26-فبراير-2023
كاسنينغ

مشهد من الفيلم القصير "إعدام" للمخرج يوسف محساس (الصورة: فيسبوك)

الكاستينغ".. أحد العناصر المهمّة والاحترافية لإنجاز فيلم أو مسلسل، إلى جانب السيناريو، التصوير، الإضاءة، الإخراج.. وغيرها، باعتباره وسيلة لاكتشاف مواهب التمثيل وإجراءٍ عملي يُتيح لها الفرصة للظفر بدور معين، لكن تُثار نقاشات حول مدى اعتماد المخرجين الجزائريين عليه في اختيار الممثلين قبل الشروع في تصوير أي عمل سينمائي أو تلفزيوني.

الممثل سيد علي رباحي: الصناعة التلفزيونية سيطرت عليها الحالة التجارية في اختيار الأدوار لأي عمل تلفزيوني

يعود الحديث والنقاش مع اقتراب شهر رمضان المبارك وبداية رفع الستار عن خارطة الأعمال الفنية الدرامية والكوميدية، التي ستدخل السباق الرمضاني، حول "الكاستينغ"، ويطرح متابعون أسئلة بهذا الشأن من قبيل لماذا لا يلجأ المخرجون والمنتجون إلى "الكاستينغ" لاختيار الممثلين ولماذا ينظم دون ضجة ولا يعلن عنه في كثير من المناسبات؟، هل كل المشاركين في الأعمال الرمضانية أو السينمائية قاموا بتجارب الآداء؟، كيف جرى اختيار بعض "المؤثرين" على منصات التواصل الاجتماعي للظهور على شاشة رمضان 2023؟ هل كان ذلك بناء على "كاستينغ"؟.. وغيرها من الأسئلة التي تظلّ عالقة في أذهان الجمهور والفاعلين في الوسط الفني.

"الترا جزائر" فتح هذا الموضوع المثير للجدل مع أهل المهنة، من أجل تقريب وتوضيح الصورة عبر إجابات تشرّح مكامِن اللُبس.. وهل "الكاستينغ" في الجزائر موجود فعلًا؟ ولماذا لا يتم اللجوء إليه في بعض الاستثناءات والحالات؟.

صلاي: الكاستينغ بالجزائر لانتقاء ممثلين "كومبارس"

وفي الصدد يرى المخرج عبد الباقي صلاي أنّ "الكاستينغ في الجزائر ربما يختلف عن (الكاستينغ) تجارب الآداء التي تنظم في دول العالم بما فيها بلدان العالم العربي."

وقال صلاي إنّ "الكاسنيغ يبقى أهمّ شيء في العمل الفني سواء كان في أفلام السينما أو المسلسلات التلفزيونية، وفي الجزائر يقام الكاستينغ من أجل انتقاء ممثلين غير معروفين، وجوه جديدة، تؤدي معظمها أدوار "كومبارس"، لم يسبق لبعضها ربما التمثيل أو ظهرت في أدوار مع مخرجي معروفين."

وأضاف صاحب مخرج فيلم "بوالصوف.. أسطورة المخابرات الجزائرية" أنّه "في بعض الحالات يمكن للمخرج أن يكون لديه تصور ورؤية مسبقة عن موضوع وقصة فيلمه أو المسلسل الذي يعكف على التحضير له، لذلك يختار ممثلين دون كاستينغ."

وفي السياق ذاته "الشخصية التي يريد ضمّها لإنجاز عمل معين يرى أنّها تتوفر على الشروط التي يراها فيها، ويراها تناسب موضوع عمله، وتقدّم له الإضافة ولو أنّها لا تملك خبرة في التمثيل، فيتوجه ويتصل بها مباشرة للمشاركة في عمله الفنّي دون المرور على مسابقة الآداء."

وأشار هنا إلى أنّ "المخرج في هذه الحالات يضع ثقته في الشخصيات التي اختارها دون "كاستينغ"، لكن غالبًا ما يقدّم بعض المخرجين مساعدة لهذه الوجوه من خلال إدارتها بالشكل الصحيح أمام الكاميرا وتأدية الدور."

رباحي: التمثيل تحتكره فئة معينة 

بالمقابل الممثل سيد علي رباحي يعتبر أنّ "التمثيل أو الإنتاج التلفزيوني بالجزائر، تحتكره فئة معينة تحت عنوان "شهرني ونشهرك" (روّج لي وأروّج لك) ولا وجود لثقافة "الكاستينغ"."

وقال سيد علي في حديثه لـ"الترا جزائر": "للأسف تجد الوجوه نفسها تؤدي شكليًا "الكاستينغ"، وتجد الأفكار نفسها، وعندما انتصرت المصلحة الخاصة، الناس ملّت من الإنتاج الارتجالي."

وأضاف المتحدث :"ويئِست من نفس الوجوه أيضًا، 90 بالمائة للمصلحة الشخصية والخاصة فقط، وهذا على حساب المصلحة العامة."

واستطرد قائلًا: "ضاعت السينما الجزائرية، وضاعت الصناعة التلفزيونية، وتبقى الحالة التجارية هي المسيطرة في اختيار الأدوار في أي عمل تلفزيوني قيد العمل."

وبحسب رباحي "المحسوبية تظلّ أيضا تطغى على الوسط الفني في بلادنا، وبالتالي الأعمال المقدمة أو التي ستقدّم ستبقى غير مدروسة وذات مضمون ضعيف ورديء."                                                                                             

اختيار مباشر

وفي حوار نشره "الترا جزائر" قبل شهرين مع المخرج السينمائي يوسف محساس، تحدث الأخير عن تجربته في اختيار ممثلي فيلمه "سيعود" الذي يتناول عبر أحداثه العشرية السوداء من منظور إنساني بعيدًا عن لغة الرصاص والدم، وقال بخصوص اختياره لبطلي العمل سليمان بن واري وسهى ولهى هل قاما بـ"كاستيغ" أم لا؟: "صاحب العمل عندما يكون هو المخرج وكاتب السيناريو، أكيد لديه نظرة قبلية، فيستهدف شخصيات الفيلم وأبطال فيلمه، لم أقم بكاستينغ، بل اخترتهما مسبقا، وكان ذلك مدروسًا بشكل جيد".

وأردف قائلا:" مثلا سهى ولهى بوجهها البريء وطيبتها رأيت أنّها تقوم بهذا الدور على أكمل وجه (دور فيروز)، وبالنسبة لسليمان بن واري فهو متمكن ويستطيع الانتقال من شخصية إلى شخصية ومن مشهد إلى آخر بسلاسة وتجسيد أي دور."

وبغض النظر عن فلسفة ورؤية كل مخرج في صناعة عمله وأنّ "الكاستينغ" يعدّ إحدى الوسائل المناسبة التي تمنح من خلالها فرص متساوية لجميع المواهب بعيدًا عن الشُهرة أو الخبرة في التمثيل... إلخ، تبقى هذه العملية نقطة خلاف حقيقية وغير معتمدة بصورة كبيرة في الجزائر، وتبقى طرق تنظيم "الكاستينغ" وبرمجته يشوبها نوع من الغموض الأمر الذي يفتح المجال أمام الانتقادات والتأويلات بشأن عدم المشاركة فيه أو عدم الإعلان عنه.