسوأ التجارب في حياته.

صُدم عميروش بقرار فصله عن العمل دون إشعار من الإدارة، بحسب أقواله، وتابع أن الصدمة كانت أشدّ على أرباب العائلات من رجال ونساء، حيث أن إدارة الفندق أنهت عقد 150 عاملًا دفعة واحدة، ليشمل قرار الفصل عمّال آخرين فيما بعد، ويعلّق هنا إنّه "لن يفكر أبدًا في العودة إلى قطاع الفندقة، خوفًا تكرار التجربة مرة ثانية".

خسر آلاف العمال الجزائريين خلال الأشهر الماضية مناصب عملهم أو جزءًا من رواتبهم بسبب تراجع القطاع السياحي والخدماتي

خسر آلاف العمال الجزائريين خلال الأشهر الماضية مناصب عملهم أو جزءًا من رواتبهم بسبب تراجع القطاع السياحي والخدماتي، وتُحاول الحكومة عبر مخطط العمل إيجاد حلولًا لإعادة تنشيط السياحة الداخلية وجلب السواح إلى الداخل، لكن واضح أنها إجراءات ترقعيه تكشف أن نظرة للقطاع السياحي ما تزال ثانوية وهامشية في المنظومة الاقتصادية للبلد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 لماذا يتدفّق الجزائريون إلى تونس؟

الجزائريون يحجون إلى تونس بحثًا عن وصفة الشفاء!